Facebook Pixel
كيف يمكننا أن ندخل في العالم الداخلي للرسول عليه الصلاة والسلام؟
1087 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

إذا تمعنا تماماً في سورة القلم فنجد أنها نافذة على العالم الداخلي للرسول عليه الصلاة والسلام في الفترة المبكرة الحرجة

هل يمكننا أن ندخل في العالم الداخلي للرسول عليه الصلاة والسلام؟
نعرف كيف كان يفكر ويشعر في الداخل؟
القرآن يمكننا من ذلك. في بعض المواضع...
تمنحنا سورة القلم مثلا - وهي من أوائل السور المكية- نافذة على العالم الداخلي للرسول عليه الصلاة والسلام في تلك الفترة المبكرة، الحرجة.
مطلع السورة وآياتها الأربع الأولى ينسجم تماما مع ما يمكن أن يكون يحدث في نفسه عليه الصلاة والسلام...
مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)
كان عليه الصلاة والسلام قد قال لخديجة رضي الله أنه خشي على نفسه، فيما يفهم أنه خوف من أن يكون قد مسه عرض من جنون ( كما نقل ابن حجر ذلك في فتح الباري، ضمن أقوال أخرى)
أي شخص " عاقل" يمر بما مر به الرسول من تجربة وحي، كان سيفكر بالشيء ذاته...هل أصابه سوء؟
هذا هو رد الفعل "الطبيعي" لشيء خارق لا يحدث إلا نادرا جدا في تاريخ البشرية.
أي رد فعل آخر، يتصرف مع شيء مشابه كما لو كان أمرا طبيعيا، سيكون رد فعل غير طبيعي، مفتعل، ويستحق التفحص.
الرسول خشي على نفسه وأسر بذلك لخديجة ونقل الأمر لاحقا للسيدة عائشة رضي الله عنهما.
الوحي الذي نزل عليه بعد هذا كان يقول له، لست بمجنون. لا يساورك لحظة أن ما مر بك كان وهما. كل ما مررت به كان حقيقة. وكل ما تشعر به وتخشاه في أعماقك وتسر به بهمس لزوجتك يعرفه منزل الوحي.
الوحي، يمسك بتلابيب قلب محمد، كما لو كان ينظر له عينا بعين، ويقول له: لست بمجنون.
ليس هذا فقط...الوحي لا يزيل الخشية من هذا فقط، بل يقول له أن ثمة " أجر كبير" لاحق لهذا الحمل الثقيل. الحمل الثقيل أصلا نعمة. رغم ما يبدو من صعوبته، إلا أنه نعمة كبيرة، وسيتبعها أجر كبير، غير ممنون...مكانة كبيرة...
الوحي إذن يعمل معه عليه الصلاة والسلام كما يلي:
أولا يزيل شعوره السلبي – أو بقاياه – بأن ما مر به ربما كان عارضا من أعراض الجنون.
ثانيا- يثبت شعورا إيجابيا بديلا: الأمر نعمة. ثمة أجر غير ممنون.
ثالثا- يذكره عليه الصلاة والسلام بقيمته هو، حتى بمعزل عن الوحي، يذكره أن تقييمه لذاته يجب أن يبقى مرتفعا جدا لأنه ببساطة على " خلق عظيم".
كما لو أن الوحي هنا يذكره عليه الصلاة والسلام أن اختياره لهذه المهمة، لهذا الحمل، لهذه النعمة، لم يكن عشوائيا، بل كان على أساس هذه الأخلاق العظيمة التي بذل محمد عليه الصلاة والسلام جهدا كبيرا من التنقية للوصول لها.
نفس ما فعلته سيدة الحكمة، السيدة خديجة، في تلك الليلة التي نزل فيها الوحي..يوم قالت له بشدة نافية شبهة الجنون: كَلَّا....فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ..إلى آخر ما قالت.
لكن هذه المرة الوحي هو الذي يقول له..
عينا بعين...في داخل قلبه.
******
من #السيرة_مستمرة بتصرف يسير
د.أحمد خيري العمري
نشر في 14 آذار 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع