Facebook Pixel
896 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

العدالة، تلك الحقيقة الثابتة المتأصّلة في نواميس هذا الكون، تتمثلُ بإقتصاص إلهٍ عادل لحقّ المظلوم من جبروت الظالم، ولكنّ عندما يكون التّخاصم مع الله؟

 

العدالة، تلك الحقيقة الثابتة المتأصّلة في نواميس هذا الكون، تتمثلُ بإقتصاص إلهٍ عادل لحقّ المظلوم من جبروت الظالم. حقّ لا لَبس فيه في خصوماتنا نحن البشر، كبشر!.
ولكنّ عندما يكون التّخاصم مع الله، هنا يأتي الردّ القاصم الذي لا تقوم لمتحدّي الذّات الإلهيّة فيه بعدها قائمة.
فمثلاً لنتحدّث عن مدينة طوكيو، التي تُعتبر في عصرنا، طفرة الحضارة البشريّةِ والمعاصرة على كوكبنا.
لوقتٍ قريبٍ فقط من عام ١٩٤٥م و في حقبة الحرب العالميّة الثانية، كان قد أعلن الإمبراطور الياباني الإستسلام على إثرِ جولةٍ جالها في المدينة، ليكتشف حجم الدمار الكبير الذي أودى على ٢٦٪‏ من مبانيها، أجبره على التّسليم قهراً.
ولا تبعد عنها مدينة ناجازاكي ومدينة هيروشيما التي كان تعداد سكانها ٩٠ ألفاً، مات منهم بفعل القنبلة الذريّة ٦٠ألفاً!.
و كان لمدينة لندن العاصمة البريطانيّة نفس المصير، فيكفي أن تجوب أحيائها لتلمح بعض آثار الدّمار في بعض العمارات في وقتنا هذا. كيف لا، و قد حازت لندن على لقب أكثر المدن البريطانية تدميراً بعد الحرب العالميّة الثانية. نتيجة الغارات الألمانية المتواصلة عليها على مدى ٥٧ ليلة، دمّرَ خلالها مليون منزل لندنيّ.
أمّا مدينة برلين الألمانيّة و التي هي من أكثر مدن العالم جذباً للسياحة في زماننا، هي عينها، و إلى زمنٍ ليس بالبعيد إبّان الحرب العالميّة الثانية، كانت قد فقدت ٨٠ ٪‏ من مبانيها، وقُتِل ٩ ملايين شخص في قصفٍ استمرّ على المدينة لمدة خمس سنواتٍ، أتى على بنيتها التحتيّة بشكلٍ سئ!.
مدينة أنهكتها الحرب والأمراض والجوع والفقر في ظلّ غياب حكومةٍ وطنيّةٍ تشرف على مشروع النّهوض من جديد.
الشعب الألماني هو من لمّ شعث آلامه و نهض وحده!. فقام الألمان هم أنفسهم بإعادة الإعمار وإعادة تأهيل منازلهم ومزارعهم وممتلكاتهم بنفقاتهم الخاصة.
وانتشرت ظاهرة ( نساء الأنقاض) أولئك النساء اللاتي فقدن أزواجهن في الحرب، فعمٓدن على جمع الحجارة السليمة من تحت الأنقاض للاستفادة من إعادة إعمارها، و كنّ مع أطفالهن يجوبون المدينة لتنظيف الشوارع من مخلَّفات الدّمار والأنقاض!.
لذلك ومن بين كل المدن التي نهضت بعد الحرب العالميّة، بقي لمدينة برلين جاذبيّة خاصّة، مدينةً أبٓت أن تغيّر ملامحها السابقة، و تمسّك السّكان بالشكل الإجماليّ للمدينة في شوارعها وجادّاتها و ساحاتها والتقارب العمرانيّ فيها. و لم يريدوا رؤية ملامح مدينة مختلفةٍ كليّاً عن تلك التي فقدوها. لذلك سمحوا للتمّدد والتوسّع الحديث، من شوارع عريضة، ومساحات شاسعة، أن تكون على الأطراف فقط، دون المساسِ بروح المدينة القديمة.
ما استعرضناه من مدن كانت لمدنٍ تناحرت فيما بينها، و تفاوتت الإدعاءات بين ظالمٍ ومظلوم. مدنٌ تعاركت، تحاربت، تدمّرت، ونهضت، والآن تصالحت!.
أمّا الحرب مع الله، هي الحربٌ القاصمةٌ القاضيةٌ الحاسمةٌ تماماً. لا يتثنّى لأصحابها أن يخبرونا بها. نحن ندركها ونعلمها..
إمّا بإخبارٍ إلهيّ من خلال آياتٍ تُتلى، أو مشاهداتٍ حيّة لصرعى وقتلى!.
فمن منّا لم يقرأ عن أقوام مديٓن ولوط وثمود الذين أُهلكوا بالصّيحة، فما نجا منهم مخبّراً. ( و ثمود فما أبقى).
و قوم عادٍ و هود الذين أُهلكوا بالريح.
وفئة بني إسرائيل الذين مُسِخوا وتغيّرت صورهم، ليس بفعل حربٍ مع بشرٍ أمثالهم أحالتهم لمبتوري أيدٍ و أقدامٍ ومفقوئي أعين، لا ..
إنَّما هي حربٌ مع الله مسختهم بتغيير صورتهم كليّاً. ( و جعل منهم القردة والخنازير).
ولنكون واقعيّين و بمشاهداتٍ واقعيّة، الآن وفِي وقتنا المعاصر، هناك مدينة كان لها نصيب تلك الأقوام من معجزة الهلاك.
إنّها مدينة بومباي الإيطالية، والتي تمّ العثور عليها بالصّدفة أثناء عمليات للحفر من أجل المياه.
مدينة كاملة فنِيتْ بسكانها المتحجّرين بفعل الرّماد البركانيّ الذي داهمهم بشكل مفاجئٍ، لدرجة أنّه لم يتثنى لأحدهم تغيير وضعه لفجأة الموت، فتحوّلوا لجثث متحجّرة في أقلّ من جزء من الثّانية!.
بومباي الآن مزارٌ سياحيّ للبعض، وعبرةٌ شاهدةٌ حيّةٌ للكلّ.
إنّها العدالة الإلهيّة، تقلّ عثرات البشر فيما بينهم، بأقوامٍ تتعارك ثمّ تتصالح، تنهار ثم تنهض، تميل للحرب ثمّ تجنح للسّلم، نختلف أعداءً ثمّ نعود أخوةً.
إِلَّا أعداء الله ومن أعلنوا الحرب مع الله، أولئك يُنفوا تماماً من أرض الله ولا تسمع لهم رِكزا، فلا مكان لمن يُنازِع ربّاً، أساس مُلكه قائمٌ على ميزان العدل.

مقالات الكاتبة قمر النجار
نشر في 09 حزيران 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع