Facebook Pixel
865 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

البحث عن قبول الناس ورضاهم يمكن أن يكون سببا في كفر البعض في فترة ما... ويمكن أن يكون سببا في شيء آخر تماما في ظروف أخرى

الكفر يتحرك أحيانا بدوافع نفسية قد لا تكون واضحة للعيان...
نتوهم كثيرا أن كفار مكة تصرفوا للدفاع عن مكاسبهم وتراث آبائهم دون وجود دوافع سلوكية نفسية غير واعية تتحكم في سلوكهم وتجعل البعض منهم أشد عداء من سواه ..
من هؤلاء عقبة بن أبي معيط...وهو الذي كان سفيها في عداوته للرسول عليه الصلاة والسلام وقام بأفعال كان بقية كفار مكة يحرضونه عليها لكنهم لا يفعلونها بأنفسهم ( مثل وضع سلا الجزور على ظهر الرسول أثناء سجوده - وكان التحريض من ابي جهل) ومرة أخرى لقي الرسول في فناء الكعبة فأخذ بمنكبه ولوى ثوبه في عنقه ليخنقه..حتى جاء أبو بكر وأزاحه...
كيف يمكن تفسير هذا العداء ؟ ولماذا كان عقبة دون سواه هكذا؟
لو تتبعنا القصص الواردة عنه لعرفنا أنه كان في البداية شديد اللطف مع الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن بقية ملأ قريش كانوا يؤذون الرسول بينما يتلطف عقبة معه...
وفي الروايات أنه كان كلما عاد من سفر أقام وليمة كبيرة لعودته ودعا الجميع..وفي مرة دعا الرسول عليه الصلاة والسلام فأبي الرسول أن يحضر المجلس..وقال له لن آتي المجلس إلا إن شهدت أن لا إله إلا الله...فقال عقبة الشهادة فقط لكي ياكل الرسول من طعامه...فانتشر الخبر أن عقبة قد اسلم ووصل لصديق ( خليل) مقرب منه هو ابي بن خلف...فقال له صبوت يا عقبة، فأكد له عقبة أنه لم يفعل ذلك إلا لكي يطعم من طعامه...فقال له أبي بن خلف: : مَا أَنَا بِالَّذِي أَرْضَى عَنْكَ أَبَدًا حَتَّى تَأْتِيَهُ فَتَبْزُقَ فِي وَجْهِهِ وَتَطَأَ عَلَى عُنُقِهِ. وكان هذا الذي فعله بالفعل...لماذا لكي يرضى عنه " رفيقه"..
( وقد نزل قرآن في هذه الواقعة ..: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا )
لكن قراءة كل هذه الروايات والأخبار عن عقبة بن أبي معيط سيدلنا على ما يلي..
عقبة بن ابي معيط كان لديه مركب نقص يجعله يرغب في إرضاء الجميع، لا يجد الرضا عن ذاته إلا عبر الحصول على موافقة الجميع، غالبا يحدث هذا نتيجة أسباب غائرة العمق في الطفولة.
لم يكن عقبة بن ابي معيط حليما إذن عندما كان يجالس الرسول ويلاطفه، كان فقط يتصرف بطبعه الذي يبحث عن قبول الناس له، كان يجمع ( قبولات) من الجميع حتى لو كان هذا يجمع بين تناقضات.
ولائمه التي كان يقيمها عندما كان يعود من السفر دليل آخر على ذلك، واضح من سياق نقل الخبر أن الأمر لم يكن معتادا عند أهل مكة، وأن تلك كانت عادته هو، كان يريد أن يجمع الناس ويولم لهم كي يحصل على رضاهم وقبولهم له...بل أنه كان مستعدا لقول الشهادة فقط ليحضر محمدا عليه الصلاة والسلام إلى الوليمة...أي شخص يحضر كان يعني بالنسبة له المزيد من الشعور بالأهمية والرضا عن ذاته.
وعندما أخبره رفيقه بأن قريشا لن " تقبله" إلا إذا سب وشتم بل وبصق على وجه الرسول عليه الصلاة والسلام، فأن عقبة وجدها فرصة لينال قبول قريش الجماعي عبر النيل منه عليه الصلاة والسلام...
لذا فقد فاق الكل في إساءاته للرسول عليه الصلاة والسلام...حتى أنه صار ينفذ ما يفكرون به من إساءات، بينما يتحرجون هم..
عقبة كان يتحرك ضد الرسول عليه الصلاة والسلام بضعف شخصيته...بضعف أناه وحاجتها إلى القبول...
بالضبط على العكس من أبي جهل....الذي كانت قوة أناه الزائدة عن الحد سببا في شدة كفره وعدائه...
*****
البحث عن قبول الناس ورضاهم يمكن أن يكون سببا في كفر البعض في فترة ما...
ويمكن أن يكون سببا في شيء آخر تماما في ظروف أخرى....

من #السيرة_مستمرة بتصرف يسير
د.أحمد خيري العمري
نشر في 29 آذار 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع