Facebook Pixel
992 مشاهدة
0
1
Whatsapp
Facebook Share

كان عليه الصلاة والسلام يريد حتمًا أن ينفرد بعمه أبي طالب في لحظاته الأخيرة، وكان يعرف تمامًا لماذا جاء أبو جهل لأبي طالب وهو على فراش الموت وأبو جهل يعرف مافي نفس محمد

....كان عليه الصلاة والسلام يريد حتمًا أن ينفرد بعمه أبي طالب في لحظاته الأخيرة... وكان يعرف تمامًا لماذا جاء أبو جهل لأبي طالب وهو على فراش الموت...ويعرف أيضا ماذا سيستخدم أبو جهل من مؤثرات على أبي طالب...
وكان أبو جهل أيضًا يعرف لماذا جاء عليه الصلاة والسلام، لقد سبقه إلى هنا كي يعكر عليه ما سيفعله...
قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "يَا عَمِّ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ"
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ"يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟"
لم يكن عبد المطلب مهمًا حقًا بالنسبة لأبي جهل... ولا ملته. ولا مصير أبي طالب.
كان المهم بالنسبة لأبي جهل هو أن لا ينتصر محمد هنا. أن لا يكسب جولة إضافية تضاف إلى سجل انتصاراته التي يحاصر قريشًا بها بالتدريج.
لكنه عليه الصلاة والسلام لا يلتفت إلي ما يقول أبو جهل...
فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ
كلمة واحدة يا عماه. كلمة واحدة. قلها يا عماه. لا تدع هذا اللقاء يكون لقاءنا الأخير. دع ثمة أملًا أن يكون هناك لقاء لاحق في مكان أفضل. كلمة واحدة يا عماه. قلها لكي أحاجج بها ربي. يكاد يقول له أن يقولها حتى لو لم يقتنع. قلها كلمة وأنا أشهد بها.
ولكن ها هو أبو جهل وصاحبه يصران على استحضار شبح عبد المطلب إلى فراش الموت. يستحضران نقطة ضعفه. يحب محمدًا بالتأكيد. لكنه عبد لعبد المطلب. وها هما يعيدان عليه القول... وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ ... عبد المطلب. عبد المطلب. عبد المطلب.
ويستمر عليه الصلاة والسلام، وهو يدرك أن الوقت يتسرب، والفرصة تتسرب، وهذا الرجل الذي كان السند والدعم والأب والحِجر، يتسرب...
وهو يقول: كلمة واحدة يا عماه... كلمة واحدة.
وعلى الطرف الآخر يقال له: عبد المطلب، عبد المطلب، كما لو كان يكرر تعويذة سحر أسود...
ثم يأتي صوت الرجل المحتضر في قوله الأخير ليعلن المنتصر في هذه الجولة..
لكنه المنتصر الذي سيكون خاسرًا في الجولة النهائية، لاحقًا...
حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
لا بد أن أبا جهل قد ابتسم ابتسامة المنتصر وهو يسمع كلمات الرجل المحتضر. لا يهمه أبو طالب في قليل أو كثير... بل يريد أن ينكسر قلب محمد عليه الصلاة والسلام.. لعله كان على وشك أن يقول: هذه بتلك، وسيقصد انتصار فك الحصار ونقض الصحيفة... انتصرت يومها يا محمد.. وها هو عمك يخذلك الآن في المواجهة الأخيرة.
لم يخذله أبو طالب قط قبل هذه المرة. لم يشمت به قريش قط. هذه هي المرة الأولى. والأخيرة، ولكنها النهائية أيضًا.
... وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
ما أغربك، عماه.
قضيت عمرك في العطاء والكرم. ثم بخلت بكلمة واحدة. كلمة واحدة.
لكن الأمر لم ينته بالنسبة له عليه الصلاة والسلام. الأمر انتهى هنا بالنسبة لأبي جهل...
هذه نقطة النهاية بالنسبة له. على فراش الموت.
لكن ليس بالنسبة له، عليه الصلاة والسلام...
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ»
الأمر ينتهي هناك، وهناك يبت فيه.

*****
السيرة مستمرة
د.أحمد خيري العمري
نشر في 22 تشرين الأول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع