Facebook Pixel
هل من توبة؟
772 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

إن البر الوحيد شئ حسن، وأحسن منه أن يتحول البر إلى تقليد متبع، وعرف شائع، ودولة ذات سلطان، وكذلك الحال مع الآثام

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [651] : هل من توبة؟

صلاة الرجل فى الجماعة تزيد على صلاته وحده سبعة وعشرين ضعفا، كأن الخير أصبحت له مظاهرة كبيرة تعالن به، وتفرضه بين الناس، وتجعله من معالم الحياة الراسية.

إن البر الوحيد شئ حسن، وأحسن منه أن يتحول البر إلى تقليد متبع، وعرف شائع، ودولة ذات سلطان، وكذلك الحال مع الآثام.

إن الرجل المنقطع المعزول قد يتورط فى رذيلة فيقارفها وحده، ما يشعر به أحد فكأنما ولدت ميتة، ويوشك أن يتوب منها، فيمحوها الله، وينساها الحفظة، كأن لم تكن..

أما إذا انضم إليه غيره فى أدائها، وتعاونوا جميعا على الإثم والعدوان فإن الشر يتفاقم، ويقوى بعضه بعضا، ويمتد أثره، ويتضاعف وزره، وفلك كله ذريعة الدمار العام، وتدبر قوله تعالى قوم لوط: (أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر).

لقد ضرى الإجرام فما بد من حسمه بزلزال يغير وجه الأرض ويمحو ما سادها من فحش.

إن الكسل فى أداء الواجبات جريمة، قد يواقعها فرد فيبوء بإثمها وحده لكن ما العمل إذا وجدت أمة كسول تتراخى فيما يصلحها، وتخلد إلى الأرض كأنما هى سكرى، أو مخدرة، إن عقباها إلى بوار.

وقد ثبت فى الإسلام أن الأمم المفرطة تسأل عن هذا الإجرام العام.. (وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق).

وعلى هذه الأمم الخائرة أن تنشط وتتوب إلى ربها، كما يتوب الفرد الفاشل سواء بسواء، وقد أعجبنى من الدكتور درويش مصطفى الفار الأستاذ فى علم الجيولوجيا قوله: " المخططون الذين يهملون استثمار كل شبر من أرضنا ويريقون كل قطرة من ماء تعيننا على أن نأكل مما تزرع أيدينا، هم فى حاجة إلى توبة ".

والمعلم الذى لا يغنى تلاميذه عن الدروس الخصوصية فى حاجة إلى توبة، والتاجر المنهوم المتعطش إلى الأرباح الفاحشة بحاجة إلى توبة، وجامعة الدول العربية التى لم تستطع خلال ست وأربعين سنة أن تحقق تقدما نحو وحدة الصف والهدف والفكر والعمل، والتى عجزت عن منع التشرذم والانقسام تحتاج إلى توبة.

والمتفيهقون الصياحون عبيد المظاهر، وهواة التعويق، والذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ـ محتاجون إلى توبة.

وأي موظف أو رئيس يمارس أساليب النخاسة أو التفرقة العنصرية، ويشيع الاستعلاء هنا، والاستخذاء هناك ـ يحتاج إلى توبة.

ومجامع البحث العلمى، مجالس الخدمة العامة المكتفية بالألقاب والنعوت، التى لم تستطع ـ مع طول بقائها ـ أن تمنع التسول الثقافى والاستجداء الحضارى ـ بحاجة إلى توبة.

وكل شيطان أخرس يخذل المظلومين، ويدعهم مقهورين، وهو قادر على مساندتهم وصون حقوقهم ـ بحاجة إلى توبة.

إن المعاصى الاجتماعية هى سرطان الأمم، وسر ضياعها، فهل نقلع عنها لتصبح أمة سوية؟؟.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج6
كلمة حرة
نشر في 10 تشرين الأول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع