الإهتمام لا يكفي

في حياة كل منا ثلاث دوائر واحدة داخل أخرى متجانسين مع بعضهم متحدين فمعرفتنا لهذه الدوائر مهم جدا في تحديد جهودنا ومساراتها ...ويساعدنا في أن لا تذهب الكثير من الجهود هباء منثور

..
في حياة كل منا ثلاث دوائر واحدة داخل أخرى..
الدائرة الأكبر هي "دائرة الاهتمام"، وتشمل كل ما يثير اهتمامنا في هذه الحياة، قد يشمل الأمر الأخلاق والسياسة والتاريخ والفن والأدب والفلك والرياضة والاختراعات العلمية والكوارث الطبيعية ..كل ما يثير اهتمامك في هذه الدائرة الواسعة..
تضم هذه الدائرة دائرة أصغر منها، جزئية طبعا، هي "دائرة التأثير" ، أي الدائرة التي يتحول اهتمامك فيها بموضوع معين إلى نوع من التأثير فيه، ...كان تنتج في واحدة من المجالات أعلاه أو تقوم بزيادة الوعي في قضية من القضايا التي تهتم بها على نحو يؤثر في معطياتها ..
الدائرة الثالثة الأصغر هي جزء من دائرة التأثير، ويمكن تسميتها بـ "دائرة العمل"، وهي التي يتحول تأثيرك إلى مشروع عمل منظم ومباشر، يتجاوز التأثير بالوعي إلى التغيير المباشر...
****
معرفتنا لهذه الدوائر وعلاقتنا ببعضها في حياتنا مهم جدا في تحديد جهودنا ومساراتها...ويساعدنا في أن لا تذهب الكثير من الجهود " في دائرة الاهتمام" دون أن تدخل في "دائرة التأثير" أو "العمل"...
على سبيل المثال، الكثير من قضايا الأمة هي داخل دائرة اهتمام الجميع عموما، لكنها ليست في دائرة تأثير الجميع لأسباب مفهومة وواضحة- على الأقل ليس في الوقت الحالي- ولكي تصبح في دائرة تأثير الجميع فأن هناك قضايا أخرى يجب أن تكون في دوائر الاهتمام والتأثير والعمل...وهلم جرا...( بعبارة أخرى كي يتحول الرأي العام إلى أداة فاعلة في مجتمعاتنا فأن هناك قضايا أخرى يجب أن تمهد لذلك في الوعي ولن يحدث الأمر على الفور)
أن تنشر شيئا عن منكوبي هذه المنطقة أو تلك في واقعنا المليء بالنكبات أمر يدل على اهتمامك وتعاطفك مع ما يدور( دائرة اهتمام)...لكنه لا يعبر عن منطقة تأثير لك وأنت تعرف جيدا أن نشرك لا يؤثر على الأمر وإن كان يشعرك بأنك قد فعلت شيئا...الأمر يتحول إلى دائرة تأثير في حالتين: أن يكون ما تنشر عنه أمرا مجهولا تماما وتساهم أنت بتسليط الضوء عليه، أو أن تساهم بحملة لدعم المتضررين..إلخ.
بالمقابل: هناك قضايا قد تبدو أقل بالنسبة لدوائر اهتمامك من قضايا الأمة، ولكنها داخلة ضمن دوائر تأثير البعض، ضمن قدرتهم على تغيير وعي الناس أو على الأقل أولئك الذين يتابعونهم...لذا لا تقارن بين أهمية " قضيتك" و" صغر" قضيتهم، لأن قضيتك هي قضية اهتمام وتعاطف لا أكثر ( ولا أحد يعيب عليك ذلك) بينما قضيتهم هي قضية " تأثير" ...المقارنة بين الأمرين باطلة أصلا لأنها مقارنة بين صنفين مختلفين...
سنوفر الكثير من الجهد، لو حددنا كل هذه الدوائر بالنسبة لنا..، وكففنا عن تقييم الناس لأنهم يفضلون التركيز على مناطق تأثيرهم، وليس على مناطق الاهتمام...