Facebook Pixel
2131 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

سورة آل عمران هي سورة جبر الخواطر بامتياز, لكن جبر الخواطر هذا لا يكون بكلمات ترضية ومواساة كما تعودنا من جبر الخواطر أن يكون

سورة آل عمران هي سورة " جبر الخواطر" بامتياز.
لكن جبر الخواطر هذا لا يكون بكلمات ترضية ومواساة كما تعودنا من جبر الخواطر أن يكون...بل تفعل السورة ذلك ذلك عبر تزويد خاطرك المكسور بجبيرة وعي، تخرجك من لحظة الانكسار الراهنة إلى "الصورة الكبيرة" التي قد تغيب عن أذهاننا لحظة ألم الانكسار والمعاناة....تشير لك السورة أن تتجه إلى " أم الكتاب" وتعرض عن المتشابه الذي يشوش عليك..وتذكرك بأن نهاية القصة هي في يوم " لا ريب فيه" وليس في أيام عابرة مهما كانت مؤلمة..تقول لك السورة أن الفصول تتغير ، والدوائر تدور، وأن ما يبدو منتصرا عزيزا في مرحلة ما قد ينتهي خاسرا ذليلا في نهاية المطاف...تقول لك السورة أن شهوات الحياة مباحة وجميلة، لكن لا تكسر نفسك بأن تحصر نفسك فيها، فثم ما هو أكثر من ذلك في هذه الحياة..تقول لك أن المحك هناك في أفق أبعد لكنه حقيقي..ستنبهك إلى دوران العالم بين الناس ..مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء..يعز من يشاء ويذل من يشاء..فلا تغتر كثيرا بعزك فهو عابر...ولا يحزنك عزهم فهو عابر كذلك..لا شيء يدوم من هذه الأمور...سيعرفك على أسرة بسيطة فقيرة، وامرأة تنذر طفلها القادم بعد طول انتظار..تبدو الأمور صعبة بالنسبة لها عندما يأتي الطفل أنثى...فليس الذكر كالأنثى...لكن جبر الخواطر يأخذ هذه الأنثى إلى مكانة غير مسبوقة بين العالمين...وتأخذك السورة مرة أخرى إلى شيخ يكاد أن يفقد الأمل في صبي له...لكن جبر الخواطر من جديد يحقق له ما بدا مستحيلا...تأخذك السورة إلى مريم وقد فهمت أنها ستلد من غير زواج ومن غير أن يمسها بشر...أي كدر و انكسار هذا الذي سيحدث معها...لكن جبر الخواطر يقودها إلى طريق آخر مختلف تماما..وسنرى مكرهم يحيق بابنها لاحقا...ولكن النهايات ستجعله فوقهم على نحو غير مسبوق..
وقد يكسر خاطرك أن ترى أهل الكتاب يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون..ولكن هذا يجب أن يذكرك أنه خطر محدق حتى بك ، بكل من يزعم أنه يحمل " الكتاب"..كل الطرق التي ضلوا عبرها هي طرق يمكن أن تضل أنت عبرهاأيضا...لذلك فخاطرك لا يجبر بأن ترى " نهاياتهم" بل بأن تعي أخطاءهم التي يمكن أن تقودك أيضا إلى نفس النهايات..في عز انكسارك سيقول لك أنك من خير أمة...لكن لن يتركك تستعمل ذلك كأفيون يخدرك عن واقعك..بل سيجعله جبيرة وعي: الأمر مشروط..فهل أديت شروطه؟
تأخذك السورة إلى أعلى لحظات عزك - إلى النصر في بدر- فيريك ما جعلك النصر تنساه...ويقول لك لقد كنت ذليلا، كسيرا.. لكن سارت الأمور إلى عاقبة أخرى مختلفة تماما..جبر النصر كسرك...يذكرك بأن العاقبة النهائية هي المهمة وأن من أهم طرق الوصول لها أن لا تنقلب على عقبيك...حتى لو قتل محمد عليه الصلاة والسلام ...
وتأخذك السورة إلى كسر كبير..إلى يوم أحد...فتربت على كتفيك كما لو أنك كنت هناك..إنه حال الدنيا..تتغير الفصول..تلك الأيام نداولها بين الناس..مرة لهؤلاء ومرة لأولئك...لكن لا سواء بالضرورة حتى لو تشابهت الظروف..فالمهم أن تكون العاقبة مختلفة...
تقبض عليك السورة في لحظة انكسار هائل...هوان وحزن..وتقول لك إنك الأعلى...
ثم مرة أخرى تجعل ذلك مشروطا...إن كنت مؤمنا..
*****
في حياة كل منا يوم بدر...وفي حياة كل منا يوم أحد...وجبل تم تحذيرنا منه...وطعنة مؤلمة في الظهر...وهزيمة موجعة مفجعة..وخواطر مكسورة...
ولكن، هناك أيضا سورة آل عمران...تأتيك لتجبر كسرك وتطيب جرحك وتمسح دمعتك...كان الصراع مريرا في " سورة البقرة"..ولا بد أنه تضمن كسرا ككسر يوم أحد...أو أيام أحد...لذلك تأتي بعدها سورة آل عمران..لتجبر ما كسر...
آل عمران يأتونك خصيصا ليهمسوا في أذنيك: هذا يحدث دوما..انظر إلى الصورة الكبيرة ..إلى العاقبة...
وتنتهي السورة بخطة بسيطة للخروج من كسر الخاطر: اصبروا وصابروا ورابطوا...
الصبر داخلي، بينك وبين نفسك، وقد يبدأ بهذا الوعي جبيرة الكسر، والمصابرة خارجية، تجاه الأمر المحيط بك..ولا يمكن أن يحدث ما لم يبدأ من الصبر...
والمرابطة مواجهة ما أودى بك إلى ما كسرك...

#القرآن_360_درجة
#أحمد_خيري_العمري
د.أحمد خيري العمري
نشر في 20 أيّار 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع