1067 مشاهدة
0
0
بيد أن هناك أمرا آخر يتجاوز الفروع إلى الأصول والتنبيه إليه مطلوب لحماية أمتنا ورسالتنا من كتاب الحق المر للكاتب محمد الغزالي
كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [413] : خلايا الهدم والفرقة
من عدة قرون فقد المسلمون شعورهم بأنهم أمة ذات رسالة يحملونها للعالمين ويسألون عن حسن أدائها أمام الله والناس! وشغلوا عن هذا الواجب بخلافات فرعية ونزاعات كلية وأهواء شخصية أو قومية أو هنت قواهم وأذلت جانبهم...
وخلال هذا الأسبوع قرأت فتوى للإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر عن حكم الصلاة مع قبض اليدين أو سدلهما إن هذه القضية اختلفت فيها مذاهب أهل السنة كما اختلف فيها الشيعة مع السنيين! وقد أفتى الشيخ الأكبر بصحة الصلاة على الحالين وحمدت الله أن القضية لم تحول إلى محكمة العدل الدولية، وأن الشجار حولها وقف عند حد...
إن المسلمين لديهم استعداد غريب للجدل والمنافرة، وهم يسوون بين الزكام والسرطان والشحم والورم، كما أن لديهم قدرة غريبة على تجاهل الأركان والتخفف منها ولا أدرى حتى متى تبقى هذه الحال؟ .. ولكنى أدرى أن أعداءهم يتربصون بهم ويحكمون المؤامرات حولهم، ويهددون حاضرهم ومستقبلهم.
إن الخلاف فى الفروع الفقهية قد يشبه فى بعض وجوهه الخلاف ببين العمال والمحافظين، أو بين الديمقراطيين والجمهوريين، والخلاف بين هذه الأحزاب الغربية يتلاشى وحده أمام قضايا " الوطن " الكبرى فيتقارب المتباعدون، وتصبح الأمة كلها جبهة واحدة.
أما نحن المسلمين فالأمر عندنا يحتاج إلى مصارحات ومكاشفات. وأرى أن الخلاف الفقهى قديم قدم الإسلام، ولكنه كما قيل خلاف تنوع لا خلاف تضاد، وأن لجميع المختلفين أجورهم عند الله.
وعندما كنا طلابا فى الأزهر كان الحنفى والشافعى يصليان فى جماعة وأحدهما يرى القراءة وراء الإمام محرمة، والآخر يراها واجبة! أو هذا يرى لمس المرأة ناقضا للوضوء والآخر لا يرى فيه شيئا والوضوء كما هو!!
وقد كان الشيخ "محمود شلتوت " والشيخ "محمد المدنى" رحمهما الله طليعة هذا التسامح الجميل.. فكل مجتهد مأجور أخطأ أم أصاب، وإطفاء نار الفتنة فى جميع الخلافات المذهبية لابد منه ودائرة الإسلام الرحبة ينبغى أن تشمل الجميع.
بيد أن هناك أمرا آخر يتجاوز الفروع إلى الأصول والتنبيه إليه مطلوب لحماية أمتنا ورسالتنا .
لقد ظهرت تجمعات كما تكونت سلطات تقوم على العلمانية والقومية وتتجهم للدين وتراثه وقيمه وقد رأيت الشيوعيين القدماء يختبئون فى هذه القيادات الجديدة، ويصارحون بأن رفع مستوى الشعوب أهم من إحياء الشريعة وأن السير فى موكب الحضارة الغربية أجدى من إحياء التراث الإسلامى. وعند التأمل وجدت أن حكومة "السودان " تحارب لأنها تنادى بإحياء الشريعة الإسلامية، وأن حكومة "إيران " تُحارب لأنها ترفض الارتداد الدينى وتتمسك بالكتاب والسنة...
وظاهر أن الغرب لا يوارب فى عدائه للإسلام، ولا فى مساندته للتيارات الإلحادية التى خلقها فى بلادنا...
والأوضاع الجديدة التى تواجه المسلمين توجب علينا أن نحدد الأصول والفروع فى ديننا، أى نحدد ما يمكن التسامح فيه وما لا نقبل خلافا عليه إن هذا الموقف يغلق الطريق أمام الختل والخداع والمناورات الخبيثة..
فى هذا العصر يوجد من يريد الحديث عن الإسلام وهو لم يدخل مسجدا ولم يقدم لله شيئا ويوجد من يصارح بطرح الفقه الإسلامى كله ومع ذلك يقول إنه مسلم ويتهمك بالخروج على الإسلام.
وأرى أن الأوان قد آن لعقد هدنة عامة فى ميدان الفقه الفرعى، وعقد تحالف مشترك للدفاع عن أصولنا الفقهية فى ميادين التربية والأخلاق والفقه الجنائى والدولى والدستورى..
إن حضارة الغرب تكره الله وتنفر من الحديث عنه وعن لقائه فى يوم جزاء. كما تكره ربط القانون بمواريث الدين إجمالا.. وهى تتظاهر بأنها تجافى الأديان جملة وهذا كذب فهى ناشطة فى محاربة الإسلام وحده، وقد أقامت هيئة الأمم دولة لليهود على أنقاض العرب المسلمين، كما أن النشاط الاستعمارى العالمى يقوم على نشر المسيحية!
إن التهديد يتجه للإسلام وأمته ونهضته، وإذا لم نستيقظ على عجل هلكنا.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
نشر في 26 أيلول 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع