1143 مشاهدة
0
0
إن الفقه الإسلامى أحد تيارات الفكر المنبجسة من ديننا وقد يكون أخطرها لأن أحكامه تتناول الإنسان من المهد إلى اللحد، كما أنها تشرع للفرد والمجتمع والدولة
كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [442] : تهجما صبيانيا
القول بأن الفقه الإسلامى فى عصوره الأولى انحصر فى دائرة العبادات يحتاج إلى إعادة نظر، فإن هذا الفقه ملأ ميادين كثيرة واستبحرت بحوثه حتى لكأنها تستمد من الآية الكريمة (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) !
وفى القرن الهجرى الثانى كان لأبى حنيفة رحمه الله تلميذان مشهوران، الأول أبو يوسف الذى ألف كتابه الخراج فى الفقه المالى والإدارى. والثانى محمد بن الحسن الذى ألف فى فقه العلاقات الدولية، وله مدرسة مشهورة بين علماء القانون الدولى فى أوروبا وقد قرأنا لابن حزم فصلا فى فقه العدالة الاجتماعية لو كتبه غيره من مفكرى الغرب لبلغ به قومه الأوج.!
لكن المسلمين فى فترة انحسارهم الحضارى حصروا نشاطهم فى نطاق العبادات، وعجزوا عن مواكبة الزمن، فأساءوا إلى أنفسهم ودينهم..
ثم جاء عصر التقليد المحض فزاد الطين بلة، وأمست الدراسات الفقهية بحوثا ميتة فى الصلاة والحج واقتسمها أتباع المذاهب الأربعة فكادت الصلات بالكتاب والسنة تنقطع وصار الفقه ترديدا لأقوال الفقهاء فى عصر الاضمحلال.
ومنذ قرن انفجرت نهضة صالحة تهيب بالناس أن يعودوا إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم بدل الاحتباس فى أقوال رجال المذاهب المختلفة، وهذا حسن بيد أنه مسلك يحتاج إلى إيضاح.
فإن الأئمة الأربعة الأوائل، ومن دار فى فلكهم من الفقهاء كانوا يستنبطون من الكتاب والسنة، ولهم اجتهادات مشكورة ومحاولة محوهم من تاريخنا العلمى خطأ واستهجان مناهجهم أو التهوين من شأنها لا يسوغ، إن باب الاجتهاد قد فتح ليواجه المسلمون قضايا دولية ومحلية وشئونا تربوية واجتماعية لابد من مواجهتها.. وتراثنا القديم صالح لأن نبنى عليه ونعلى البناء، ولو ورثنا عقول سلفنا الصالح وأساليبهم فى الفهم وتجردهم للحق ورغبتهم إلى الله لكان لنا مستقبل أنضر..
إننى أسمع تهجما صبيانيا على رجال الفقه القدامى، وزعما بالعودة المباشرة إلى الكتاب والسنة ، وقد تفرست فى مسالك هؤلاء المتهجمين فرأيت كما قيل: أبا حنيفة من غير فقه، والشافعى من غير أصول، مالكا من غير سنة وابن حنبل من غير رواية !
إننى لا أتعصب للأولين، ولكنى أقدرهم قدرهم وأطلب أن يكون المجتهدون الجدد على مستواهم الفنى والخلقى، وأن يدركوا ما وفدت به الحياة من مشكلات ويحسنوا التماس الحلول المجدية، إننا الآن نسمع لغطا حول حقوق الإنسان، وحديثا عن مستقبل الإنسانية فى هيئة الأمم.
وهناك صراع بين أديان ومذاهب، ولنا ولغيرنا تاريخ طويل على ظهر الأرض، فيه الخطأ والصواب والجد والهزل، وعندما نتلاقى فى الساحات العالمية يجب أن نكون على مستوى الإسلام العظيم..
إن الفقه الإسلامى أحد تيارات الفكر المنبجسة من ديننا وقد يكون أخطرها لأن أحكامه تتناول الإنسان من المهد إلى اللحد، كما أنها تشرع للفرد والمجتمع والدولة..
إن عظمة آبائنا ليست فقط فى أنهم أزالوا دولتى الروم والفرس، وخلصوا الدنيا من عبئهما الثقيل، بل عظمتهم أنهم ملأوا الفراغ المتخلف عنهما بفجر علمى منير الآفاق باهر الإشراق، ولن نصلح لخلافتهم إلا إذا أوتينا قدرتهم على الإبداع والنفع.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
نشر في 28 أيلول 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع