Facebook Pixel
802 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

يقدم لنا الفيس بوك أحياناً بعض الظواهر التي تستحق الدراسة، على نحو أوضح وأكثر مما هو متوفر في الحياة الواقعية ونطاقها المحدود

يقدم لنا الفيس بوك - أحيانا - بعض الظواهر التي تستحق الدراسة، على نحو أوضح وأكثر مما هو متوفر في الحياة الواقعية ونطاقها المحدود المحيط بكل منا.
كل منا عرف أشخاصا متلونين ( في الدراسة أو العمل )، لا يكاد الأمر يخلو في أي بيئة، ترى شخصا يؤيد الجميع في كل ما يقولونه، حتى لو كان تأييده يذهب أحيانا إلى أشياء متناقضة تماما. يذهب تماما مع التيار أينما يقوده، ثم يذهب إلى الغرفة المجاورة أو الطاولة المجاورة و يذهب في تيار مختلف تماما، وبنفس الحماس.
عادة يوصف هذا بالنفاق، وربما يتهم هذا الشخص بأنه يحرك الأمور وينقل " الكلام" بين هذا الطرف وذاك. وغالبا لا يحصل على ثقة أي من الأطراف، ولا يعتبر صديقا عند أي منهم.
الفيس بوك يقدم لنا هذه الظاهرة بشكل أوضح لأنه يمنحنا نطاقا أكبر للملاحظة مما تفعله البيئة المباشرة، كما أنه " يوثق" الأمر مع " إعجابات" هؤلاء و" تعليقاتهم" بينما الأمر لا يكون بهذا الوضوح في الواقع المباشر.
لكن النظرة المدققة من خلال الفيس بوك لن تجعلنا نراهم كمنافقين، بل يبدو الأمر أعقد بكثير مما كنا نظنه سابقا..
عندما تتفحص هؤلاء كمجموعة - وليس كأفراد متناثرين- ستجد أن ثمة تشابهات بينهم تجعل الأمر نمطا متكررا بعيدا عن الصدفة.
عندما ترى شخصا يضع الإعجاب - أو عبارات التأييد المتحمسة - على الشي وضده ( خاصة عندما تكون هناك معارك فيسبوكية محتدمة) فأن التفسير الأول عندك سيكون هو أنه لم يقرأ - أو قرأ ولم يفهم - ولذا فهو لم ينتبه إلى التناقض الذي وقع فيه. وهذا وارد طبعا.
لكن مع تكرر الأمر، ومع تكرره مع قضايا واضحة جدا يستبعد " عدم الفهم" فيها، فأن الأمر ربما يكون له بعد آخر..
في الغالب، وحسب رأيي، الأمر له علاقة ببحث هذا الشخص عن القبول بين الناس، هو يؤيد الجميع، لأنه يعتقد أن هذا سيجعله مقبولا عندهم، وهو في قرارة نفسه - ولأسباب عميقة- يعتقد أنه مرفوض عندهم، غالبا لأن لديه " رفض" لنفسه لسبب ما...
رغم أنهم غالبا ينتهون بلا صديق حقيقي واحد، لكنهم غالبا ما يبدؤون بمحاولة كسب الجميع، يكونون مدمنين " إرضاء الجميع" على نحو مرضي...
لو دققت في أي شيء خارج نطاق " إرضاء الجميع" ستراهم يحرصون على الظهور دوما بمظهر المثقف دوما، العميق دوما، الذي يقول أي شيء دون أن يقول حقا، لأنه يخاف أن يغضب أحدا..
مشكلتهم الأساسية ليست في حرصهم على إرضاء الجميع، ولا في عدم وجود موقف لهم..
مشكلتهم الأساسية هي في أنهم يرفضون أنفسهم..
وكل هذا محاولة لتعويض ذلك، أن يقبلهم الآخرون..
ربما بعدها...يتقبلون أنفسهم..
د.أحمد خيري العمري
نشر في 26 أيلول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع