جيران متخاصمين حُكمهم واحد!

مجموعة دول البلقان المميزة التي يجمعها التخاصم أكثر منها الجيرة والعلاقات الحسنة، منطقة جغرافية قد حُكمت جميعاً من دولة واحدة

مجموعة دول البلقان المميزة التي يجمعها التخاصم أكثر منها الجيرة والعلاقات الحسنة، هذه المنطقة جُغرافيًا [بالإضافة إلى رومانيا وكرواتيا لفترة زمنية صغيرة] حُكمت من القرن الخامس عشر حتى التاسع عشر [وامتد أجزاء منها حتى وصلت للقرن العشرين] بواسطة الدولة العثمانية في عملية تقسيم السكان التي تتنوع أعراقهم ولغاتهم ومللهم فغالبية السكان عند الدخول العثماني هم مَسيحيون أرثوذُكس [يتواجد كاثوليك و أغلبية من اليهود في سالونيك بعد الهروب من محاكم التفتيش في الأندلس] يستخدمون الأبجدية اللاتينية أو السيريلية للكتابة ولكل طائفة تقريبا كنيسة خاصة بهم، نضف إليهم مجموعات كبيرة من السكان تحولوا إلى مسلمين بهيئة شكلت أغلبية في البوسنة وألبانيا في القرن السادس عشر، وتحولت أحرف الكتابة عندهم بعد التحول للإسلام إلى الأحرف العربية بالإضافة إلى أجزاء من كل المناطق الأخرى، فنحن أمام تنوع ضخم في اﻷعراق والأديان واللغات والثقافات.

هذه المنطقة الموحدة تحت حكم عُثماني واحد خرجت من تحت يديه في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين بشكل كامل لم تكمل من العُمر قرنًا من الزمان حتى شهدت بُلدانها حربان عالميتان، وعدة حروب فيما بينهم تتنوع ما بين حروب أهلية وحروب بين قوميتين وديانتين، وتُقسم أراضيها إلى كونفدراليات ويتواجد بداخلها قوات دولية لحفظها من نشوب اقتتال وصراعات مرة أخرى.
إن دراسة التاريخ تُظهر بشكل جلي أن الوحدة والإدارة الحكيمة أفضل بكثير من التشتت والتشرذم وإن كان باسم الحداثة والدول الديمقراطية الحديثة، فلو لم يكن التحديث دافع للأمام لصناعة تاريخ أفضل ووحدوي فلا حاجة إلى هذه التحديث الذي يؤدي إلى مثل تلك الصراعات والتقلبات.