لا يُمثِّل رأي الحكومة دائماً بالضرورة رأي الشعب، فللشعب أحياناً أو ربما غالباً رأي آخر، عندما ثار الشعب الأردني على الحكومة الأردنية لغلقها المعبر السوري وعدم السماح للفارين من الموت بالدخول
بعد هدوءٍ دام لمدة عامين على جبهة الجنوب، بدأ جيش النظام السّوري بدعمٍ من قوّاتٍ إيرانيّةٍ ومقاتلين من حزب الله اللبنانيّ، بشنّ هجومٍ واسعٍ على درعا و ريفها لفرض هيمنةٍ جديدةٍ لإيران على الأراضي السّوريّة، بالرّغم من أنه ولمدة عامين كانت تُسيطر على الجنوب فصائل معارضة تُعتَبرُ مقبولةً عالمياً و دولياً.
و يصدر القلقُ الأكبر لهذه الحملةِ من قَبَل الحكومة الأردنيّة، و ذلك لتدفّق أعدادٍ هائلةٍ من اللاجئين السوريّين إلى حدودِها،و قد يصل العدد إلى المليون إذا ما استجاب الملك عبد الله لاستغاثات ونداءات الفزعة.
و لا يُمثِّل رأي الحكومة دائماً بالضرورة رأي الشعب، فللشعب أحياناً، أو ربما غالباً رأي آخر.
و لأن درعا هي عبارةٌ عن قبائل و عشائر عريقةٍ واسعةٍ ممتدّةٍ، فهي تتّصل إلى حدّ كبير بعراقة عشائر الأردن و ذلك لقرب الحدود، فتكوّنت عبر التاريخ بينهم أواصر الرحم والقُربات والمصاهرة بالإضافة للمصالح الماديّة والتجاريّة المشتركة .
و وفقاً لذلك فقد أطلق ناشطون أردنيّون وسماً كان الأكثر تداولاً على التويتر( افتحوا الحدود #وبنقسم الخبزة نصين) مطالبين حكومتهم بإدخال أخوتهم السوريّين الفارّين من موتٍ محتّم.
و جاءت هذه الحملة بعد تصريحات وزير الخارجيّة ( أيمن الصّفدي) و رئيس الوزراء (عمر الرزاز) والذي يُعتبرُ هذا الأخير لاجئاً سورياً فرّت به عائلته من حماه السوريّة إلى الأردن إثر أحداث مجزرة حماه الشهيرة!.
فقد كانت تصريحاتهما شديدة اللهجة بأنّ الأردن لن يفتح حدوده، وهي منيعةً جداً و مُؤمَّنة بوجه اللاجئين.
و انتشرت الحملة انتشاراً واسعاً، واللّافت أنّها لم تكن بإشراف منظماتٍ أو جهاتٍ معيّنة، إنَّما كانت ردّة فعلٍ شعبيّةٍ بحتة، بدأت بتغريدات بعض الشباب الأردني، أتبعها حملةٌ واسعةُ النِّطاق.
جاءت التّغريدات مؤكّدة على أنّ إغلاق الحدود في وجههم هو مشاركةٌ فعليّةٌ في قتلهم، و ردّ النّاشطون على حجج الحكومة في تردّي الوضع الإقتصادي للأردن، بأنّه لا مبرّر لإغلاق الأبواب في وجه من يستجير بالله ثمّ فينا، و هم قد عهِدونا بما جُبِلنا عليه من قبائل وعشائر من النشامى لا تردّ ضيفاً أو مستجيراً أو من تقطّعت به السُبل، لذا أدخلوهم ( وبنقسم الخبزة نصين)
و من أبرز التغريدات:
(لو الأردن سكّر أبوابه لأبو عمر الرزاز ماصار اليوم عنّا رئيس وزراء# افتحوا الحدود)
(من كان أصدقاؤه كأصدقاء الشعب السوري فهو ليس بحاجةٍ إلى أعداء# افتحوا الحدود)
(لكل إنسان الحق من أن يهرب من مناطق الحروب واللي بيسلبه هالحق شريكٌ في قتله #افتحوا الحدود)
( افتحوا الحدود فأهل حوران امتدادنا العائلي والعربي والإنساني)
( افتحوا الحدود عشان الله يفتح عليكم، و ارحموهم عشان الله يرحمنا)
( افتحوا الحدود مش عشان بيوم من الأيّام يصير فينا مثلهم! لا والله)
(ليكون مفكّرين درعا والرمثا ببلدين منفصلين يا أهل الحقوق الإنسانيّة والمدنيّة والحريّة #افتحوا الحدود)
( أطفال سوريا بيشبهوا كل الأولاد و زي ما بنخاف على أولادنا، أهاليهم بتخاف عليهم و دمهم غالي #افتحوا الحدود)
( بيحكوا كأنّو الأردن قبل الثورة السوريّة كان سويسرا و زمن اللاجئين صار الصومال!.# افتحوا الحدود)
(نتقبّل الفشل الإقتصادي والسّياسي، لكنّنا لا نتقبّل الفشل الإنساني والأخلاقي، فقرنا وضعفنا لن يُنسينا جوهرنا #افتحوا الحدود)
( أنا أتبرّع أن أستضيف عائلة من خمسة أفراد من أهل درعا هم ضيوف وليسوا لاجئين #افتحوا الحدود)
( أنا أردنيّة و إغلاق الحدود لا يُمثّلني، أنتم أخوة لنا و بيوتنا مفتوحةً لكم، و نقول لأصحاب القرار في وطننا، احفظوا ما تبقّى من إنسانيتكم و#افتحوا الحدود)
( صح الأردن استقبلت ما يزيد عن حصّتها من اللاجئين، لكنّ الموضوع فيه موتٌ وحياة، و هُنَا تسقط كلّ الأرقام والاعتبارات)
(ما من امرئٍ يخذل إمرأً مسلماً، عند موطنٍ تُنتهك فيه حُرمته، و يُنتَقصُ فيه من عِرضه، إِلَّا خذله الله عزّ وجلّ في موطنٍ يحبّ فيه نصرته.
و ما من امرئٍ ينصر مسلماً في موطنٍ يُنتَقصُ فيه من عِرضه، ويُنتهك فيه من حرمته، إِلَّا نصره الله في موطنٍ يحبّ فيه نصرته)
حوران درعا، هي جارة دمشق و السويداء و الأردن و فلسطين، الأرض الخصبة في كلّ شيئ، منها تُجنى الجذور الأولى للمحاصيل الزراعيّة والجذور الأولى للنخوة والشجاعة والكرم العربيّ الأصيل، و الجذور الأولى لثورةٍ نبتت و أُريدَ لها أن تُقتَلعَ وتُكسرُ رمزيّتها و مهد شرارتها درعا.