Facebook Pixel
حقوق الله ثم حقوق الإنسان
758 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

إن الأخطاء أو الخطيئات التى ارتكبها المسلمون داخل أرضهم هى التى استدعت القوات الأجنبية للمجيء من الخارج، من كتاب الحق المر للكاتب محمد الغزالي

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [631] : حقوق الله ثم حقوق الإنسان

يعلق بذهنى من أيام الصبا ما قرأته فى الصحف عن سقوط الحكومة المصرية القائمة، بعد اكتشاف حادثة تعذيب شائنة فى مركز البدارى بمحافظة أسيوط، الرئيس الذى سقط هو إسماعيل صدقى، والرئيس الذى أتى هو عبد الفتاح يحيى، وكان ذلك كله فى أيام النظام الملكى السابق.

كان اشمئزازنا كبيرا لما وقع، واشتد غضبنا لعدوان الشرطة على سجين مستضعف وقلنا لعل ذلك لا يتكرر أبدا.

وذهب النظام الملكى، وحل محله نظام جمهورى شعبي وفى يوم ما، ذاع أن بضعة وعشرين شابا من الإخوان المسلمين قتلوا فى سجن طرة، حصدهم الرصاص فى ساعة من نهار، وأمر بدفنهم سرا، ولم يسقط وزير ولا خفير!!

وفى ظل الرعب السائد كانت العيون مفتوحة من الدهشة، والأفواه مغلقة من الجبن والناس يمشون متخاذلين فى معركة الخبز، أما معركة الحرية فلا حديث عنها، فقد نسيت أنباؤها مع لباس الجوع والخوف الذى ارتدته مصر.

لقد بلوت من خديعة العناوين ما أفقدنى الثقة بها.

ليست القصة فى نظر عنوان الملكية أو الجمهورية، وإنما القصة، ماذا تملك الأمة من حريتها؟ وماذا تستطيع أن تواجه به حكامها؟.

أعرف معرفة اليقين أفكارا هدمت فيها مدن على رؤس أصحابها، ومات عشرات الألوف تحت الأنقاض، وسدنة نظامها الجمهورى يبتسمون وينتفخون!!

وأعرف عشرات الأطفال والكهول صعقتهم الغازات الخانقة وهم لا يملكون حولا ولا قوة، بينما حديث القتلة عن الحريات لا يخفت.

إن خداع السياسة وضجيج الأذناب يعفيان على الحقائق ويجعلان الليل نهارا والظلم عدلا.

الغريب المفزع أن أكثر من ذلك يقع فى العالم الإسلامى، العالم الذى يحلم بالحرية فلا تتحقق لها رؤيا.. ويسمع بأخبارها فى بقية الدنيا فيشتاق ويتلفظ ثم يقلد يائسا .

إن عددا من الدعاة الإسلاميين فقد الإحساس بقيمة الحرية السياسية والفكرية، وضرورة توفير العناصر التى تغذيها وتنميها، وفقد الوعى بأن حقائق الإيمان فى غياب الحرية تضؤل وتنكمش حتى تختفى من الحياة، وربما تحولت بعد إلى كفر وإلحاد.

إن الإيمان بالله فى ظل الاستبداد السياسي كثيرا ما يتحول عن معناه ومجراه ليكون لونا من الشرك القبيح.

وقد رأيت عددا من الإسلاميين فى فتنة الكويت والعراق يرسل أحكاما مستغربة، أو يطلق صيحات مستهجنة، إن دلت على شئ فعلى أنه لا يعرف رسالة الدين بين الناس، ولا وظيفة أصحاب السلطة فى خدمة الجماهير.

أريد أن أقول للمسلمين فى كل مكان، إن تخلفنا الحضارى جريمة، نحمل نحن عارها ولا يحمله الآخرون عنا.

وإن الأخطاء أو الخطيئات التى ارتكبها المسلمون داخل أرضهم هى التى استدعت القوات الأجنبية للمجيء من الخارج، وإن العلاج ليس فتوى مضحكة بإعلان الجهاد، وإنما هو إعادة ترتيب البيت كله، ليعود للعقل الإنساني مكانه وللخلق الإنساني مكانه.

إن دين الفطرة لا وجود له فى بلاد تحيا على التصنع والتكلف والمراءاة والكذب.

إنه عندما تنوسيت عمدا حقوق الله تبخرت فورا حقوق الإنسان.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج6
كلمة حرة
نشر في 09 تشرين الأول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع