Facebook Pixel
تربية الأطفال في الإسلام
1173 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

في الإسلام الحنيف أحاديث طويلة عن العلاقة بين الوالدين والأولاد، يجب فيها تبادل البر والرحمة، وهى أساس لأسرة متماسكة ومجتمع مكين حصين من كتاب الحق المر

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [447] : تربية الأطفال

الوالدية غريزة أصيلة فى جملة الأحياء التى تسكن الأرض! وإذا كنا ـ نحن البشر ـ نقول :

وإنما أولادنا بيننا أكبادنا .. تمشى على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم .. لامتنعت عينى عن الغمض

فإن الطيور فى أوكارها، والدواب فى غابها تتحرك فيها غرائز الأبوة والأمومة، فهى تغذو أولادها وتحميهم من كل سوء قدر استطاعتها...

ويبقى هناك فارق أصيل بين حنو وحنو، وتربية وتربية، فالإنسان لا يربى الجسد وحده، وإنما يربى معه العقل والعاطفة، ومسئولية الأبوين تتجاوز توفير الغذاء إلى توفير الآداب الرفيعة والشمائل الحسنة...

والواقع أن الطفولة صفحة بيضاء يخط فيها الآباء والأساتذة ما شاءوا، قال عبد الله بن عامر: دعتنى أمى ـ ورسول الله قاعد فى بيتنا ـ فقالت : تعال أعطيك ، فقال لها رسول الله: ما أردت أن تعطيه؟ قالت: أردت أن أعطيه تمرا!، قال أما إنك لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة!!

وعن أبى هريرة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (من قال لصبى: تعال، هاك، ثم لم يُعطه فهى كذبة ) فتأمل كيف يحترم الإسلام الكلمة؟ وكيف يعود الصغار على تقديرها، وتصديقها؟ إن ذلك ما عناه الشاعر عندما قال :

وينشأ ناشئ الفتيان فينا .. على ما كان عوده أبوه

وقول ابن الرومى فى مصرع أحد الطالبيين:

كدأب على- فى المواطن قبله .. أبى حسن؛ والغصن من حيث يخرج.

ليس المهم أن توفر لأولادك ثروة طائلة، إنما المهم أن توفر لهم عقلا ذكيا، وخلقا قويا، ومسلكا زكيا، وهذا معنى الحديث الشريف (ما نحل والد ولدا من نُحل ـ أى ما أعطاه عطاء ـ أفضل من أدب حسن ) وفى رواية أخرى (لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع ) .

إن الأولاد من ريحان الله، ومن أجل هباته، والواجب أن نتعهدهم بما يصنع منهم رجالانا بهين، أو نساء فضليات.

والأخلاق ليست نباتا طفيليا ينمو وحده، وإنما هى غرس تختار له التربة، ويُتعهد بالسقيا والتهذيب، ويُحمى من الأوبئة والحشرات، إلى أن ينضج ويؤتى ثمره..

وفى الطفل ملكات كامنة تغذى بما يصلح لها حتى تدرك، وقد رأيت أن الإذاعة المرئية تقدم للأطفال "أفلاما" تقوم على الخيال المحض، وتشبع فيهم التصورات التى لا تضبطها حدود...

وعندى أننا بالغنا فى هذه الأقاصيص الخرافية، وعرضنا الأطفال لأحكام ينقصها الضبط.. وقد كان آباؤنا أرشد سلوكا عندما نموا الذاكرة، وشحنوها بأنواع من المحفوظات التى تنفع فى المستقبل القريب أو البعيد، ونحن لم نحفظ القرآن الكريم إلا بهذا الأسلوب..

ولست أدعو إلى تحفيظ القرآن للأطفال جميعا، فهذا لم يحدث حتى فى عصر الصحابة والتابعين! وإنما أفضل تنشيط الذاكرة على تنشيط الخيال، وأرجو أن تقل أفلام الكرتون التى تعجب الصغار ولا تفيدهم شيئا يذكر...

والتربية فى الصغر تحتاج إلى الرحمة والأناة وسعة الصدر، فإن الاعتماد على العصا عبث ضار، وقد يحتاج الأولاد إلى شىء من الصرامة، لكن هذه الصرامة لا تعنى الجفوة والإرهاب، والأب المكتمل يربى أولاده على هذا الحنو الرقيق.

كان الناس فى الجاهلية يعاملون ذراريهم بجفوة، وربما رأوا من الرجولة أن يكونوا خشنين معهم، وقد رأى أحدهم النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقبل الحسن أو الحسين : فقال مندهشا : أتقبلون الأولاد؟ إن لى عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فقال النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك؟؟

ولليتيم مكانة خاصة فى تعاليم الإسلام، ففى الحديث "من مسح على رأس يتيم لم يمسحه إلا لله، كانت له فى كل شعرة مرت عليها يده حسنات ـ ومن أحسن إلى يتيم أو يتيمة عنده؟ كنت أنا وهو فى الجنة كهاتين، وفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى"

وجمهور من الناس يرى الأولاد ثروته العظمى فى الحاضر والمستقبل ولا عجب فالقرآن الكريم يصرح بهذا الإحساس ( المال و البنون زينة الحياة الدنيا ..).

والواقع أن أولاد الشخص امتداد له، وزرعه الذى يرعاه اليوم ليعيش فى جناه غدا.. أعجبنى أن رجلا له ولد اسمه "رباط " أحسن تربيته فى صغره، واستراح إلى سيرته فى كبره، فقال فى ذلك:

رأيت "رباطا" حين تم شبابه .. وولى شبابى ليس فى بره عتب
إذا كان أولاد الرجال حزازة .. فأنت الحلال الحلو والبارد العذب
لنا جانب منه دميث، وجانب .. إذا رامه الأعداء ممتنع صعب
وتأخذه عند المكارم هزة .. كما اهتز تحت البارح الغصن الرطب

وفى الإسلام الحنيف أحاديث طويلة عن العلاقة بين الوالدين والأولاد، يجب فيها تبادل البر والرحمة، وهى أساس لأسرة متماسكة ومجتمع مكين حصين.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
كلمة حرة
نشر في 28 أيلول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع