Facebook Pixel
1055 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

لدينا جميعا بدر ما في مفترقات طرق حياتنا في كل صوب هناك بدر ما لو ركزنا قليلا نحتاج إلى قوة من نوع مختلف لخوضها, ربما تكون بدرك هي مواجهتك مع ذاتك أنت بالذات

لفت نظري عند بحثي عن تاريخ الصيام قبل الإسلام بعض المعلومات التاريخية التي يمكن أن تعيننا على فهم أعمق للشعيرة ككل..
الصيام كما جاء في القرآن الكريم كان مكتوبا على الذين من قبلنا، ولكن طريقته كانت مختلفة فهناك أنواع متعددة منه كما هو معلوم، وهذا لا يخص الأديان الإبراهيمية فقط، فكل الأديان تمتلك صياما خاصا بها ( بطريقتها طبعا) باستثناء الزردشتية التي تحرم الصيام.
لكن ما لفت نظري هو الصيام عند الأقوام البدائية، الذي يقول بعض الباحثين أنه كان شائعا جدا في مناسبات عديدة، هذه المناسبات تحديدا هذه هي التي نلفت النظر..
كانت الأقوام البدائية تمارس صومها في مناسبات : بلوغ سن الرشد ( coming of age rituals ) ، قبل الحصاد أو قبل تناول ثمرة الحصاد، وقبل الدخول في معركة أو حرب.
في كل من هذه المناسبات هناك شيء جديد...مرحلة جديدة...إنسان يدخل مرحلة الرجولة ( لا أعرف إن كان الصيام هنا أيضا يخص النساء في بلوغهن لسن الرشد)....حصاد أيضا يمثل حياة جديدة..نهاية مرحلة ودخول أخرى...كذلك الدخول في الحرب...مفترق طرق قد يؤدي إلى الموت ( مرحلة مجهولة وجديدة ومليئة بالغموض) أو إلى النصر ( مرحلة جديدة أيضا)...
لكن ما علاقة الصيام ( الامتناع عن الطعام) بكل هذا...خصوصا مع الحرب...فكرتنا الحالية عن الاستعداد والقوة ترتبط أكثر بالاستعداد عبر " التغذي جيدا" وليس عبر الجوع..فكيف يمكن أن يكون الدخول إلى الحرب مقترنا بجوع؟
على ما يبدو أن الأمر مرتبط بفكرة " التنقية" ..هذه الأقوام كانت ترى أن الدخول إلى هذه المراحل الجديدة ، ومواجهتها، تتطلب " التنقية" ..والتنقية هنا بأبسط معانيها وأوضحها تعني " إزالة كل دخيل"..عندما تنقي ثوبا فأنت تزيل عنه " الوسخ" أو أي شيء علق به..كذلك مع أي تنقية أخرى..ومع الإنسان أيضا..إعادته إلى ما كان عليه..دون شيء دخيل هو تنقيته..ومن الناحية الجسمانية، فأن الطعام يمثل شيئا جديدا دخل إلى جسم الإنسان، والامتناع عنه لفترة يمثل نوعا من أنواع التنقية..
ويبدو أن فكرة التنقية هنا كانت مرتبطة أيضا بنوع مختلف من القوة..الصبر..الجلد والتحمل...كما لو أن إزالة الطعام ( والتفكير به) يمد الإنسان بنوع مختلف من القدرة ..نوع يحتاجه في هذه المواجهات الصعبة.
هل عثرت الأقوام البدائية هذه على هذه الفكرة عبر مراحل تطورها ؟ أم ان الأمر كان مرتبطا أيضا ببقايا دين لا نعرف عنه شيئا اليوم؟
ربما.
********
هل يمكن أن نشيح النظر هنا عن "تزامن" فرض الصيام مع الأمر بالقتال ومعركة بدر..أول معركة دخلها المسلمون في تاريخهم؟ هل يمكن إلا أن نقر أن الصيام هنا قد أمدهم بقوة ساهمت في تحقيق نصر كان يبدو بعيدا بحساب الأرقام؟ ألا يرتبط الأمر مجددا بفكرة مختلفة عن فكرتنا الحالية عن القوة والاستعداد؟
****
لدينا جميعا بدر ما في مفترقات طرق حياتنا...في كل صوب هناك بدر ما لو ركزنا قليلا...نحتاج إلى قوة من نوع مختلف لخوضها...ربما تكون بدرك هي مواجهتك مع ذاتك أنت بالذات..وربما أكبر انتصاراتك فيها ستكون على تفسك تحديدا...
ولعل هذا يجعلك تبلغ الرشد الحقيقي...ويكون حصادك هو أنت ..أنت ولكن على نحو أفضل....
#أحمد_خيري_العمري
د.أحمد خيري العمري
نشر في 17 أيّار 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع