815 مشاهدة
0
0
هناك مثيرات ترد الإنسان إلى الله وتشعره بقربه وهيمنته عليه وإطلاعه على سره ونجواه.! ما هذه المثيرات؟ من كتاب الحق المر للكاتب محمد الغزالي
كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [435] : المثيرات
هناك مثيرات ترد الإنسان إلى الله وتشعره بقربه وهيمنته عليه وإطلاعه على سره ونجواه.! ما هذه المثيرات؟.
قد تكون لحظات عابرة تومض ثم تخفت، ويعود المرء بعدها إلى غفلته العادية وقد يطول أمدها ويعمق ويعقبها تغير فى السلوك العام!.
إننى أنتهز هذه المثيرات وأرتب عليها أمورا ذات بال حتى لا تضيع سدى..
أذكر وأنا طالب أقضى إجازتى فى القرية أنى صليت الفجر فى المسجد ثم قررت أن أخترق الحقول متجها إلى النيل لأسير على شاطئه ساعة كانت الظلمة لا تزال تسود الأرجاء، وأصوات الضفادع والجنادب لا تزال تسمع فى الترعة القريبة!
قلت حسنا فلأتل أنا بعض ما أحفظ من قرآن، ولأدخل فى مسابقة مع هذه الكائنات التى تسبح بحمد ربها وكنت متوقفا عند سورة الإسراء فاستأنفت التلاوة وأنا اخترق عيدان الذرة وشجيرات القطن وأنواع الزروع، وهجس فى نفسى هاجس غريب.
قلت إن الطين انشق عن هذا النبات الناضر وهذا الثمر النضيد أفلا يمكن ـ ونفسى من هذا الأصل ـ أن تزدان بصنوف من الثمر الجيد والخير الكثير؟ فدعوت بصوت عال: يا من يخلق من الطين حبوبا ورياحين اجعل منى إنسانا مورقا بالخير، حافلا بالثمر!! إنك على ما تشاء قدير..!!
وبلغت شاطئ النيل وأنا أناجى وابتهل، ثم سرت قليلا وقد سرح فكرى مع رحلة أخرى وإنسان آخر، مع أبى الفرج بن الجوزى الداعية الكبير قالوا: كان يستحب الدعاء بين القبور!.
لقد استحببته أنا مع منابت الحياة ومطالع الأزهار والثمار، فبيننا فارق كبير!! ثم قلت: النتيجة واحدة، إن الرجل يقتل غرور الدنيا فى نفسه عندما يسير بين مصارع الآمال، وخواتيم هذه الدنيا، ويتعلم أن الله هو الحق المبين. أما أنا فقد أتيت الحقيقة من طرفها الآخر.. أو من نشأتها الأولى.!
إن كثيرا من الناس يودع أحبابه الثرى ثم يذهب لشأنه دون ذكرى واعية أو عظة بالغة فهل تلك قصة الحياة..؟ وتذكرت شاعرا من محلة اسمها " الدير " قريبة من مقابر المدينة يقول:
وبالدير أشجانى، وكم من شج له .. دوين المصلى بالبقيع شجون!
رُبى حولها أمثالها إن أتيتها .. قرينك أشجانا.. وهن سكون!!
إن المثيرات التى تخترق مجرى الحياة العادية كثيرة، والمهم حسن استغلالها فلعلها تكون نقلة من طريق إلى طريق ومن اتجاه إلى اتجاه.
ولنعلم أن الحضارة المعاصرة ترفض كل ما يعود بالناس إلى ربهم، وتطرب لكل ما يربط الناس بالدنيا وفتونها وزخرفها.
ولست محاربا للحياة ولا كارها للبقاء فيها ولكنى مستيقن أن الخلود فيها مستحيل، وأن لربها حقوقا. من العقوق أن ننساها، ومن العقل أن نحافظ عليه.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
نشر في 28 أيلول 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع