Facebook Pixel
2283 مشاهدة
0
1
Whatsapp
Facebook Share

جميع الشعوب تمتلك رؤية ذاتية لتقييم ذاتها, وهناك جانبان لهذه الرؤية ، جانب"إيجابي" معلن نقوله بفخر , وجانب "سلبي" مبطن ونضمره بعضاً بجلد الذات

"شعوبنا "تمتلك في "عقلها الجمعي" رؤية عن ذاتها ..رؤية عن تقييمها لنفسها..هذه الرؤية عميقة جدا في لاوعيها ، وتتمثل في سلوكيات غارقة في هذه الرؤية ومؤكدة لها بطريقة أو بأخرى..
هناك دوما جانبان لهذه الرؤية ، جانب"إيجابي" معلن نقوله بفخر ، ..وجانب "سلبي" مبطن ، نضمره ، ونتحدث به عندما نعاير بعضنا بعضا ، وربما نلوم أنفسنا في لحظات "جلد الذات" التي تعامل هذه الرؤية السلبية كقدر حتمي لا فرار منه..
أتحدث هنا عن شعب يرى نفسه أقوى وأشد الشعوب بأسا حينا"جمجمة العرب" ، ويرى نفسه موطنا للشقاق والنفاق في حين آخر ..
أتحدث عن شعب ناله من الثناء ما جعله يمتلك رؤية إيجابية عن نفسه ، لكن البعض تمادى بها إلى أن وصل أحيانا حد الانغلاق ،..وزاد الأمر أنه وجد من وصفه بحب المال والطاعة للسلطان في حين آخر..
أتحدث عن شعب وجد "عقله الجمعي" يقول له أنه خير أجناد الأرض ، لكن وجده أيضا يصفه بالعبودية لفرعون (تجمعهم الطبل وتفرقهم العصا)...
كل ما هو سلبي في هذه الصفات ، جاء وصفا من قبل (طرف مضاد) (حاكم يريد السيطرة على هذا الشعب في أغلب الأحيان : عبد الله بن الزبير قال مقولة أهل الشقاق والنفاق بعد مقتل أخيه مصعب ، العباسيون في حربهم ضد بني أمية نسجوا القصص عن أهل الشام ، والمقولة الأخيرة منسوبة لعمرو بن العاص الذي كان عمليا حاكما لمن وصفهم.)
المقولات السلبية بحد ذاتها لا تملك سلطة حقيقية ، فهي رغم شهرتها ليست نصوصا دينية مقدسة بل مجرد آراء "شخصية" لطرف مضاد ، لكنها مع الوقت تمترست داخل العقل الجمعي ،وامتلكت نوعا من القداسة بفعل التقادم ، وبفعل "تطويب التراث كله ليتقدس"..
المقولات السلبية ، صارت جزءا من برمجة تعمل عليها شعوبنا عندما تمر في "مراحل تدهورها" ..أو في أزمات وكوارث تظهر أسوأ ما فيها..(أقول هذا وأقر أنه حتى الصفات السلبية التي "جمدنا" عليها تملك جانبا إيجابيا لو وظفت على نحو صائب : فما يعتبره الحاكم شقاقا ونفاقا قد يعكس رغبة فيما هو أفضل من حكم هذا الحاكم ورفضا للخضوع ، ومن يتهم بالخضوع للسلطان قد يعكس احتراما للقانون لا مفر منه في أي تحضر وتمدن ، وما يبدو أنه "دينهم دنانيرهم" يمكن أن يكون تفوقا في جانب اقتصادي لا يمكن لعمران أن ينشأ من دونه ..وهكذا)..
فلنراقب أنفسنا بتجرد ...دون دفاع مسبق عن أنفسنا ضد هذه المقولة أو تلك ، ودون هجوم على هذا الشعب أو ذاك فقط لأننا وجدنا المقولة منطبقة عليه..
فلنراقب أوضاعنا الحالية (المباشرة، التي تتصدر نشرات الأنباء) ، ألا تظهر هذه المقولات كتوصيف عام يخص من ذكرت عنهم ذات مرة في تاريخ بعيد؟ ألا يمكن أن نعتبرها سبب ما يحدث في هذا الجزء من عالمنا أو ذاك؟
الأمر يشبه البيضة والدجاجة وسؤال "أيهما أول " الخالد..
هل "وصفنا" هكذا لأننا كذلك فعلا منذ بدء الزمان؟ وهل هذا قدر بيولوجي يسير في جيناتنا ؟
أم أننا أصبحنا "هكذا" لأن مقولات سلبية كهذه ساهمت في تشكيل عقلنا الجمعي ، على الأقل في الجانب السلبي الذي يظهر ويشتد في الأزمات..
مؤلم أن تواجه الحقيقة..
لكن أن تغص بها وتسكت عنها أشد إيلاما..
د.أحمد خيري العمري
نشر في 11 نيسان 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع