1156 مشاهدة
0
0
لا يمكننا أن نقبل فى ديننا إنسانا تنظر فى قلبه فلا تراه يخاف الله أبدا، أو تنظر فى عمله فترى مسالك الكفار أفضل منه، وعلى من يغار على دينه أن يعلن حربا على هذه الأوضاع حتى يغير الله ما بنا
كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [482] : الأخلاق والعبادات
تساءل الأستاذ الكبير الدكتور "محمود محمد سفر": هل حقا تسبق الأخلاق العبادات فى الإسلام كما يفهم من كلامى؟ وطالبنى بمزيد من الشرح والتوضيح لهذه المقولة..
وأجيب بأن اللبس قد يزول إذا ظهر أنى قسمت الأخلاق قسمين، أخلاقا ربانية جوهرها علاقة المرء بربه كما تحددت فى كتاب الله وسنة رسوله وأخلاقا إنسانية عامة يعرفها طلاب الكمال من جميع الأجناس والملل.
فأما الأولى فهى خشية الله والرجاء فيه ومحبته والتوكل عليه، والاستمداد منه والتوبة إليه، وقد شرحت ذلك كله فى كتابى "الجانب العاطفى من الإسلام ". وأما الثانية فهى الفضائل الضابطة للسلوك البشرى من صدق وأمانة ورفق وحياء وشرف ووفاء.. الخ.
والإسلام يقيم صروح هذه الأخلاق جميعا، وينظر إلى المتجرد من هذه وتلك على أنه امرؤ لا خير فيه، فإذا فقد الإخلاص مثلا وكان عمله للرياء والسمعة فإن عباداته تطيش ويمسى حطبا لجهنم ويكون أول من تُسعر بهم النار، ما نفعه علم ولا عطاء ولا جهاد..!
وإذا فقد الصدق مثلا ـ وهو من الأخلاق العامة ـ تدرج به الكذب من درك إلى درك " ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا "..
أحسبنى مصيبا إذا قلت: إن العبادات إذا فقدت الأخلاق رفضت، فالمصلى الذى يقرأ بلا وعى، ويقوم بلا خشوع والمجاهد الذى قاتل الروس بشجاعة، فلما هزمهم قاتل إخوانه الذين يحولون بينه وبين الرياسة، هؤلاء جميعا يفقدون الأخلاق الربانية، فلا خير فيهم..
والمتعاملون فى الأسواق الذين لا تربطهم كلمة، ولا وفاء لهم بوعد ولا عهد ولا عقد، هم كما عبرت السنة منافقون!
إن الله سبحانه بشر بجنته الخاشعين فى صلاتهم (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون) ووعد الصادقين ـ ووعده الحق ـ بالنعيم الخالد (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم).
أى أنه نظر إلى الأخلاق المقارنة للعبادات ثم تقبلها، على أن النتيجة قد تتحول هى الأخرى إلى سبب، فالذى واظب على صلواته استجابة لأمر الله ستجعله صلاته بعيدا عن الفحشاء والمنكر، أى ستجعله صلاته يكتسب أخلاقا أرقى وهكذا..
والمسلمون اليوم مصابون فى أخلاقهم على الإجمال، مما جعلهم متخلفين فى كل سباق إنسانى يقوم على ظهر الأرض!!
والخطب سهل فى هذه التقسيمات الفنية، فنحن متفقون على أن الدين يشمل الأخلاق والعبادات معا، ولن يضرنا تقديم أحد المتعاطفين على الآخر، تستطيع أن تقول الماء يتكون من " أوكسجين " و "أيدروجين "، أو من " أيدروجين " و "أوكسجين "!!
ويمكن التساهل فى العبارات لكن لا يمكن أن نقبل فى ديننا إنسانا تنظر فى قلبه فلا تراه يخاف الله أبدا، أو تنظر فى عمله فترى مسالك الكفار أفضل منه، وعلى من يغار على دينه أن يعلن حربا على هذه الأوضاع حتى يغير الله ما بنا.
وأخيرا فللدكتور سفر أطيب تحية وأعمق المحبة.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
نشر في 01 تشرين الأول 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع