1098 مشاهدة
2
3
ملخص الفرضية هو أن الكون الذي نعيش فيه هو واحد من عدد كبير جدًّا من الأكوان (العدد المقترح هو 10 مرفوعة إلى الأس 16 مرفوعة إلى الأس 16) هذا العدد الكبير من الأكوان، فيه كل المتغيرات التي يمكن تخيلها من القوى الفيزيائية التي تشكل الكون
فرضية الأكوان المتعددة ..ملخص الفرضية هو أن الكون الذي نعيش فيه هو واحد من عدد كبير جدًّا من الأكوان (العدد المقترح هو 10 مرفوعة إلى الأس 16 مرفوعة إلى الأس 16)
هذا العدد الكبير من الأكوان، فيه كل المتغيرات التي يمكن تخيلها من القوى الفيزيائية التي تشكل الكون، ولأن هذه المتغيرات يجب أن تكون دقيقة جدًّا لكي تسهل وجود حياة، فإن كوننا هو من ضمن الأكوان التي منحتها الاحتماليات أرقامًا فيزيائية سهلت نشوء الحياة فيها، بينما لم يحدث هذا مع عدد كبير من الأكوان، وربما حدث مع بعضها أيضًا دون أن ندري.
بعبارة أخرى: كوننا هو الذي فاز ببطاقة اليانصيب التي سهلت نشوء الحياة فيه، من ضمن عدد 10 مرفوع إلى الأس 16 مرفوع إلى الأس 16 من الأكوان.
هذه الفرضية تقدم تفسيرًا يخرج من مفهوم الضبط الدقيق للكون.
هنا لم يعد البعض مضطرًا إلى مواجهة بديهية وجود من ضبط هذا الكون، لا ضبط، فقط عشوائية سحبة اليانصيب التي منحت لكوننا حظ الحياة كما نعرفها.
هل من دليل علمي يدعم هذه الفرضية؟
حتى الآن لا. هي فرضية تستخدم لملء بعض الثغرات الموجودة في فهمنا لبعض الظواهر الموجودة في الكون دون أن تجد حتى الآن ما يدعمها بحيث تتحول إلى "نظرية" ، والبعض يعتبر أنها ليست "علمية" أصلًا لأنها ببساطة تدخل في افتراض لا يمكن التثبت والتحقق منه "علميًّا" ، هي أقرب إلى الميتافيزيقا أو على الأقل نوع جديد من الحقول التي لا تدخل في باب العلوم المعتادة .
رغم ذلك، فالفكرة تجد من يدعمها من الفيزيائيين المرموقين (من ضمنهم ستيفن هوكنغ الذي نشرت له بعد وفاته ورقة بحثية تختصر عدد الأكوان المتعددة إلى رقم محدد من الاحتمالات التي تشبه كوننا من ناحية الظروف، وهو أمر يعده البعض يصب لصالح الضبط الدقيق للكون.)، بل ويذهب البعض منهم إلى اعتبارها حقيقة مثل وجود الديناصورات سابقًا على الأرض ، وتجد أيضًا من يعارضها من نفس الفئة المرموقة، حيث يعتبرها بعضهم "نظرية أي شيء التي تسمح بكل شيء ولا تفسر أي شيء" ويعتبرها آخر "مغالطة منطقية" ويذهب البعض إلى اعتبارها "علمًا زائفًا " .
المؤمنون لن يجدوا مشكلة كبيرة في وجود عدد كبير من الأكوان لو ثبت ذلك، بالنسبة لهم، الله خالقهم وخالقها، بالضبط مثل احتمالية وجود نوع آخر من الحياة في الكون، الله هو الخالق، هنا وهناك وفي كل مكان.
المشكلة بالنسبة للمؤمنين هنا هي أولًا في استخدام "فرضية الأكوان المتعددة" للتقليل من أهمية الضبط الدقيق للكون والعودة إلى فكرة الصدفة العشوائيّة التي منحتنا فرصة الحياة.
المشكلة الأكبر هي في إدخال العلم في مجال "لا يمكن التحقق منه أو إثباته أو تجربته" والتعامل مع "فرضيات لا يمكن إثباتها قريبًا" بوصفها حقائق لتفادي التعامل مع نتائج "مفهوم الضبط الدقيق للكون"، أي مع الاحتمالية المرتفعة لوجود "مَنْ ضبط" الكون.
لعقود طويلة ظل العلماء الملحدون يرفضون فكرة الله باعتبارها فكرة لا دليل علميًا عليها، لا يمكن التحقق منها أو إثباتها أو تجربتها، كانوا يعتبرون أن الله هو "إله الفراغات"، أي ما نسد به الفراغات في فهمنا للكون، أي ظاهرة لا نفهمها من ظواهر الطبيعة، نرجعها إلى الله لتفسيرها، وينتهي الأمر هنا.
لكنهم يفعلون الشيء ذاته مع "الأكوان المتعددة".
لا دليل علميًا يدعمها، لا يمكن تجربتها أو إثباتها، وتستخدم لملء فراغات خلفتها نظريات علمية قائمة.
المؤمن يمكنه أن يعزل بين الأمرين، بين العلم والإيمان، لكٍل منهما حدوده ومجاله، لكن أن يقع هذا الخلط من العلماء؟ من الصعب استبعاد فكرة "التحيز" تمامًا هنا.
*******
قدم الفيلسوف جون ليزلي مقاربة ذكيّة عن كل هذا..
لو أن محكومًا بالإعدام أُوقِفَ لتنفيذ الحكم أمام فريق مدرب مجهز مكون من خمسين شخصًا، صدر الأمر بإطلاق النار، وأفرغ كل الفريق ما لديه من طلقات باتجاه الهدف على بعد أمتار قليلة.. لكن هذا المحكوم بالإعدام لم تصبه رصاصة واحدة، ولا رصاصة.
كيف يمكن لهذا أن يحدث؟
هناك غالبًا احتمالان..
الأول أن ذلك حدث بالصدفة. هكذا. الأخطاء تقع. هؤلاء بشر. حتى المدربين وأصحاب الخبرة يمكن أن يخطؤوا الهدف.
والثاني أن ثمة شيء متعمد في الأمر، ثمة اتفاق بين كل هؤلاء على تجنب إصابة الهدف.
يمكن لأي أحد أن يختار الاحتمال الأكثر قربًا إلى منطقه وتصوره.
لكن هذا الشخص الذي نجا من الموت، لا يمكنه أن يترك باحة الإعدام ويمضي لحال سبيله وهو يعتبر الأمر صدفة لا تستحق التفكير.
لا بد أن يفكر أن ثمة معنى في هذا الذي حدث له..
نحن، جميعنا، ممثلين عن كوكب الأرض، نشبه هذا المحكوم بالإعدام بطريقة معاكسة.
لقد أُطلقت "رصاصة الحياة" من مكان ما خارج النطاق الكوني الذي نعرفه والذي لا نعرفه، وتركت هذه الرصاصة مليارات المليارات من المجرات والكواكب غير المأهولة بالحياة، وأصابت شخصًا واحدًا فقط (هو أنت) لتنعم بأوسع مساحة ممكنة دون أي معاناة من الزحام.
هل يمكن أن تصدق أن ذلك كان صدفة لا معنى لها، مجرد رقم في قانون الاحتمالات الرياضية، مجرد قرعة في سحبة يانصيب؟
الجواب يتطلب أن تستعمل حسك البديهي..
*****
من كتاب " ليطمئن عقلي"
نشر في 14 حزيران 2019
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع