سقطرى هي دار السعادة ويكفيك أن تُطالع صورها لتستوقفك فكرة هل هذه البقعة حقاً على كوكب الأرض!
يكفيك أن تُطالع صورها لتستوقفك فكرة هل هذه البقعة حقاً على كوكب الأرض!.
فما بالك إذاً بزيارةٍ لجزيرة ( سقطرى اليمنيّة) زيارةً تمنحك كلّ ذاك السّحر اللامتناه للتنوّعات الفريدة، تنسى عينك كلّ ما ألِفَتهُ من طبيعةٍ معتادة في محيطك المتكرّر، لتكتشف تشكيلاتٍ غريبةٍ لسواحل وأشجاراً وصخوراً.
جزيرة( سقطرى ) و التي تُعتَبر أكبر الجُزُر العربيّة، والتي تعني قديماً (دار السّعادة) هي أرخبيلٌ يمنيّ، مكوّنٌ من ستة جزُر يُجاورها ستّة جُزُر صخريّة، تقع جميعها في المحيط الهندي.
صُنّفت الجزيرة على أنّها أحد مواقع التراث العالميّ، كما رشحتها صحيفة (نيويورك تايمز) كأجمل جزيرةٍ في العالم.
كيف لا، و هي جزيرةٌ تُحاكي جُزُر الأساطير والأحلام، حيث يتنوّع فيها المناخ بين ثلاث مناخات سائدة:
•المناخ البحريّ الحار.
•المناطق الشرقيّة و تتميّز بالإعتدال الحراريّ.
•المناطق الغربيّة و تتميّز بالبرودة وبالضّباب الكثيف في فصل الخريف.
و يُميّز المشهد العامّ لجزيرة (سقطرى) شجرةً ذات ساقٍ ضخمةٍ، و كأنّها صمّمت بنَحتٍ هندسيّ غريب، و تُدعى( دمّ الأخوين) والتي تُعتَبر هذه الجزيرة موطنها الوحيد، و غيرها العديد من النباتات المتنوّعة تنوّعاً فريداً جداً، منها ٣٠٠ نوعاً نادراً، لا يتواجد في العالم.
كما تكثر فيها الطّيور بأعدادٍ هائلةٍ بين طيورٍ مستوطنةٍ و مهاجِرة، و هناك سبعة أنواعٍ من الطَّيْر لا يوجد إلّا في سقطرى.
بالإضافة لأعدادٍ غير متناهيةٍ من الزّواحف والحشرات، منها٨٠ صنفاً نادراً جداً.
و على شواطئها المتموّجة بشكلٍ غريبٍ، تُدهشك إستعراضات الدّلافين البديعة على السّواحل البرّاقة الصّافية.
و أمّا الأحياء البحريّة ففي بحارها الكثير من أنواع السّمك والجمبري والإسفنجيّات والصّدفيّات والطحالب والشّعاب المرجانيّة والتي ما زالت طبيعيّة تماماً.
و يعود تاريخ الجزيرة لأحقابٍ تاريخيّةٍ موغلةٍ في القِدَم، فقد كشَفت التّنقيبات الأثريّة فيها، أنّ الوجود البشريّ يعود إلى النّصف الثّاني من القرن الأوّل قبل الميلاد، و أكّد أحد أهمّ علماء الآثار أنّ تاريخها يعود إلى العصور الحجريّة، أيّ إلى ما قبل مليون و نصف المليون عام.
كما برز اسمها في عام ٥٠٠ قبل الميلاد بسبب إزدهار الطّريق التّجاريّ القديم والذي كان يُسمّى (طريق اللّبّان) وقد اشتهرت حينها ببخّور (النّدّ) و هو من أشهر و أفخر أنواع البخور، بالإضافة إلى الصَّبر السّقطريّ و هو من أجود أنواع الصَّبر.
و يذكر التّاريخ بأنّ هناك ثلاث صرخات استغاثةٍ صدرت من نساء لملوكٍ:
•أشهرها صرخة( وامعتصماه )من إمرأةٍ، دفعت الخليفة العباسيّ المعتصم لقيادة جيشٍ بأكمله لفتح عمّوريّة.
•الصّرخة الثانية لإمرأة صرخت (يا حجّاج أغثني) ففتح لأجلها بلاد السّند والهند.
•و ثالثها صرخةٌ أطلقتها الشّاعرة السقطريّة الزهراء، وجهتها للإمام (الصّلت بن مالك) إمام عُمان، و كانت على شكل شعرٍ ومن أبياتها:
ما بال صلتٍ ينام الليل مغتبطاً
و في سقطرى حريمٌ عُرضة النّهب
يا للرجال أغيثوا كلّ مسلمة
و لو حبوتم على الأذقان و الرُّكَب
حتّى يعود نِصابُ الدِّين مُنتصباً
و يُهْلِك الله أهل الجورِ و الرّيب
نعم إنها سقطرى الجزيرة العائمة على كمّ الخيال، لكنّها جزيرة الواقع، جزيرةٌ يمنيّة، هذا ما يُحدثنا التّاريخ، وتُثبِتها لنا، دراسةٌ حديثةٌ أُجريت في مجال تتبُّع تاريخ البشريّةِ، من خلال شريط الجينات الوراثيّة، والحمض النوويّ للبشر، تُظهرُ أنّ التّكوين الجينيّ اليمنيّ و الإفريقيّ ضعيفٌ جداً، لكنّه متطابقٌ تماماً مع التّكوين العربيّ، و لديه تشابه كبيرٌ مع الجينات الأوربيّة والقوقازيّة و بالتّالي فإنّ الجينات اليمنيّة هي الأقدم ممّا يجعلها أصلاً للبشريّة جمعاء.