1386 مشاهدة
0
1
سألني أحد القراء: لماذا تورد أحيانا بعض الأحاديث الضعيفة فى كتاباتك؟ فأجبته لأن لدي ما يقويها من الشواهد الصحيحة وينفى عنها الضعف، من كتاب الحق المر للكاتب محمد الغزالي
كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [673] : الحديث الضعيف
سألني أحد القراء: لماذا تورد أحيانا بعض الأحاديث الضعيفة فى كتاباتك؟ فأجبته لأن لدي ما يقويها من الشواهد الصحيحة وينفى عنها الضعف.
خذ مثلا حديث " أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة، وأحبونى بحب الله. وأحبوا آل بيتى بحبى " لقد ضعفه الألبانى، ولم أوافقه!
فانظر معى إلى الجملة الأولى منه. هل محبة الله موضع ريبة؟
إن الذى يستقبل نعماء الله بالعقوق شخص خسيس، ومن نحب إذا جفونا الله؟
ثم ننظر إلى محبة رسول! ما سرها؟
إنه هو الذى دلنا على الله وجلى لنا عظمته وأحسن تمجيده وتوحيده بقوله وعمله وأنا مستيقن أنه لم يوجد بشر فى الأولين والآخرين أبلى بلاءه فى تعريف الخلق بربهم واقتيادهم إلى سبيله! ولذلك يقول الله سبحانه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم …).
فمحبة الرسول نابعة من محبتنا لله!
أما آل بيته فإن الناس فى المشارق والمغارب يكرمون الميت فى عقبه، ألا ترى الحكومات كلها إذا مات موظف لديها كفلت أسرته وحمتها من المحن؟ فنحن من أجل الرسول نحب آل بيته ونصلي عليهم تقديرا لجميله فى أعناقنا!
إن فؤادى يتقطع عندما أقرأ أبيات " دعبل الخزاعى " يصف بيت رسول الله بعد موته فيقول:
مدارس آيات خلت من تلاوة .. ومنزل وحى مقفر العرصات!
بنات يزيد فى القصور مصونة .. وبنت رسول الله فى الفلوات!
لماذا أضعف هذا الحديث وأجتهد فى اتهام السند إذا كان المتن لا غبار عليه..؟
وخذ حديث حفظ القرآن الكريم الذى رواه ابن عباس في شأن على بن أبى طالب، إن الجمل الثلاث الواردة فى صدر الحديث هى عندى من آيات النبوّة. وهى " اللهم ارحمنى بترك المعاصي أبدا ما أبقيتنى. وأرحمنى أن أتكلف مالا يعنينى وأرزقنى حسن النظر فيما يرضيك عنى ".
إن قوة الذاكر لا تتم إلا بهذه الثلاث، فالمعاصى تشتت العقل! والانشغال بكل شئ يمنع التوفر والاستيعاب وسوء التقدير لما يرضى الله طريق الحرمان من عطائه...
والحديث طويل وقد جربته وأنتفعت به. ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعلى بعدما نفذ وصاته " مؤمن ورب الكعبة يا أبا الحسن "!!
والعلم الدينى لا يهبه الله للمفرطين والأراذل، إنما يوهب ويزاد لمن عمل به وأحسن صحبته أما علوم الحياة الدنيا فقد يبرز فيها الخواجات...
وما أقوله سبق به العلماء فإن الحديث القريب الضعف إذا ساندته شواهد قوية تلقيناه بالقبول.
* * *
أجمع النقاد على أن تراث محمد صلى الله عليه وسلم وجد من الصون والحماية ما لم يجده تراث بشر آخر فى الأولين والآخرين.
إن مادة الإسلام بقيت سليمة نقية تامة على امتداد الزمان والمكان لأن الله تأذن لهذا الدين بالحفظ على حين طاحت رسالات وسرى الخلل إلى أصولها وفروعها..
ولست من علماء الجرح والتعديل وتمنيت لو كنت منهم، فإن المرويات التى ارتبت فيها تكشف لى أن أسانيدها مدخولة، وأن الحاذقين أنكروها من قبلى!
والبلاء يجيء من راو قليل الفقه، أو من محدث لا بصر له بعلم الأصول.
وعلوم الدين كلها يخدم بعضها بعضا ويؤيده! ويكمل أحدها قصور الآخر. قال لى أحد الناس: إن " أبا حامد الغزالى " ذكر حديثين مردودين فى اختيار الزوجة! قلت: ما هما؟ قال حديث " إياكم وخضراء الدمن! قالوا: وما خضراء الدمن؟ قال المرأة الحسناء فى المنبت السوء " والآخر " تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس "!
قلت: قد تكون أسانيد هذه الأحاديث ضعيفة، ولكن يشهد. لها قول رسول الله فى حديث آخر لا خلاف فى صحته " الناس معادن، خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا " ولذلك لا أخطئ " أبا حامد " فى استشهاده بهما!!
وقد روى عن أنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم قال " الزبانية أسرع إلى فسقة القرآن منها إلى عبدة الأوثان، فيقولون يبدأ بنا قبل عبده الأوثان؟ فيقال لهم ليس من يعلم كمن لا يعلم "!
إن هذا الحديث ضعفه كثيرون، ولكن الحافظ المنذرى قبله وقال: يشهد له حديث مسلم فى صحيحه عن أول ثلاثة تسعر بهم النار يوم القيامة، وفيهم رجل جمع القرآن ليقال قارئ !.
ومن لطائف المنذرى أنه فى باب الزهد روى عن سهل بن سعد قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دلنى على عمل إذا عملته أحبنى الله وأحبنى الناس، فقال له: " ازهد فى الدنيا يحبك الله، وازهد فيما بأيدى الناس يحبك الناس "!
وقد زيف المنذرى هذا الحديث وأنكر سنده، ثم قال: لكن على هذا الحديث لامعة من أنوار النبوة "!!
والزهد فى الدنيا مرفوض إذا كانت عونا على الدين وسترا للعرض وغنى عن الناس، فلا قيام لدين لم تحرسه دنيا أما إذا جاءت الدنيا من خدمة الجور ونسيان الحق فلا كانت.
والعلماء المشتغلون بالدعوة يعرفون مرامي الكلام. فإن تحريف الكلم عن مواضعه بلاء شديد.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج6
نشر في 11 تشرين الأول 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع