Facebook Pixel
841 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

بعد أن قرر فرانك سيناترا الاعتزال عام 1968، كان قد أصاب من صديقه بشيء غير له مسرى حياته بعد ثلاثين عاماً في مهنة الموسيقى

كان فرانك سيناترا على وشك الاعتزال عام 1968.
عمره المهني كان قد تجاوز الثلاثين عاما، وسنه تجاوز الثالثة والخمسين...الموسيقى تغيرت كثيرا في هذه الفترة ، وذوق الجمهور تغير وبدأ ينصرف عنه....ونجاحه لم يعد كما كان...
كان جالسا في سهرة مع زميله المطرب بول آنكا وقال له أنه سيترك كل شيء. لم يعد يحتمل الجو في المهنة.
ذهب بول آنكا ليلتها- وكان قد اشترى حقوق لحن فرنسي منذ مدة قصيرة- وقرر أن يضع الكلمات على اللحن على لسان فرانك سيناترا...قرر أن يتحدث كما لو كان سيناترا وهو يقرر أن يترك كل شيء وبأسلوبه نفسه.
اتصل به في الخامسة فجرا ليقول له: لدي شيء لك.
لم يحب فرانك الكلمات، لكن شركة التسجيلات المتعاقدة معه أقنعته بأدائها، قبل نهاية السنة كان فرانك يسجلها، وخلال أسابيع كانت أغنية ضاربة على جانبي المحيط الأطلسي، بقيت في قوائم مبيعات الأغاني في المملكة المتحدة لمدة تزيد عن السبعين اسبوعا ( من 1969 - 1971) وهو رقم لم يكسر إلا عام 2015...أصبحت الأغنية هي المميزة لفرانك سيتاترا ( الذي كان على وشك الاعتزال قبل أدائها) وأصبحت أنجح أغانيه قاطبة ( وزاد ذلك من كراهيته لها لأنها أصبحت تلاحقه اينما ذهب)، بقي فرانك نشطا قرابة ثلاثة عقود بعدها، ولم يعتزل إلا عام 1995 قبل ثلاث سنوات من وفاته..
شركة المغنى بول آنكا عاتبته على أنه أهدى الأغنية لمطرب آخر، لكن بول كان يقول هذه الكلمات على لسان فرانك وتعبر عنه شخصيا.
لكن ما قاله بول آنكا لم يكن دقيقا، لأن الأغنية - من شدة شعبيتها وتعبيرها عن القيم الأمريكية- صارت تسمى ايضا " النشيد الوطني". كانت تعبر ( ربما دون أن يقصد آنكا ذلك) عن قيم الفردية التي هي واحدة من أهم محركات المجتمع الأمريكي ( وربما أيضا من أهم سلبياته من وجهة نظر أخرى)...الفردية التي تعتبر أنك " أهم إنسان في حياتك" والتي يعبر عنها كثيرا بجمل مماثلة تحفز على تحقيق الذات ولو على حساب الكثير من القيم الاجتماعية.
تقول الكلمات..

الآن.. النهاية قريبة
وأنا أقف أمام الستارة الأخيرة..
يا صديقي سأقولها بكل وضوح
سأستعرض ما أنا واثق منه في حكايتي...

لقد عشت حياة حافلة بالأحداث
و لم أدع طريقا إلا سلكته في أسفاري
و لكن الأهم ،اﻷهم من كل هذا ..
أني فعلت ذلك بطريقتي أنا...

الندم؟
نعم لدي ما أندم عليه
و مع ذلك .. فهو أقل من أن يذكر..
لقد قمت بما كان يتوجب علي القيام به..
و مررت بكل شيء دون استثناء...
خططت لكل طريق سأسلكه
و لكل خطوة حذرة في طريق غامض..
و الأهم ، الأهم من كل هذا,أني فعلتها بطريقتي أنا..

نعم كانت هناك أوقات، كما تعلم...
حيث حملت أكثر مما احتمل...
و لكن وفي النهاية , عندما كنت أشعر بالشك
كنت أرمي بما يجب أن أتخلص منه...
لقد واجهت كل ذلك ,و وقفت شامخا
و فعلتها بطريقتي أنا

لقد أحببت ،.. ضحكت وبكيت..
وأخذت كفايتي وحصتي من الحزن الخسارة
و الآن ..وبعد أن جفت الدموع...
أجد كل ذلك كما لو كان أمرا مسليا..

"أن أفكر بأني قمت بكل ذلك "واسمحوا لي أن أقول
ليس بطريقة خجولة
لا طبعا ...لست أنا من يفعل ذلك
فقد فعلتها بطريقتي أنا

أصلا ما هو الرجل؟ ما الذي يملكه ؟
إن لم يملك نفسه , فهو لا يملك شيئاً..
أن يبوح بما يشعر به حقا..
و ليس بكلمات شخص خانع و ذليل..
سجلي يشهد ,أني تلقيت الضربات...
و فعلتها بطريقتي أنا

أجل..لقد كانت طريقتي أنا
****
ملاحظتان على كل هذا..
هذه الأغنية عبرت فعلا عن قيم مجتمع لكن دون أن تسقط في الشعارات..مجرد التعبير عن حياة شخص عاش حياته يمكن أن يقدم لنا فنا حقيقيا دون إسفاف ودون شعارات...
الملاحظة الثانية : الأغنية الأخرى المرتبطة بسيناترا والتي تعد مميزة له، غناها أيضا بعد هذه الفترة، بل بعد فترة أخرى من الرغبة في الاعتزال، تلك كانت أغنية نيويورك، نيويورك، التي قدمها بصوته عام 1979..
أي أن اشهر نجاحاته، كانت تلك التي قدمها بعد الخمسين والستين
.... المرء لا يعرف متى حقا يحقق أكبر نجاحاته...قد تبدو أنك كبرت وأن زمنك ولى، ورغم ذلك، ربما تحقق شيئا لم تحققه في مطلع حياتك...
هل يمكن ذلك حقا أن يحدث إن فعلت الأمر كما يفعله الآخرون؟
ربما لا..
من المهم أن تفعل ذلك، بطريقتك..
دون أن يعني ذلك بالضرورة أن طريقتك " تعاكس" أو تحارب طريقة الآخرين..
هي فقط مختلفة عنهم..

.
د.أحمد خيري العمري
نشر في 03 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع