Facebook Pixel
5786 مشاهدة
4
0
Whatsapp
Facebook Share

تأملات في سورة الاسراء من أروع ما يكون، سورة الإسراء هي سورة المسؤولية الشخصية، تسري بك إلى الطائر الذي في عنقك وتقول لك: حلق به، وأنت من يحدد أين يحط

سورة الإسراء هي سورة " المسؤولية الشخصية".
قد يبدو ذلك غريبا بالنسبة لعنوانها وما يرتبط به في أذهاننا من تفاصيل رحلته عليه الصلاة والسلام في الإسراء والمعراج..
لكن سورة الإسراء ابتدأت بالإشارة إلى رحلة الإسراء في آيتها الأولى، ثم " أسرت" بنا إلى موضوعات أخرى...أو هكذا قد يبدو الأمر، على الأقل للوهلة الأولى...
لكن تفحصا أعمق للسورة سيعود بنا - لاحقا - إلى الإسراء..بحيث يرتبط كل ما فيها بعنوانها من جديد...
سورة الإسراء هي - برأيي - سورة المسؤولية الشخصية كما قلت...الكثير من آياتها تشير إلى ذلك بكثافة لا أعتقد أن هناك سورة أخرى تضاهيها، بالتأكيد المسؤولية الشخصية أشير لها في سور عديدة، لكن سورة الإسراء تركز على ذلك على نحو يجعلك في مواجهة مباشرة مع الأمر...
فلنر مثلا...
وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا .. اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ..... مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى..... وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ..
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ .....ومَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا
وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا ... قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا
كل هذا في الإسراء!
إنها رحلة " ليلية" في ظلمة النفس ومجاهلها ومحاولاتها التهرب من المواجهة..الإسراء تقول لك أن تواجه نفسك وتتحمل مسؤوليتك. طائرك في عنقك وكتابك بيدك. أنت وحدك مسؤول عن الذي تفعله. تهزنا الآيات كما قد نفعل مع شخص ضعيف وخائر ومتذمر طيلة الوقت، نقول له: لملم نفسك واسترجل...كذلك تقول لنا الآيات...تحمل مسؤوليتك..
وليس بعيدا عن هذا، بل في العمق منه، وجود النسخة الإسلامية المحدثة من الوصايا العشر التي سبق وأن أنزلها الله على قوم موسى...النسخة الإسلامية تتجاوز الوصايا التوراتية المعروفة وتضيف عليها ثلاث وصايا على الأقل: عدم البخل وعدم التبذير بل التوسط في الأمر، عدم إتباع أمر ما دون علم، والتواضع...كما تسقط من هذه النسخة الخاتمة وصية تقديس يوم السبت..
وكل هذه الوصايا هي في النهاية " مسؤولية شخصية" ، صحيح أن بعضا منها يخص " أشخاصا" آخرين بحيث تنظم علاقتك بهم، لكن في النهاية هذه وصايا شخصية ..مسؤولية شخصية...السورة تسري بك إلى دورك الذي تحاول أن تبقيه في الظلمة..تضعك بمواجهة عواقب هذا اللقاء...وقرارك تجاهه..
*****
تسمى أيضا السورة سورة بني إسرائيل...إذ بعد مطلع السورة تأخذنا فورا إليهم...بالضبط إلى موقع من قصتهم لم يتكرر في أي سورة أخرى، ...قصة تعرضهم للهلاك والدمار على أيدي اقوام آخرين مرتين...نتعامل مع هذه الآيات أحيانا كما لو كانت تحمل نبوءة سرية بزوال دولة إسرائيل..والحقيقة أن كل ما ذكر من قصص لبني إسرائيل في القرآن كان الهدف منه أن نتعظ نحن وأن لا نمر بنفس الأخطاء التي وقعوا فيها..
ولقد فعلنا بالضبط..بحيث أن هذه الآيات الآن تكاد تنطبق علينا...وتتكرر علينا..
وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا...سنن لا تجامل أحدا...
******
ثمة آيات شخصية جدا في سورة الإسراء...شخصية تخاطب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام...وتجعلنا حاضرين في هذا الخطاب...

وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ... وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ... إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ..
وهذا يأخذنا مرة أخرى إلى الآية الأولى...الإسراء...نعرف أنه عاد عليه الصلاة والسلام مهموما من أن الناس لن يصدقوا ما سيقوله لهم..ثبت ذلك بالصحاح..وتأتي هذه الايات كما لو تلقي الضوء على هذه الفترة أو ما يشابهها..نحن هنا نرى ما يدور في نفسه عليه الصلاة والسلام...
تأتي الآيات لتعطيه الحل ، وتعطينا ايضا، في كل موقف مشابه، نحتاج فيه إلى التثبيت...
أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ... وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا
ونحن نعلم أن الصلاة فرضت في رحلة المعراج...هنا نعرف أي توقيت مناسب جاء هذا الفرض، ليكون العلاج والدواء لهذا الموقف ...ولكل المواقف التي يكون فيها صدقك بمواجهة الآخرين...
وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ..
شخصي جدا...لا أحد يعرف صدقك إلا أنت...وربك..
*****
تسري بك سورة الإسراء إلى الطائر الذي في عنقك...
تقول لك: حلق به...وأنت من يحدد أين يحط...
#القرآن_360_درجة
#أحمد_خيري_العمري
د.أحمد خيري العمري
نشر في 29 أيّار 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع