Facebook Pixel
1117 مشاهدة
1
1
Whatsapp
Facebook Share

كل المذاهب ضربت وطرحت لتعرف من هي الفرقة الناجية التي تحدث عنها الرسول وفي الغالب تظهر الفرقة العاملة هي الناجية!!

عبر عقود طويلة، كي لا أقول قرون، استخدم حديث " الفرقة الناجية" لتكريس وهم الاستعلاء و " مركزية الكون" عند كل مذهب على حدة، بمواجهة كل المذاهب الأخرى ومن خلفها العالم. فالحديث منتشر عند أغلب الطوائف والمذاهب الإسلامية وبطبيعة الحال، كل طائفة ترى نفسها أنها هي الفرقة الناجية بينما الآخرون في النار، وكلٌّ يدّعي وصلا بليلى، لكن ليلى لا دخل لها من قريب أو بعيد بالأمر.
والحديث لمن لا يعرفه، هو أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ( الإمام أحمد / ابن ماجة / المستدرك/ أبو داود وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 204).
من السهل على البعض الحكم بالضعف أو الوضع على الحديث، لكن هذا للأسف لا يعتمد على قواعد علم الحديث نفسه، وإنما على قراءات مسبقة تتحكم بالنتيجة، وكذلك هناك من قال من العلماء أن زيادة " كلها في النار إلا واحدة: ضعيفة، بل هناك من قال إنها من وضع الملاحدة، لكن هذا مجددا قد لا يكون متسقا مع قواعد علم الحديث.
إذن ما القصة..
الحديث فعلا يمكن أن يكون مادة ثرية لتكريس نزعة " الصواب المطلق " الذي تمتلكه " فرقة" واحدة كتبت الجنة باسمها في الطابو، بينما الناس في بقية الفرق فاتهم القطار...
بل أعرف من جمع وضرب وطرح ليصل إلى رقم 73 فرقة في التاريخ الإسلامي ( بحساب فرق منقرضة تماما بالتأكيد، بالإضافة إلى الفرق الحية وتفرعاتها) ومن ثم ليصل إلى نتيجة إعجازية تثبت أن الحديث صحيح " علميا - تاريخيا" وأن كل هذه الفرق في النار إلا فرقة واحدة هي فرقته تحديدا وباللعجب. الكل عملوا على هذا. السنة vs الكل. والشيعة vs الكل.السلفيين vs كل السنة وكل من ليس في السنة أيضا. الشيعة الإثني عشرية vs كل الشيعة غير الإثني عشرية وكل السنة أيضا...وهكذا. ..لكن ليلى طبعا لم تقر لهم يوما بذاكا...
لقد " دُرِّبنا" على أن نفهم هذا الحديث بهذا الفهم الإقصائي...رغم سهولة اكتشاف أن هذا الفهم سينتج تضاربا مع أحاديث أخرى تعمم دخول الجنة على كل من نطق بالشهادة ( دون أن تعني تماما أنه لن يدخل إلى النار لكن هذا موضوع آخر)...) .. كما أن هناك بعض ألفاظ للحديث، تحدد أن كل فرق اليهود في النار إلا واحدة...وكذلك مع النصارى....كلها في النار إلا واحدة ( السنة لابن أبي عاصم 63)
لن يكون الأمر اختراعا من عندي أن أذكر أنه -عليه الصلاة والسلام في أغلب ألفاظ هذا الحديث قد استخدم لفظ " هذه الأمة" - " أمتي" مقابل لفظ " بني إسرائيل" / اليهود، والنصاري في بعض الألفاظ- وهناك ألفاظ يستخدم فيها كلمة " وانكم تفترقون" لكن لا يوجد أي لفظ للحديث يقول فيه -عليه الصلاة والسلام -" سيفترق المسلمون" - أو أتباعي"...
مالفرق؟ أليست الأمة هي نفسها أتباع الرسول عليه الصلاة والسلام.
ليس بالضرورة.
والفرق هنا هو ما يمكن أن يجعل للحديث معنى آخر، يتسق أولا مع بقية الأحاديث، وفي الوقت نفسه لا يترك مجالا لهذه النظرة الإقصائية .
مفردة " أمة" عادة يقصد بها معنى من اثنين :
أمة الدعوة، وهي تشمل كل من دعاه الرسول عليه الصلاة والسلام وشكل بدعوته، وهذا معنى يضم غير المسلمين بطبيعة الحال، ومثال على هذا حديث " ما من رجل من هذه الأمة من يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلّا دخل النار"...قال عليه الصلاة والسلام " من هذه الأمة" وهو يتحدث عن غير مسلمين..,المعنى هنا قريب إلى أن يكون " العرب" في وقته عليه الصلاة والسلام أو ربما يكون المعنى أعم ويشمل الجميع...عربا وعجما...
أما الاستخدام الثاني للمفردة فهي " أمة الاستجابة" وهو الاستخدام الأكثر شيوعا وتعني الأتباع، ولا يبدو أنها مقصودة في الحديث ، رغم أن الفهم السائد يستخدمها كذلك ليجعل الحديث على هذا النحو " يتفرق المسلمون إلى اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة/ بينما يكون معنى الحديث باستخدام مفهوم أمة الدعوة" يفترق المدعون إلى الإسلام إلى اثنتين وسبعين فرقة....كلها في النار إلا واحدة" وستكون هذه الفرقة هنا ليست الأشعرية أو السلفية أو الجهمية او أو أو ...بل ستكون عموم المسلمين...جميع أهل القبلة ...بكل التنوعات الموجودة فيهم ودون أن يعني ذلك أن كل هذه التنوعات على صواب وخالية من الانحرافات، لكن الأساس هو صوابهم..وهناك تفاصيل تقع خلف هذا الصواب...
يتناسق مع هذا ما قالته بعض ألفاظ الحديث عن هذه الفرقة الناجية، ففي لفظ قال عليه الصلاة والسلام ( ما أنا عليه وأصحابي) ( صحيح الجامع 9474 ).
وفي لفظ آخر قال ( الجماعة ) ( الإمام أحمد 16937). علما أن اللفظ وقتها لم يكن يعني أكثر من سواد المسلمين، ولم يتحمل بمعان سياسية إلا لاحقا في زمن الصلح بين الحسن ومعاوية.
من هم هؤلاء ؟ ( ما أنا عليه أصحابي) + ( الجماعة)..
ماذا نسمي أتباع الرسول عليه الصلاة والسلام ؟ الذين يصلون معه الجماعة؟
نسميهم " المسلمين"..وكذلك سنسمي أغلب فرق أهل القبلة..مسلمين...
بالعموم هم هذه الفرقة الناجية..وبالتفصيل ثمة حساب فردي لكل من ينتمي لهذه الفرقة...وبالتفصيل هناك تنوع أيضا في هذه الفرقة..لكنه تنوع لا يخرجها عن الفرقة...لأنه لم يخرجها عن الإسلام...
******
أعلم أن فكرة أنك من الفرقة الناجية بينما الآخرون مساكين في الناار مريحة لك بطريقة ما...تجعلك أعلى منهم..تجعلك تشعر بالاستكبار والاستعلاء والأفضلية...
لكن هناك مشكلة واحدة في نفس الفكرة...
قد لا تكون فرقتك هي الناجية...وإنما الفرقة المجاورة...
ويكون القطار قد فاتك...
*****
الأكثر اتساقا مع معاني القرآن الكريم وبقية الأحاديث الشريفة هو أن الجنة ليست بهذا الضيق....
وأن النجاة لا تتحدد بكونك ولدت لأبوين على المذهب الفلاني...
د.أحمد خيري العمري
نشر في 01 نيسان 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع