1243 مشاهدة
0
0
حديث يعطى معناه للوهلة الأولى حكما لم يقل به الفقهاء، وإن قبوله مطلقاً أو رفضه مطلقاً لا يجوز! والواجب استبانة معناه الحقيقى كما قرره الراسخون فى العلم
كتاب : علل وأدوية - بقلم : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [ 34 ] حديث مظلوم
حديث يعطى معناه للوهلة الأولى حكما لم يقل به الفقهاء، ومن ثم فإن قبوله مطلقا أو رفضه مطلقا لا يجوز! والواجب استبانة معناه الحقيقى كما قرره الراسخون فى العلم.
والحديث من رواية البخارى: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها".. مصدر الخطأ فى الفهم كلمة "أقاتل الناس " فقد طارت أذهان إلى أن كلمة "الناس " تعنى البشر كلهم!
وهذا غلط بإجماع العلماء فإنهم اتفقوا على أن الحديث لا يتناول أهل الكتاب من يهود ونصارى. لماذا؟ لأن المعتدين من هؤلاء إذا ضربت الحرب بيننا وبينهم. ونسوا منطق الإيمان والحلال والحرام فى تصديهم لنا! لم نقاتلهم حتى ينطقوا بالشهادتين بل إذا كسر الله شوكتهم، بقوا على أديانهم، وجردناهم من أسلحة العدوان، وتولينا نحن الدفاع عنهم إذا هاجمهم أحد. وعليهم ـ والحالة هذه ـ أن يسهموا فى نفقات الحرب.
وهذا ما أبانته سورة براءة: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).
فليست الغاية من القتال إذن أن يقولوا: لا إله إلا الله، كما جاء فى الحديث. فإذا كان أهل الكتاب مستثنين من الحديث المذكور، فهل هو يتناول الوثنيين كلهم؟ والجواب: لا ففى حديث آخر صحيح إلحاق للمجوس بأهل الكتاب "سنوا بهم سنة أهل الكتاب ".
الحق أن الحديث فى مشركى العرب الذين ضنوا على الإسلام وأهله بحق الحياة، ولم يحترموا معاهدة مبرمة، ولا موثقا مأخوذا.
وقد منح هؤلاء أربعة شهور يراجعون أنفسهم ويصححون موقفهم، فإن أبوا إلا القضاء على الإسلام وجب القضاء عليهم. وقد فصلت سورة براءة هذه القضية فى أوائلها: (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين).
أما من نصبوا أنفسهم لحرب الله ورسوله وعباده إلى آخر رمق فلا يلومون إلا أنفسهم. وقد يتساءل البعض: لماذا جاءت كلمة الناس عامة فى الحديث: "أمرت أن أقاتل الناس "؟
والجواب أن "الـ" كما يقول علماء اللغة للعهد، تأمل قوله تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).
فكلمة الناس الأولى: تعنى بعض المنافقين، والثانية: تعنى بعض الكفار وهذا هو المعهود فى أذهان المخاطبين وتأمل قوله تعالى: (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا).
الناس هنا ليسوا البشر جميعا، إنهم العرب وحسب. رأيت فريقا من الناس يخدعه الظاهر القريب فى هذا الحديث فيتوهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يشن حربا شاملة على البشر. ولا يزال يحرجهم حتى ينطقوا بالشهادتين.
وهذا فهم ـ كما أسلفنا ـ لم يقل به فقيه، ولا يستقيم مع مرويات أخرى فى غاية الصحة والوضوح. ولم يؤثر عن تاريخ المسلمين وهم يقاتلون (الإمبراطوريات) الاستعمارية التى أظلم بها وجه الحياة قرونا عدة.
ورأيت ناسا آخرين يسارعون إلى تكذيب الحديث، دون وعى، ويتخذون منه ذريعة إلى مهاجمة شتى الأحاديث الصحيحة دون تمحيص سند أو متن، ودون تقيد بقواعد اللغة أو مقتضيات السياق.
وقد رأيت لأولئك القاصرين أفهاما فى كتاب الله لابد من محاربتها وإهالة التراب عليها.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالى #علل_وأدوية
نشر في 10 تموز 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع