Facebook Pixel
ما هي حقيقة الإسلام؟
3506 مشاهدة
7
2
Whatsapp
Facebook Share

تعريف المعنى الحقيقي للإسلام والدائرة التي يتمحور حولها، من كتاب دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين للكاتب محمد الغزالي

كتاب : دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 20 ] : الدائرة الإسلامية

يقول المناطقة لكى يكون التعريف صحيحا يجب أن يكون جامعا مانعا. ومعنى أنه جامع أن يشمل جميع أفراد المعرف فلا يترك واحدا ، ومعنى أنه مانع ألا يسمح بدخول نوع آخر لا علاقة له بالمعرف. ونحن نريد أن نحدد الدائرة التى تعنيها كلمة "مسلم " فلا يخرج منها أحد له ذرة من دين ، ولا يدخل فيها أحد مبتوت الصلة بهذا الدين.

تعنى حقيقة الإسلام عدة أمور:

أ‌- معرفة الله على وجه صحيح فهو سبحانه لا شريك له ، وليس كمثله شىء ، منزه عن كل نقص ، منعوت بكل كمال.

ب‌- الاعتراف بحقوقه على خلقه ، فهو الرب المعبود ، الذى يطاع أمره وينفذ حكمه! والعلاقة بيننا وبينه بعد معرفته هى الخضوع له والسمع والطاعة لما يجىء منه

ج- مظهر هذا الخضوع هو اتباع النبى الخاتم الذى أتم به كل الرسالات ، وأظهر على لسانه مراده من عباده إلى آخر الدهر..

ولنستطرد قليلا فى شرح الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام، فإن هذا الرسول الكريم هو الذى عرفنا بحقيقة الدين منذ الأزل بعدما عفَّرها الأولون بالتراب حتى محوا معالمها.

وهو الذى كرم إخوانه السابقين ، وكشف عنهم تهما شائنة تتصل بأخلاقهم وأعراضهم.. وهو الذى شق بسيرته الماجدة طريق الكمال الإنسانى ، فإذا هو خلال الستين عاما التى قضاها فى الدنيا نور يضىء الظلمة ، وطهر يمحو الجاهلية ، ورحمة تنشر البر والنماء ، وقدرة ترفض الضعف وتدعم الحق وتقهر الجبروت..!!

ما عرفت هديا للعقل ولا صدى للفطرة ولا نداء للإنسانية إلا رأيت معنى ذلك ومبناه فى دين محمد وسيرة محمد ، ولذلك آمنت به.

ثم أدركت لماذا تكون الإسلام من كلمتين " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ".

المسلم الحق إنسان يؤمن بالله ويعمل الصالحات. يزكى بذلك نفسه ويمهد للقائه بربه. وهو يتعاون مع إخوانه المؤمنين على بناء مجتمع مؤمن صالح ينقل هذه الحقائق من السلف إلى الخلف ، ويوسع نطاقها فى الحياة بالدعوة والأسوة.

وهو متهئ فى أى وقت لافتداء دينه بدمه إذا أبى الفتانون إلا إحراجه واجتياح دينه ومجتمعه ، فالمسلم يحيا لربه قبل أن يحيا لنفسه.

على أن الإسلام ـ فى النفس أو فى المجتمع ـ يصح ويقل ، ويقوى ويضعف ، بل يحيا ويموت! والمجتمع الراسى على عقائده قد يصمد للأهواء والفتن أمدا طويلا ، وقد تهتز الدعائم فينفرط عقده ويسقط علمه..

وكذلك النفس الإنسانية ، إن المرء قد يكون صلب الإيمان متين الخلق فيخرج ناصع الجبين من شتى العواصف ، وهناك من يصبح مؤمنا ويمسى كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا..

ونريد هنا أن نرسم الخط الأخير الذى يفصل بين الحق والباطل ، والذى يرتد عن الإسلام من اجتازه.. والحق أن العلماء تريثوا كثيرا وهم يرسمون..

هذا الخط ، واتأدوا فى إصدار حكمهم بالتكفير لأن الأمر جد خطير..! وهم عندما يحكمون بارتداد مسلم لا يفعلون ذلك إلا بعد ما ييئسون من كل تأويل أو اعتذار.

ونستطيع على ضوء ما شرحنا من حقيقة الدين أن نعرف متى يقع الانسلاخ منه.. فإذا كان الإسلام معرفة حسنة بالله ، فإنه يخرج منه من زعم أن لله ابنا ، أو ندا. أو زعم أن له خصائص البشر أو حل فى جسد.

وإذا كان الإسلام التزاما بمبدأ السمع والطاعة لله رب العالمين ، فإنه يخرج منه من جحد أى واجب كالصلاة والصيام مثلا ، أو استباح أى محرم كالربا والزنا والخمر.

وإذا كان الإسلام اتباعا لصاحب الرسالة الخاتمة وتصديقا لما جاء به ، فإنه يخرج منه من استهان بالرسول ، أو حقر كتابه ، أو أنكر ما هو معروف من دينه بالضرورة ، أو زعم أنه رسول خاص بالعرب ، أو أن أمد رسالته انتهى..

والأمثلة التى ضربناها نماذج يحتاج الأمر بعدها إلى تفصيل..

إن المسلمين متفقون على أن أصل الإيمان بالله الواحد لابد منه للبقاء على الإسلام ، وزيادة الإيمان أو نقصانه لا أثر لها بعد ذلك. وكذلك التصديق بنبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فإن الريبة فى الرسول كفر صراح يخرج من الملة.

أما فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه ـ وهو عنوان الخضوع ومبدأ السمع والطاعة لله ـ فإن للعلماء الراسخين تفصيلات عاقلة عادة فى هذا الموضوع. اتفقوا على أن رفض التشريع ارتداد ، كأن يرفض أحد جلد الزانى أو قطع السارق استنكارا للعقوبة واستبشاعا لها..

أو كأن يرفض أحد إقام الصلاة وصيام رمضان ، لأن هذه الأركان تعطل الإنتاج كما يزعم بعض الرعاع. ولم يقل أحد من المتقدمين أو المتأخرين: إن رفض النصوص القطعية يبقى صاحبه فى الإسلام.

أما ترك فرض أو فعل كبيرة مع الشعور بالإثم ، فإن صاحب هذا المسلك يعد مسلما عاصيا ولا يوصف بالكفر.

وأساس ذلك قوله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ونرى أن هذه الآية تحتاج إلى بعض التدبر لنفقه فحواها..

ولنسأل أولا عما دون الشرك الذى يمكن أن تتناوله المغفرة… هل جحود الألوهية ـ كما يرى الماديون ـ دون الشرك؟ كلا إنه أسوأ حالا وشر مقالا ، فالمشرك يرى أن الله موجود ، ولكنه يضيف إلها ثانيا أو ثالثا ، أما المعطلة فلا يقولون بإله أصلا ولا تنتظر لهم مغفرة أبدا..

هل الاعتراف بالألوهية مع إعلان الحرب عليها دون الشرك؟ كلا ، إن إبليس يوقن بوجود الله ، ولكنه مع إصرار سابق ولاحق يقول لله : لا طاعة لك عندى ، فهل ذلك دون الشرك؟!

إنه مثله أو أقبح منه! إن ما دون الشرك هو عصيان الموحدين الذين يغلبهم الهوى ، ويصيبهم العمى فلا يلزمون الصراط المستقيم. وربط مستقبلهم بالمشيئة العليا يرجع إلى أن الله وحده هو الذى يعلم ملابسات انحرافهم ، ومبلغ نشاطهم أو كسلهم فى جهاد أنفسهم.

وطالما أكدنا أن المشيئة لا تعنى الفوضى ، وإنما تعنى هيمنة رب العباد على العباد فهو بهم خبير ، ولظروفهم مقدر : (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم).

وأرى أن تحديد معنى الجحود والإصرار والإدمان لا بد أن يشترك فيه لفيف من علماء الفقه والنفس والاجتماع ، فالأمر أكبر من أن يطرح على بساط البحث النظرى أو الجدل الكلامى.. وفى تاريخنا القديم حاول البعض أن يدخل فى هذه القضية بغباء ، فأساء إلى نفسه وإلى الحقيقة..

نعم حاول الخوارج بنزق أن يرسموا خط الخروج عن الإسلام ، فكفروا مسلمين صالحين ، ومالوا بقواهم على خيرة الناس فأحرجوهم وأوهنوا قواهم..

وكان رد الفعل تطرفا غبيا ، فظهر المرجئة يدخلون فى دائرة الإسلام أصحاب الشهوات الجامحة والأفكار الضالة. والغريب أنى وجدت فى هذا العصر الصنفين معا وأصحاب المنطقين الشاردين!!

إننا نشكو إلى الله حكاما يخذلون الإسلام ويمالئون الشيوعية أو الصليبية العالمية ، وقبل ذلك نشكو إلى الله متدينين كذبة قست قلوبهم على عباد الله ، وذهبوا بأنفسهم مذهبا مستعليا فهم يرمون بالكفر والفسق من شاءوا ، لا سناد لهم إلا فقها قليلا وترتيلا كثيرا..

قشور من العبادة على باطن خرب ، وأثرة مفرطة ، وتطاول غريب لا يحترم علما ولا سابقة.. المسلم الحق طبيب يأسو الجراح ، ويرحم الضعاف ، ويرشد الحيارى ، ويتلطف مع الضالين حتى يثوب بهم إلى طريق الله.

وهؤلاء جعلوا ما عرفوا من الدين تكأة للنيل من غيرهم والارتفاع على أنقاضهم.. كان رسول الله يأسى لعناد الكافرين ويحزن لإصرار الضالين ، ويتمنى من أقصى فؤاده لو اهتدوا إلى الحق..

وهؤلاء يجعلون من خطأ غيرهم مددا للغرور وسببا إلى احتقار الجاهلية والجهال.. الرسول يقول لمن بلغ عن معصية عاص : هلا سترته بثوبك. وهؤلاء يجدون فى المعصية فرصة للتشفى وضرب الجانى ويشعرون بفرح خبيث لسقوطه..

ذكرت فى أمراض القلوب نموذجا لأولئك المتدينين المتكبرين ، وكيف عاب بعضهم على رسول الله قسمته لمال جاءه ، تألف به بعض الناس لمصلحة الدعوة الإسلامية ، ثم قرأت فى مسلك أحدهم ما جعلنى أقول: ما أشبه الليلة بالبارحة..

جاء فى الحديث: " فقال رجل: كنا نحن أحق بهذا المال من هؤلاء! فبلغ النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله ـ فقال : ألا تأمنونى وأنا أمين مَنْ فى السماء؟ يأتينى خبر السماء صباحا ومساء! فقام رجل غائر العينين ، مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار ، فقال: يا رسول الله اتق الله..!!

فقال: ويلك، أو لست أحق أهل الأرض أن أتقى الله؟! ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد : يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ فقال: لا، لعله أن يكون يصلى. قال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس فى قلبه. فقال رسول الله ، إنى لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم. ثم نظر إليه وهو مقف فقال: إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية إن الإسراع فى اتهام الناس وتلويث سمعتهم ليس دينا ، والحكمة فى معالجة الأخطاء مطلوبة ، وفى الحديث: "إن الله يحب الرفق فى الأمر كله " .

ولا يعنى هذا أبدا ترك الجرائم تسرح فى المجتمع ، كما لا يعنى إطفاء مشاعر الغضب لله والغيرة على حدوده ، ذاك شأن غير ما نحن بصدده..

قلت يوما لرجل تعود السكر: ألا تتوب إلى الله؟ فنظر إلىَّ بانكار ودمعت عيناه ، وقال: ادع الله لى..!! تأملت فى حال الرجل ورق له قلبى. إن بكاءه شعور بمدى تفريطه فى جنب الله ، وحزنه على مخالفته ، ورغبته فى الاصطلاح معه.

إنه مؤمن يقينا ، ولكنه مبتلى! وهو ينشد العافية ويستعين بى على تقريبها.. قلت لنفسى: قد يكون حالى مثل هذا الرجل أو أسوأ. صحيح أننى لم أذق الخمر قط ، فإن البيئة التى عشت فيها لا تعرفها ، لكنى ربما تعاطيت من خمر الغفلة ما جعلنى أذهل عن ربى كثيرا ، وأنسى حقوقه.

إنه يبكى لتقصيره ، وأنا وأمثالى لا نبكى على تقصيرنا ، قد نكون بأنفسنا مخدوعين..

وأقبلت على الرجل الذى يطلب منى الدعاء ليترك الخمر ، قلت له: تعال ندع لأنفسنا معا.. ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين). إننى أطلب من المشتغلين بالدعوة أن يتقوا الله فى الناس ، وأن يتفقهوا فى الدين فإن من يرد الله به شرا يحرمه الفقه فى الدين ، ولو كان ثرثارا يخطب فى كل ناد.

ألف الأستاذ الشيخ يوسف القرضاوى رسالة جيدة عن "ظاهرة الغلو فى التكفير" نوصى بقراءتها ، وقد أراحنا من الكتابة فى الموضوع ، ونقتطف هذه النقول عنه نفعا لمن يطالعون كتابنا هذا.

قال أرشده الله وأيد به: وجوب التفرقة بين النوع والشخص المعين: وهنا أمر يجب أن نستلفت النظر إليه ، وهو ما قرره المحققون من العلماء من وجوب التفرقة بين الشخص والنوع فى قضية التكفير.

ومعنى هذا أن نقول مثلا: الشيوعيون كفار. أو الحكام العلمانيون الرافضون لحكم الشرع كفار ، أو من قال كذا أو دعا إلى كذا فهو كافر ، فهذا وذاك حكم على النوع.

فإذا تعلق الأمر بشخص معين ، ينتسب إلى هؤلاء أو أولئك ، وجب التوقف للتحقق والتثبت من حقيقة موقفه ، بسؤاله ومناقشته ، حتى تقوم عليه الحجة. وتنتفى الشبهة ، وننقطع المعاذير.

وفى هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن القول قد يكون كفرا ، فيطلق القول بتكفير صاحبه ويقال: من قال هذا هو كافر.

لكن الشخص المعين الذى قاله لا يحكم بكفره ، حتى تقوم عليه الحجة التى يكفر تاركها". وهذا كما فى نصوص الوعيد ، فإن الله تعالى يقول: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا).

"فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق ، لكن الشخص المعين لا يشهد عليه بالوعيد. فلا يشهد على معين من أهل القبلة بالنار ، لجواز ألا يلحقه الوعيد ، لفوات شرط ، أو ثبوت مانع. فقد لا يكون التحريم بلغه ، وقد يتوب من فعل المحرم..

وقد تكون له حسنات عظيمة تمحو عقوبة المحرم. وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه ، وقد يشفع فيه شفيع مطاع "

قال: "وهكذا الأقوال التى يكفر قائلها: قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ".

قال "وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده أو لم يتمكن من فهمها". "وقد تكون عرضت له شبهات يعذره الله بها".

قال: "ومذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والمعين "فإذا كان كل هذا الاحتياط واجبا فى شأن المصرحين بالكفر ، فكيف يجترئ مسلم على تكفير الجماهير التى تشهد أن " لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله" وإن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟

إن الإيمان قد يجامع شعبة أو أكثر للكفر أو الجاهلية أو النفاق. وهذه الحقيقة قد خفيت على كثيرين فى القديم والحديث ، فحسبوا أن المرء إما أن يكون مؤمنا خالصا أو كافرا خالصا ، ولا واسطة بينهما ، إما مخلصا محضا أو منافقا محضا. وقريب منه من يقول: إما مسلم محض أو جاهلى محض. ولا ثالث لهذين الصنفين.

وهذه طريقة كثير من الناس. حيث يركزون النظر على الأطراف المتقابلة دون الالتفات إلى الأوساط. فالشىء عندهم إما أبيض فقط أو أسود فقط ، ناسين أن هناك من الألوان ما ليس بأبيض خالص ولا بأسود خالص ، بل بين بين. ولا عجب أن نجد فئة من الناس ، إذا وجدت فردا أو مجتمعا لا يتحقق بصفات الإيمان الكامل ، بل توجد فيه خصائص النفاق ، أو شعب الكفر ، أو أخلاق الجاهلية ، سارعت إلى الحكم عليه بالكفر المطلق ، أو النفاق الأكبر ، أو الجاهلية المكفرة ، لاعتقادهم أن الإيمان لا يجامع شيئا من الكفر أو النفاق بحال. وأن الإسلام والجاهلية ضدان لا يجتمعان.

وهذا صحيح إذا نظرنا إلى الإيمان المطلق "أى الكامل " والكفر المطلق ، وكذلك الإسلام والجاهلية والنفاق.

أما مطلق إيمان وكفر ، أو مطلق إيمان ونفاق ، أو مطلق إسلام وجاهلية ، فقد يجتمعان. كما دلت على ذلك " النصوص " وأقوال السلف رضى الله عنهم. ففى الصحيح أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأبى ذر رضى الله عنه: إنك امرؤ فيك جاهلية هذا وهو أبو ذر فى سابقته وصدقه وجهاده. وفيه : "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق".

وروى أبو داود عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال: "القلوب أربعة: قلب أغلف ، فذلك قلب الكافر ، وقلب مصفح وذلك قلب المنافق ، وقلب أجرد فيه سراج يزهر ، فذلك قلب المؤمن ، وقلب فيه إيمان ونفاق ، فمثل الإيمان فيه كمثل شجرة يمدها ماء طيب ، ومثل النفاق مثل قرحة يمدها قيح ودم ، فأيهما غلب عليه غلب ".

وقد روى مرفوعا ، وهو فى مسند أحمد مرفوع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا الذى قاله حذيفة يدل عليه قوله تعالى: (هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان). فقد كان قبل ذلك فيهم نفاق مغلوب ، فلما كان يوم أحد ، غلب نفاقها ، فصاروا إلى الكفر أقرب. "

وروى عبد الله بن المبارك ـ بسنده ـ عن على بن أبى طالب قال: إن الإيمان يبدو لمظة بيضاء فى القلب ، فكلما ازداد العبد إيمانا ازداد القلب بياضا ، حتى إذا استكمل الإيمان ابيض القلب كله. وإن النفاق يبدو لمظة سوداء فى القلب ، فكلما ازداد العبد نفاقا ازداد القلب سوادا ، حتى إذا استكمل العبد النفاق اسود القلب. وايم الله ، لو شققتم عن قلب المؤمن لوجدتموه أبيض ، ولو شقتتم عن قلب الكافر لوجدتموه أسود وقال ابن مسعود: الغناء ينبت النفاق فى القلب كما ينبت الماء البقل.

قال شيخ الإسلام: وهذا كثير من كلام السلف: يبينون أن القلب قد يكون فيه إيمان ونفاق. والكتاب والسنة يدلان على ذلك.

قال النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر شعب الإيمان ـ وذكر شعب النفاق ، وقال من كانت فيه شعبة منهن كانت فيه شعبة من النفاق حتى يدعها ، وتلك الشعبة قد يكون معها كثير من شعب الإيمان.

وقال الإمام الشهيد: لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين ، وعمل بمقتضاهما ، وأدى الفرائض برأى أو بمعصية إلا إن أقر بكلمة الكفر ، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة؟ أو كذب صريح القرآن ، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال ، أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر…

----------( يُتبع )----------
#محمد_الغزالي
#دستور_الوحدة_الثقافية_بين_المسلمين
كلمة حرة
نشر في 14 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع