923 مشاهدة
0
0
الله عز وجل عندما بعث محمداً عليه الصلاة والسلام لهداية العالم، ضمَّن رسالته الأصول التي تفتِّق للألباب منافذ المعرفة بما كان ويكون
الشيخ #محمد_الغزالي : « في المزالق المتلفة قد يقول لك ناصح أمين: أغمض عينيك واتبعني، أو لا تسلني عن شيء يستثيرك! وربما تكون السلامة في طاعته. فأنت تمشي وراءه حتى تبلغ مأمنك. إنه في هذه الحال رائدك المعين، الذي يفكر لك، وينظر لك، ويأخذ بيدك. فإن هلك هلكتَ معه.أما لو جاءك من أول الأمر رجل رشيد فرسم خط السير، وحذرك مواطن الخطر، وشرح لك في إفاضة ما يطوي لك المراحل ويهوّن المتاعب. وسار معك قليلا ليدربك على العمل بما علمت. فأنت في هذه الحال رائد نفسك، تستطيع الاستغناء بتفكيرك وبصرك عن غيرك.
إن الوضع الأول أليق بالأطفال والسذج، وأما الوضع الأخير فهو المفروض عند معاملة الرجال وأولي الرأي من الناس.
والله عز وجل عندما بعث محمداً عليه الصلاة والسلام لهداية العالم، ضمَّن رسالته الأصول التي تفتِّق للألباب منافذ المعرفة بما كان ويكون.
والقرآن الذي أنزله على قلبه هو كتاب من رب العالمين إلى كل حي، ليوجهه إلى الخير ويلهمه الرشد.
لم يكن محمد عليه الصلاة والسلام إماما لقبيل من الناس صلحوا بصلاحه، فلما انتهى ذهبوا معه في خبر كان، بل كان قوة من قوى الخير، لها في عالم المعاني ما لاكتشاف البخار والكهرباء في عالم المادة.
وإن بعثته لتمثل مرحلة من مراحل التطور في الوجود الإنساني، كان البشر قبلها في وصاية رعاتهم أشبه بطفل محجور عليه، ثم شبّ الطفل عن الطوق ورشح لاحتمال الأعباء وحده.
وجاء الخطاب الإلهي إليه -عن طريق محمد (صلَّى الله عليه وسلم) يشرح له كيف يعيش في الأرض، وكيف يعود إلى السماء. فإذا بقي محمد (صلَّى الله عليه وسلم) أو ذهب فلن ينقص ذلك من جوهر رسالته.
إن رسالته تفتيح الأعين والآذان، وتجلية البصائر والأذهان، وذلك مودع في تراثه الضخم من كتاب وسنة.
إنه لم يبعث ليجمع حول اسمه أناساً قلّوا أو كثروا ؛ إنما بعث صلة بين الخلق والحق الذي يصحّ به وجودهم، والنور الذي يبصرون به غايتهم.
فمن عرف في حياته الحق، وكان له نور يمشي به في الناس فقد عرف محمداً (صلَّى الله عليه وسلم) واستظل بلوائه وإن لم ير شبحه أو يعش معه.
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا . فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}.
فإذا رأيت بعض الناس يتناسى دروس الأستاذ، ويتشبث بثيابه وهو حي، أو يتعلق برفاته وهو ميت ، فاعلم أنه طفل غرير . ليس أهلاً لأن يخاطب بتعاليم الرسالة بله أن يستقيم على نهجها.».
من كتابه : #فقه_السيرة
نشر في 16 تشرين الثاني 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع