Facebook Pixel
أزمة شهامة
829 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

هل سيطر على الناس غيبوبة؟ ففقدوا الإحساس بما حولهم، أم هم يحسون به ولكن الأمر لا يعنيهم و لا يوقظ انتباههم؟ من كتاب الحق المر للكاتب محمد الغزالي

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [414] : أزمة شهامة

شعرت كأن هناك "أزمة شهامة" بين أبناء البلد؟ لم تكن تعرف فيهم قديما! كان اللص إذا اختطف شيئا من أحد تبعه المارون بالشارع، حتى يمسكوا بخناقه ويوسعوه لكما ويسلموه لرجال الشرطة!.

وكانت صيحة "حرامى" لا تكاد تسمع حتى تهرع الجماهير إلى مصدر الصوت لنجدته...

أما الآن فقد تغيرت الحال، يهجم لصان على سيارة ملأى بالرجال والنساء، فيباشر أحدهما السرقة، ويشهر الآخر سلاحه حاميا له! والناس سكوت، والأنظار تائهة، إلى أن تتم الجريمة ويختفى اللصان فى أقرب محطة!.

ماذا لو علت صيحات الاستنكار؟ ونهض أهل الجراءة بمقاومة المغيرين ولو تعرضوا لبعض الأذى؟ إنهم منتصرون عليهم يقينا، فلن يغلب اثنان عشرين أو ثلاثين من الركاب، ولكن "أزمة الشهامة " استحكمت، فقوى اللصوص، وضرى شرهم!

ولو قذفوا باللص المغير من السيارة المنطلقة لطل دمه، وذهب غير مأسوف عليه، ولكن الناس من خوف الذل فى ذل..!!.

إن "أزمة الشهامة" هذه هى التى تسول للص أن يمتطى دراجة ويخطف قلادة من عنق فتاة أو أسورة من يدها، ويمضى فى طريقه غير آبه لشىء!!.

ولو أن جمهور الشارع كان يقظا لتابعه بصراخ الإنذار، حتى ينزله من فوق دراجته، ويسترد المسروق ويسلم المجرم لرجال الشرطة..

لا أدرى هل سيطرت على الناس غيبوبة؟ ففقدوا الإحساس بما حولهم، أم هم يحسون به ولكن الأمر لا يعنيهم و لا يوقظ انتباههم؟؟

من تعاليم الإسلام الأولى "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره" وروى أبو داود عن جابر وأبى طلحة رضى الله عنهما أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ما من مسلم يخذل امرءا مسلما فى موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله فى موطن يحب فيه نصرته. وما من مسلم ينصر مسلما فى موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله فى موطن يحب فيه نصرته ".

وروى أيضا : " وعزتى وجلالى لأنتقمن من الظالم فى عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوما فقدر أن ينصره فلم يفعل ".

لماذا لم يفعل؟

قلة اكتراث بالجريمة! قلة عطف على المهان! قلة شعور بالأخوة المشتركة!

إن المواقف قصاص، والأعمار ممتدة، وستشعر يوما بالوحشة وأنت تبحث عن نصير فلا تجد، لأنك فعلت ذلك يوما مع غيرك..!

كان الناس قديما لا يتكلفون الاشمئزاز من منكر يقع، وأذكر وأنا طالب أننى كنت فى "الترام" ذاهبا إلى الدراسة، فرأيت شابا يلكز غلاما قريبا منى، فنظرت إلى الضارب مستنكرا فقال على عجل: إنه يغازل الآنسة التى أمامه فى الكرسى، فسكت وسكت الركاب مقرينه على ما فعل.!!

وكانت السيدة إذا دخلت عربة مزدحمة قام لها فورا من يجلسها مكانه من الرجال، احتراما للأنوثة وتكريما للأعراض.. أما الآن فنسمع قصص الاغتصاب الخسيس، والاحتيال على فتاة ضعيفة، واستغلال محنتها بنذالة هائلة للإيقاع بها.

إن أزمة الشهامة دليل على فتور روح التدين والرجولة، وانطلاق السعار الحيوانى دون قلق، والأمر يحتاج إلى معالجة سريعة، فإن استقرار المنكر على هذا النحو إيذان بالانحدار، والضياع، وتتابع الهزائم المذلة.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
كلمة حرة
نشر في 26 أيلول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع