2468 مشاهدة
2
0
تأملات في سورة النحل من أروع ما يكون، سورة النحل هي سورة القواعد والسقف، لقد أضعنا فهم القواعد وفهم آليات البناء وحاولنا استيراد قواعد أخرى دون نجاح كبير
#القرآن_360_درجةسورة النحل هي سورة " القواعد والسقف"...
قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ
والقواعد هنا هي مجموعة من القوانين اللازمة لتماسك البنيان وثباته..عدم الالتزام بها يقود إلى أن يخر السقف...كنتيجة حتمية منطقية...
السورة تأخذنا أولا في قواعد بني الله على أساسها بنيان الكون والخليقة...كل نعم الله هي نعم موظفة من خلال قوانين أوجدها عز وجل لتيسر للإنسان حياته...تأخذنا السورة إلى الأنعام ومنافعها وسائل الركوب الأخرى المعروفة آنذاك ( وتفتح الباب لما لم يعرف آنذاك...ويخلق ما لا تعلمون)..وتأخذنا السورة إلى الماء النازل من السماء والشجر والنخيل والأعناب والثمار والبذور والشمس والقمر والليل والنهار والنجوم والبحر والفلك والنحل...وأيضا القائمة مفتوحة إلى ما لا نهاية " حرفيا " ...وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا...
كل هذه "النعم " تسير حسب القواعد التي قام عليها بنيان الكون الذي نعيش فيه...قواعد وضعها الله في خلقه...يمكن أن نسميها أيضا سنن وقوانين...لكنها قواعد أيضا..تقيم البنيان، وما دامت القواعد سليمة وغير منتهكة، فالسقف قائم في موضعه..يؤدي وظيفته..
قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ..
كيف يمكن أن يكون هناك مكر في هذا؟
المكر هو أن تعيش في كون بني على هذه القواعد، وتستثمرها لمنفعتك، ثم تعتقد بعدها أنك " خارج القوانين"..تعتقد أن كل ما حولك قائم على الخضوع لقوانين معينة لم تشارك في صنعها ولا قليلا ( تستثمر فيها لصالحك ) ولكن يصل الأمر إليك فتعتقد أنك خارج اللعبة وقواعدها وقوانينها....هذا مكر حرفي...
وهو ينتهي دوما نهايات سيئة..لأن الإنسان ( فردا ومجتمعا ) يحتاج إلى قوانين تنظم حياته..فإن لم يكن...فالسقف سيخر آجلا أو عاجلا...بشكل أو بآخر...القواعد " مضروبة"...والبنيان سيكون آيلا للسقوط، مسألة وقت..
الأمر بالضبط مثل أن تستخدم نظاما برمجيا معينا في مهمة محددة، ثم قبل أن تنهيها، تبدل النظام بنظام آخر مختلف تماما، والنتيجة؟ ينهار كل شيء...
وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا
بالضبط هكذا...
كل هذا الكون - من الشمس إلى النحلة وكل ما بينهما- قائم على قوانين وقواعد...أي منطق يجعل الإنسان لا يخضع لنفس مصدر القوانين والقواعد؟
أي منطق يجعل الإنسان ( منفردا ) بلا وظيفة كما لكل شيء وظيفة؟
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ .... هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
****
السورة كلها لم تأت على ذكر اسم نبي إلا إشارة واحدة لسيدنا إبراهيم عليه السلام..فقط سيدنا إبراهيم..
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ..
ليس صدفة....سيدنا إبراهيم هو الذي رفع القواعد....كما في سورة البقرة..
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ..
وهذه هي سورة القواعد والسقف...
******
اين نحن من كل هذا؟ من القواعد والسقف؟
لقد أضعنا فهم القواعد..وفهم آليات البناء...حاولنا استيراد قواعد أخرى دون نجاح كبير..
نحن في خيمة كخيم النازحين...لم نعد في البنيان الذي كان يفترض أن نكون فيه...ولم نجد من يقبل بنا بعد...
جزء كبير من هذا الذي نحن فيه، كان يعود لسوء فهم لديننا...وللكتاب الذي يفترض أن يساعدنا على البناء...
****
أتى أمر الله فلا تستعجلوه....
وكل آت قريب...
#القرآن_360_درجة
#أحمد_خيري_العمري
نشر في 29 أيّار 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع