كل شيء يتسرب بالتدريج كساعة رملية!

كل شيء يتسرب بالتدريج الكل سيتسرب فهو قانون الحياة الذي لا يحابي احدا، والذي لا نفكر فيه لحظة واحدة

كل شيء يتسرب بالتدريج..
كالرمل في ساعة رملية..
كل شيء يتسرب بالتدريج كما لو أنه لم يكن..
تتسرب الألوان من الصورة بالتدريج ..وتتسرب الأناقة من الملابس، وتبدو نكتة بمقاييس اليوم.. بتسرب الأمل من النظرات،...وتتسرب الفرحة من الضحكات،...تحل محلها ضحكة ساخرة من كل ما كان...
تسربت حتى المشاعر من بين بعض من كان مرتبطا هنا، وحل الطلاق المرير ..
تسربت الحرارة من العلاقات، حل محلها البرود الرسمي القارس...وتسرب الاهتمام من الأسئلة، وحلت محلها المعايدات التقليدية كل سنة...وكان الهاتف ينقل تفاصيل الأخبار في أيام العطلة القصيرة..لو قيل لنا ذلك يوم التقطت الصورة، لقلنا لا، نحن لا...كذلك قال الذين من قبل، وكذلك يقول من بعد، ونمر جميعا في طاحونة التفاصيل..
ثم بدأ اولئك الكبار بالتسرب...أساتذتنا في الصف الأول...
ثم يبدأ التسرب بالانتقال إلى الصفوف الأخرى...
******
كلنا سنتسرب، بالتدريج...
أولئك الذين احببناهم، وأولئك الذين لم نفعل، أولئك الذين سخرنا منهم، وأولئك الذين سخروا منا، أولئك الذين اغتبناهم ( على النافورة) وأولئك الذين اغتابونا ( على النافورة أيضا)...أولئك الذين تجنبنا أين يجلسون في النادي، وأولئك الذين جلبنا الكراسي الإضافية لنكون قربهم،...أولئك الذين نافسناهم، وأولئك الذين غلبونا....أولئك الذين لا يزالون في قائمة اتصالاتنا المفضلة، وأولئك الذين لم نعد نذكر أسماءهم...أولئك الذين شهقنا فرحا يوم رايناهم بعد سنين، وأولئك الذين تظاهرنا أننا لم نرهم، وأشحنا بوجوهنا إلى الجهة الأخرى أو تظاهرنا اننا نتحدث على الهاتف..
الكل سيتسرب...قانون الحياة الذي لا يحابي احدا...والذي لا نفكر فيه لحظة واحدة لحظة نلتقط صورة كهذه...
******
أمس توفيت ميرفت حامد الحيالي...تقف في الصف الثاني...
كانت قد كتبت قبل فترة على الفيس ما معناه: سيحبني الجميع يوم أموت...
رحمها الله....
طب أسنان بغداد / دفعة 1993