1735 مشاهدة
1
0
دائماً مايتسائلون حول نهضة الدولة العثمانية، وهل شهدت الدولة العثمانية إرهاصات لنهضة علمية في فترة من فتراتها؟
هل شهدت الدولة العثمانية إرهاصات لنهضة علمية في فترة من فتراتها؟الأدبيات التي تهتم بالعصر المتعارف عليه باسم عصر النهضة العربية دائمًا ما تركز الحديث على الأقطار العربية في محاولة للإجابة عن متى بدأت تتشكل النهضة لهذا العصر، فتتعدد مشارب كل مفسر لهذه البداية ما بين النهضة المصاحبة لمدافع نابليون، ومنهم من أرجعها لما قبل ذلك، ومنهم من أرجعها إلى أن بدايتها الحقيقة كانت مع محمد علي، إلا أن الصورة الحقيقة لا تكتمل إلا بالبُعد عن حصر فكرة النهضة في الأقطار العربية أو في مصر فقط، فمنذ القرن الثامن عشر وهناك بذور فعلية وإرهاصات حقيقية لهذه النهضة في الأدبيات التي وضعت في هذا العصر خاصة في العاصمة إسطنبول، فحركة إنشاء المكتبات العامة الكثيرة في أقطار الدولة كانت في هذا العصر، وظهور أسماء كبيرة في فروع مختلفة من العلم سواء على مستوى الأقطار العربية مثل الجبرتي في التاريخ أو الزبيدي في اللغة أو عبد اللطيف البغدادي في الأدب، إلا أنه توازى مع هذه النهضة التي يمكن تسميتها بالنهضة الكلاسيكية -كما أسماها البروفيسور "بيتر جران" عند حديثه عن مصر في القرن الثامن عشر- في العاصمة وجود شخص مثل إسماعيل الجلنباوي عبقري الرياضيات، والمؤرخ البوسنوي "المولا مصطفى باشيسكي" الذي وضع تاريخ يشبه تاريخ الجبرتي في نفس القرن، وهو نفسه القرن الذي شهدت مؤلفاته الطبية نظرة جديدة متأثرة بالطب الأوروبي الحديث وبدأت تظهر فيه أسماء لأطباء أوروبين ونوعية طبهم الجديد، كما أنه نفس القرن التي تبنت فيه الدولة المطبعة بشكل رسمي كنتيجة من نتائج هذه الحركة العلمية، وظهر فيه "حسن العطار" كما ظهر فيه "المرادي" المؤرخ، يعني باختصار من الممكن النظر لهذا القرن بأنه البذور الأولى لما يمكن تسميته بنهضة مجهضة أو محاولة نهوض بدأت بداية جيدة وطيبة استمرت وامتدت حتى القرن التاسع عشر.
نشر في 04 أيّار 2018