ما الفرق بين الأشخاص الانفتاحيين والداخليين؟

البعض منا يجد طاقته جالساً في المنزل يحتسي الشاي مع قراءة كتاب، والبعض لا تتحقق طاقته إلا في الأماكن المنفتحة ومع الأصدقاء، ما الفرق بين الشخصيتين؟

نحن معاشر " الانعزاليين" نشعر بالحرج من هذا الاسم.
فقد لقننا أن الميل للعزلة يعبر عن مشكلة ، عقدة، وتم ترويضنا على الخروج من عزلتنا كما لو كانت عيبا يجب التخلص منه، وتم إقسارنا على التزود بمهارات معينة لكي لا نظهر على حقيقتنا...بعضنا أجبر نفسه على الظهور المستمر بقناع الانفتاح الاجتماعي، رغم أن هذا يسبب له ضغوطا داخلية كبيرة قد لا يراها أحد في البداية بسبب القناع ...لكن ذلك كثيرا ما ينتهي نهايات مؤسفة...
لعلنا نفضل أن نسمى بـ " الداخليين" ...فنحن لا نريد اعتزال الناس بقدر ما نريد أن ننسحب إلى داخلنا...ذلك أن " داخلنا" هو مصدر طاقتنا...الأخوة " الانفتاحيين" يجدون طاقتهم في التواصل والتفاعل مع الناس، وهذا جيد وعظيم وكل شيء، لكن ثمة مصدر طاقة مختلف يجده البعض في مكان غير " الناس"..وهذا يجعلهم مختلفين فقط...لكنهم ليسوا معقدين ولا معادين للمجتمع ( اللهم إلا عندما يحاول جرهم بالقوة إليه)...
نجد طاقتنا في مساحة داخلية خاصة، قد تكون محض تأمل أو مشاهدة برنامج أو قراءة كتاب أو الاستمتاع بفيلم أو بموسيقى ...أعرف شخصا يعتبر أن أقصى سعادة دنيوية هي أن يبقى في البيت ويشرب الشاي ويقرأ في كتاب أو يشاهد فيلما. يا للتعقيد...نعم، بالنسبة لكم هو كذلك، لكنه يجد الأمر ممتعا جدا، بينما يجد الذهاب إلى المقهي المزدحم بصحبة عشرة أشخاص أمرا ثقيلا للغاية وباعثا على الاكتئاب. ...وتكون هذه هي " خروجة" يوم الخميس المنتظرة بالنسبة للبعض.
لدينا أصدقاؤنا طبعا. لكنهم منتقون. ثلاثة أو أربعة ربما. وليس دليل الهاتف كله. ولا يشترط أن يكون هؤلاء " داخليين" مثلنا، بعضهم انفتاحيون تماما، لكن أجمل وأقوى صداقة قد تنشأ بينهم...بل قد يساهم اختلافهم في تعميقها..
نحن - بالمناسبة -نضحك أيضا مع أصدقائنا، وقد نصل لحدود " التهريج"، لكن " شخص لشخص" وربما أمام ثلاثة أصدقاء فقط وليس أمام جماهير الأمة كلها. نحب النكتة اللطيفة كما تحبونها، ولا نشكو من نقص عاطفة أو حنان يجبرنا على العزلة.
كل ما في الأمر أننا نريد مساحة خاصة لنا، يمكن أن يشاركنا فيها أقرب الناس، لكن لا نرى دخول كل الناس إليها أمرا منطقيا.

#انتروفيرت_بلا_فخر