Facebook Pixel
2629 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

لماذا خصصت آيات النعي التي نسمعها في كل عزاء (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ) عندما نزلت هذه الآية، من كانت تنعي؟

كثيرا ما نقرأ في بيانات النعي تلك الآية القرآنية الكريمة من أواخر سورة الفجر..

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)

وهي آية تبعث على الراحة والطمانينة تخفف من أثر الخبر المصاحب للموت..

لكن، عندما نزلت هذه الآية ، من كانت تنعي؟ من هي النفس التي وصفها الوحي بالمطمئنة..وبشرها بالرجوع " راضية مرضية" ودخول الجنة؟

لا شيء مؤكد بهذا الخصوص، ولكن لو دققنا في ترتيب نزول السورة لوجدناها مبكرة جدا..هي السورة العاشرة في ترتيب نزول الوحي..وهذا يعني أن هذه النفس المطمئنة قد توفاها الله في مرحلة مبكرة جدا..لا نتحدث هنا مثلا عن السيدة خديجة بالتاكيد لأتها توفت بعد عشر سنوات من نزول الوحي...

نتحدث عن وفاة مبكرة..

من؟

لا نعرف يقينا...

*****

السورة التي نزلت بعد سورة الفجر، هي سورة الضحى - الحادية عشر في ترتيب نزول القرآن...والتي فيها...

مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)

هذه السورة نزلت بعد " فتور الوحي" كما هو واضح من سياق الآية الصريح...جاءت لتطمئنه عليه الصلاة والسلام بعد مرحلة فتور الوحي العصيبة ...تقول له ما ودعك ربك وما قلى....

إذن الترتيب هكذا...أحدهم توفى...سورة الفجر تنزل...يحدث إنقطاع في الوحي لفترة ما..ما يسمى بفتور الوحي...

ثم تنزل سورة الضحى بعد هذا الفتور..ما ودعك ربك وما قلى...

هذا الترتيب هل يذكرنا بشيء؟

نعم...

*****

في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن " بدء الوحي"..وبعد أن ذكر تفاصيل ما حدث في أطول ليلة في التاريخ، وذهاب خديجة رضي الله عنها مع الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ابن عمها ورقة بن نوفل...يذكر البخاري...ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ

ورقة توفى....وتزامنت وفاته مع فتور الوحي...

هو ورقة إذن؟ ابن عم السيدة خديجة الذي كان نصرانيا ويعرف عن الكتاب والإنجيل..الشيخ الذي كان قد عمي وقتها...

لا نعرف على وجه اليقين...لا شيء مؤكد.....

لكن ذاك الشيخ الجليل كانت نفسه مطمئنة يقينا، رأى في ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام " الناموس" - رآه ببصيرة قلبه رغم ذهاب بصره، وبث الطمأنينة في تلك الليلة بأحداثها الهائلة....

ربما كان ورقة بن نوفل، حاضرا في كل نعي نقراه اليوم...تحضرنا نفسه المطمئنة التي كانت شاهدا على بدايات الوحي...ورحل في مرحلة مبكرة بعد أن قال للرسول عليه الصلاة والسلام أن قومه سيخرجونه..

هل يمكن لجلودنا ألا تقشعر للأمر؟ أن يكون ورقة هو المقصود بهذه الآية الكريمة؟..أن نشعر أن تلك الليلة الأولى لا تزال حاضرة، نشعر أنفاس ورقة بينما هو يسمع خديجة وهي تقول له : يا ابن عم..اسمع من ابن أخيك...فيسمع ما رآه عليه الصلاة والسلام - وأنفاسه تتهدج حتما وهو يسمع...ثم يقول...يا ليتني فيها جذعا ..ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك...

وصدق توقع ورقة...لم يكن حيا يوم أخرجوه...لم يكن جذعا...

لكنه بطريقة ما، لا يزال " شجرة مثمرة"....

بنفسه المطمئنة...الحاضرة عند كل نعي....

*****

من " السيرة مستمرة" بتصرف كبير

د.أحمد خيري العمري
نشر في 30 حزيران 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع