Facebook Pixel
989 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

أن تحسم وتحزم مع البدع أمر أساسي كي تحزم حقائبك وتشد رحالك إلى الإبداع ، إلى أن تسن في الإسلام السنة الحسنة التي تحمل بصمتك واثرك التراكمي في العالم..​

عندما كان عليه الصلاة والسلام يخطب فيقول "شَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِى النَّارِ" فإن الصحابة كانوا يفهمون منه تلقائيا أن الشر المقصود هو في إحداث ما لم يأت به في الشعائر والعبادات..لأنه عليه الصلاة والسلام هو نفسه الذي كان يخطب فيهم فيقول « مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ »..​

هذا التوازن بين "منع البدعة" و "الحث على الإبداع" كان واضحا جدا في سيرته عليه الصلاة والسلام ، وهو ما أنتج -كمثال- عمر الذي "قطع الشجرة التي تمت عندها البيعة منعا لبدعة الصلاة عندها" وهو عمر نفسه الذي أحدث قائمة كبيرة يصعب حصرها من السنن الحسنة في الإسلام -أو الإبداعات التي لم يسبقه لها أحد في شتى المجالات- فكان أول من عبّد الطرق، وأول من جعل الحصة التموينية التي ساوى فيها بين الحر والعبد والرجل والمرأة،أول من حفر الأنهار ،أول من جعل التعليم مجانيا..إلى آخر قائمة منجزاته..​

إنه الحسم والحزم مع البدع إذن ، كي تحزم حقائبك وتشد رحالك إلى الإبداع ، إلى أن تسن في الإسلام السنة الحسنة التي تحمل بصمتك واثرك التراكمي في العالم..​

أما نحن ، يا نحن ، فقد حدث معنا العكس.​

أخذنا الحديث الأول على شكل حقن في العضل وفي الوريد ، وحدث هذا دون أن يتم توضيح المعنى الذي كان واضحا جدا للصحابة ، بل أنه يحدث كثيرا أن يقال ضمن أجواء تكاد تكون "مهرجانات للبدع!"..يقال الحديث وثمة بدعة على اليمين وأخرى على الشمال..ودون توضيح للمعنى..الحديث الآخر عن السنة الحسنة ليس مخفيا بالتأكيد ، لكن حجم استخدامه أقل حتما ، وعندما يستخدم فإنه لا يربط بالحديث الأول بل على نحو عام ،وهكذا فإن الصورة الكلية المتوازنة لا تصل ، بل يصل تحذير مكثف مركز من "كل ما هو جديد" دون توضيح ماهيته.-هكذا سيرسخ الأمر في لاوعي المتلقي المعاصر ، التحذير سيكون من كل ما هو جديد ، في عالم يتجدد كل يوم..​

هل كان يمكن إلا أن يساهم هذا الاستخدام المجتزئ غير المتوازن في عطل آليات الإبداع ومهاراته في نفس الإنسان المسلم؟​

هل كان يمكن إلا أن يساهم هذا في قص أجنحة المبدع المسلم ، بدلا عن أن يكون الحديثان جناحين يساهمان في إبداع ملتزم بالقضايا : سنة حسنة ، كما ساهم بذلك مع عمر بن الخطاب ؟...​

مع كل ما حدث بنا ، ليس الغريب أننا لم نبدع.​
الغريب أن هناك من نفذ.. ليبدع ..​

#أحمد_خيري_العمري
د.أحمد خيري العمري
نشر في 04 تشرين الثاني 2017
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع