لعشاق القهوة، فهي ليست مشروب طبيعي لدى العرب بل بمسابة النبيذ فعند أول رشفة تسافر إلى عالم آخر
عُرِفت القهوة بنبيذ العرب، لأنّ أوَّل رشفةٍ منها سافرت للعالم، كانت إنطلاقتُها من بلاد العرب المسلمين الذين اكتشفوها وروّجوا بيعها وتصديرها إلى كافة أنحاء المعمورة، و خرجت تحديداً من اليمن من ميناء المُخا البحري حيث ساهم البحَّارة الإيطاليّين وغيرهم في تعريف أورُبَّا بهذا المُنْتَج النادر، وإلى الآن ما زال أرقى أنواع القهوة يسمّى ( آرابيكا) نسبةً للعرب،و أرقى أصنافها تسمّى ( موكا) نسبةً إلى ميناء المُخا، و بالتالي لا زال اليمن متربعاً على عرش أجود أنواع البنّ في العالم!.
بدايةً لم يتقبّل المسيحيّون بشكلٍ خاصّ مادّة القهوة بأمرٍ من الفاتيكان بعدم تداولها لأنّها مرتبطةٌ بالمسلمين، و لكن سرعان ما انتشرت في كامل أوربا، حتّى أنّ الكثير قد استبدلوا شرب الخمر باحتسائها، فكان أوَّل مقهى في إنكلترا عام١٦٥٢م.
و يتزايد انتشارها يوماً بعد يوم حتّى باتت في يومنا هذا السّلعة الأكثر مبيعاً وتداولاً في العالم بعد النّفط!.
و أكثر البلدان استهلاكاً للقهوة هي فنلندا التي يصل متوسط استهلاك الفرد الواحد سنويّاً ١٤٠٠ فنجاناً. وباتت تُزرع في أكثر من سبعين دولةً. ويصل بعضها إلى أسعارٍ خياليّة، و أغلاها على الإطلاق قهوة العاج الأسود التي تُستخرج من روث الفيلة، فيقدّر سعر الكيلو الواحد ١٨٨٠ دولار!. ويعود سبب غلاء سعرها لأنّ الفيل يتناول ٣٣ كيلو من البنّ ليعطي كيلو واحد فقط. لأنه يمضغ ويكسّر الباقي!.
( حين أغلي قهوتي، أعرف أن هذا الوقت يُشير إلى أَنِّي بخير) فهي تحمي من الإكتئاب وذلك بتحفيز الهرمونات المسؤولة عن المزاج وعلاج الصداع وإبطاء نمو الخلايا السرطانيّة وتخفيض الوزن وحرق الدهون وزيادة النّشاط الحركي وتنشيط الدّماغ أيضاً، كما أنها تحمي الأسنان من التّسوّس لاحتوائها على مكوّن يمنع تشكّل الرّواسب على الأسنان، و لها فوائد جمّةٍ للبشرة، فهي تبيّضها وتُقشرها وترطبها وتعطيها نضارةً عاليةً.
و لكن كما هو متعارفٌ عليه من الأضرار المترتّبة على الإفراط في تناول أي شيء، فللقهوة أضراراً لمرضى القلب ، وكثرتها يسبب ضعفاً في الشهيّة و اضطراباً في الجهاز الهضميّ، ومُسبباً أساسياً للأرق الدائم.
و يُمكن التقليل من مضارّها باستخدام حبوبها طازجةً، وكلّما كانت القهوة فاتحةً تزيد نسبة الكافيين فيها فيُنصح بالقهوة الغامقة أكثر، و يجب غليها إلى درجة غليان الماء ويفضّل أن يكون ذلك في وعاءٍ من الزجاج الحراريّ بدلاً من النّحاس و المعدن لتحصل على قهوةٍ صحيّة تماماً.
البنّ تلك الشجرة الدائمة الخضرة بثمارها الحمراء شبيهة الكرز التي تُجنى وتُحمّص وتُغلى لتصل إليك صديقة صخب السعادة، رفيقة طقوس السّكون.
وصفها نزار قبَّاني بقوله:
( القهوة عجوزٌ معمّرة لها أحفادٌ بررةٌ يقبّلونها كلّ صباحٍ ومساءٍ..و أنا أكثرهم بِرّاً بها ).