Facebook Pixel
كتب الرد على العقلانية
1001 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

يمكن لقائل أن يعترض متسائلاً على جدوى ومآلات فتح موضوع انشقاق القمر للنقاش، سيقول أن الناس تؤمن بهذه الواقعة في العموم

يمكن لقائل أن يعترض متسائلا على جدوى ومآلات فتح موضوع انشقاق القمر للنقاش، سيقول أن الناس تؤمن بهذه الواقعة في العموم وفتح النقاش في الأمر قد يقود إلى التشكيك بما يعده كثيرون من المسلمات التي بني عليها دينهم وإيمانهم. لم الإصرار على فتح هذا الأمر؟
أولا: ثمة خطر كبير في أن يبنى " الإيمان" على واقعة بعينها خاصة أنها تمتلك كل ما سبق من " اعتراضات" على ثبوت حدوثها. هذا بحد ذاته يجب أن يستدعي إعادة النظر في مسلمات الإيمان وقواعده. وقد سبق لي أن اصطدمت بنفس الموقف مع من آمن بمعجزات " مولد النبي عليه الصلاة والسلام" على نحو جعل إيمانه مبنيا عليها، رغم أنه لا مجال للمقارنة بين قوة سند " انشقاق القمر" وضعف –وأحيانا وضع- روايات خوارق المولد، إلا أن الفكرة واحدة: أن يرتكز الإيمان على حدث " خارق"، بحيث أن التشكيك بصحة فهم هذا الحدث قد يطيح بكل الإيمان، بينما بني إيمان المسلمين الأوائل على تعقل الظواهر الطبيعية الموجودة حولنا وربطها معا في عقيدة مؤمنة توحد الخالق القدير دون استثناء وجود خوارق للطبيعة، لكن هذا الاستثناء ليس هو ما يبنى الإيمان عليه.
ثانيا: ثمة حاجة متزايدة من استعادة مساحة العقلانية التي أفردها القرآن الكريم في الإيمان، أقول مساحة، مساحة لا تطغى على كل شيء ولكن أيضا لا تُمحى ولا تُهمش كما هي للأسف في الخطاب السائد حاليا. ثمة تخوف كبير في الوقت الحالي من مجرد لفظة " العقل"، بل إنّ كلمة " عقلاني" تعتبر تهمة عند البعض، وعند أي نقاش يتطرق لأمور " تتعارض مع العقل" يتم على الفور استحضار صراع المعتزلة وأهل الحديث ويتم إطلاق تهمة " تقديم العقل على النقل" كما لو أنه يمكن فهم أي نقل أصلا – دون عقل، وكما لو أن العلاقة هي بالضرورة " تقديم وتأخير" بين الاثنين، ولا يمكن أن تكون استخداما للعقل من أجل فهم النقل بأبعاده المتجددة، وهو الاستخدام الذي عرفه الجيل الأول في تعاملهم مع القرآن دون حاجة لنظرية مصاحبة تشرح ذلك وتؤصل له، وهو التعامل الذي صاغه القرآن بالأساس في مطالبته المستمرة " أفلا تعقلون ..لعلكم تعقلون...أفلم تكونوا تعقلون " – 24 مرة- " لقوم يعقلون" – 8 مرات .
ثالثا – من ضمن سوء سمعة " العقل" في التيار السائد حاليا اعتبار كلمة " العقل" مرادفة مهذبة للهوى. أحيانا يقال الأمر بهذه الصراحة. العقل هو الهوى. وهذا ناتج بدرجة ما، عن الخلط بين مفردة " عقل" وبين " طريقة تفكير أي شخص"، وهكذا يقول البعض ببساطة في معرض نقد العقل: أن ما يقوله عقلي مختلف عما يقوله عقلك، للدلالة على كون الأمر " غائم" و" مائع" ويمكن أن يفتح الباب لكل الأهواء..
لكن الحقيقة أن العقلانية لها قواعدها العامة الثابتة التي لا علاقة لها بنمط التفكير الشخصي، بل هي قواعد عقلية منطقية عامة من الصعب أن تسخر لخدمة أهواء عابرة.
رابعا – ثمة نزعة سائدة من التعامل الصفري- الكل أو لا شيء- في تعاملنا مع الحديث الصحيح، عليك أن تقبل متنه بظاهره ما دام سنده صحيحا وهذا من دلائل تسليمك وإيمانك حتى لو لم يكن محتوى هذا الحديث متوافقا مع " العقل"، إن بدر منك غير ذلك فهذا دليل على وجود مشكلة في إيمانك، للأسف هذه النزعة السائدة المدعومة من قبل البعض ليست صحيحة بهذا الإطلاق، وكثير من العلماء لم يأخذوا بمتن أحاديث صحيحة لتعارضها مع ما هو أقوى منها ، ولا يعني هذا أنهم " كذبوا" راوي الحديث أو "ضعفوا" سند الحديث. هذان أمران مختلفان تماما، وللأسف لا ينتبه بعض العقلاء لهذا فيخلطون بين " رفض فهم سائد لحديث صحيح، وتأويله على نحو آخر" وبين " تكذيب حديث صحيح " وهو أمر لا أشك أن مآلاته كارثية وتزيد بكارثيتها على مشاكل التعامل السائد مع الحديث.
خامسا – آلية التعامل السائدة في حسم الأمر ( ما اتفق عليه جمهور المفسرين ووجود حديث صحيح) يتم التغافل عنها عندما يكون الأمر متعلقا بمعطيات علمية لا مجال لإنكارها، هذه الانتقائية في استخدام الأمر لا تنذر بطول سلامة، وربما تكون مقدمة لانهيار كبير لاحق في منظومة الفهم والتعامل مع النصوص، وهو أمر لا يرغب أحد حقا بالوصول إليه.
رابط المقال كاملا
https://bit.ly/2UN39DN
د.أحمد خيري العمري
نشر في 01 أيّار 2019
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع