Facebook Pixel
سقوط جديد في الأندلس
841 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

يا عرب العصر الحاضر، إنكم تجتمعون الآن مع خصومكم فى الساحة التى شهدت عقاب آبائكم.. وأمامكم فرصة أخيرة للنجاة.. إن قبلتم الاستسلام هلكتم إلى الأبد، وإن ثبتم إلى رشدكم، وتبتم إلى ربكم، واعتززتم بدينكم أمكن أن يبدأ لكم تاريخ جديد

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [661] : سقوط جديد فى الأندلس

أصابنى شيء من الفزع عندما علمت أن مؤتمر السلام بين العرب واليهود سوف ينعقد فى" مدريد " أو " مجريط " كما ينطقها عرب الأندلس، فقد هجمت على ذكريات.. أى ذكريات.. إن هذه الأرض شهدت مصارع آبائى، وغروب حضارتهم! كانوا حقيقة جاثمة على الثرى عرضا وطولا، فأضحوا كما قيل: كان صرحا من خيال فهوى!..

واليوم يقاد الأحفاد إلى أرض الأجداد، ليحاكموا بالتهمة نفسها التى حوكم بها آباؤهم، وأدركت سوء العقبى فقلت كما قال موسى لربه، لما هلك قبيل من قومه: (لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين).

وتذكرت أطفال الانتفاضة الذين يقاومون بالراح أعتى أسلحة العصر، والقائد المشلول الذى هزم المرض فى بدنه، وقاد إخوانه فى معركة الشرف، وألوفا من الرجال والنساء يستميتون فى حماية ما تبقى من الوطن المقطع! وقلت: يا رب لا تؤاخذنا بما فعل أكابر مجرميها، وارحم أجيالا لا تزال تسبح بحمدك، وتتعلق بعونك.

إن الأندلس ـ وهو فردوسنا المفقود ـ كان طرفا فى كيان أمتنا لم تنزف كثيرا عندما بتر منها! أما فلسطين فهى كبد الأمة المعنّاة، إن لم تكن قلبها، وضياعها يعنى الإتيان عليها من القواعد!

لكن سنن الله فى عباده صارمة، ولا يجوز لعاقل أن يتعرض لها، ثم يشكو أنها داسته فحال هشيما، وأضحى رميما!.

ماذا فعل العرب بأنفسهم؟ ألم يقلدوا أفعال آبائهم الذين مزقوا الإسلام فمزق الله ملكهم؟ لقد كان عرب الأندلس يوما ما مصابيح تضئ بعلوم الدين والدنيا، ولم يعرف غرب أوربا حضارة إلا من تراثنا، ولم يعرف عصر الإحياء الأوربى كيف يخطو إلا متكئا علينا ومستهديا بما قدمنا..

ثم اختلف العرب وعاد الصراع بين اليمن والحجاز، وعدنان وقحطان، ونسيت الخلوف التائهة أن الإسلام طهرها من هذا النتن، بيد أن الأهواء كانت أضرى، فمزقت الأمة الواحدة، وقبل أن تسقط غرناطة ـ آخر معاقلنا ـ كانت الخمور تشرب، والموسيقى تصدح، والقيان تغنى، والشذوذ يسرى! فقال القدر كلمته: لقد جئتم هنا بسم الله، ! وتحت صيحة (الله أكبر) واستبقيتم للطاعة والمعرفة والنور والقيم الرفيعة، أما وقد ارتددتم على أعقابكم فلتذهبوا إلى الجحيم.

والغريب أن عرب اليوم الكئيب يقومون بالدور نفسه.. يقول اليهود: هذه الأرض لنا باسم التوراة، فلا يجرؤ زعماء العرب أن يجروا على ألسنتهم ذكر القرآن!! إن الانتماء الإسلامى محظور أو محقور !!

ومع الإطار الحالك المحيط بقضايا العرب، ترى رغبات مجنونة فى الضحك والمرح كأنهم لا يقادون إلى الذبح، فمتى إذن تعودون إلى الجد واليقين والكدح والإنتاج؟، وعندما قيل: الحكم للشعوب، هذا عصر الديموقراطية يتكون فى الجزائر قرابة أربعين حزبا يسعى إلى الحكم!!

إن الأمريكان والإنجليز يكتفون بحزبين أو ثلاثة، أما نحن فجنون العظمة يجمح بنا يمنة ويسرة، فنعمى حتما عن الطريق ونبقى فى مكاننا، بل نتقهقر إلى الوراء..

يا عرب العصر الحاضر، إنكم تجتمعون الآن مع خصومكم فى الساحة التى شهدت عقاب آبائكم.. وأمامكم فرصة أخيرة للنجاة.. إن قبلتم الاستسلام هلكتم إلى الأبد، وإن ثبتم إلى رشدكم، وتبتم إلى ربكم، واعتززتم بدينكم أمكن أن يبدأ لكم تاريخ جديد، يديل الله لكن فيه من إخوان القرود، ويغسل أرضكم من دنس الاحتلال، وتبقى فلسطين كلها ـ لا جزء منها ـ للعرب، ويبقى المسجد الأقصى ثالث المساجد بعد الحرمين، وإلا فالويل للمفرطين والمرتدين .

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج6
كلمة حرة
نشر في 11 تشرين الأول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع