Facebook Pixel
حضارة باقية حتى يجد خصومها البديل
1253 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

هل يقدم الإسلاميون تصوراً أفضل من الناحية النظرية للبديل المطلوب؟ من كتاب الغزو الثقافي يمتد في فراغنا للكاتب محمد الغزالي

كتاب : الغزو الثقافي يمتد في فراغنا - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 4 ] حضارة باقية حتى يجد خصومها البديل

الحضارة الغربية بشقيها الرأسمالي والشيوعي تقود عالمنا المعاصر، وتنفرد بزمامه، وهي حضارة نجحت نجاحاً ملحوظاً في اكتشاف الكثير من قوى الكون، وجعله طوع بنان الإنسان، يرفه به نفسه إذا شاء، ويدافع به خصومه إذا شاء، وما أحسب الإنسان على طول تاريخه بلغ ما بلغه اليوم من سيادة وتمكين في البر والبحر والجو.

إن يده الطولى في ميادين العلم والتطبيق أمكنته من ارتقاء صناعي باهر شمل المجال المدني والعسكري على سواء، وها هو ذا بعد أن قدر على الأرض يرنو إلى غيرها من الكواكب..

ولا أحب أن أغض من عظمة هذا التقدم الكبير، ولا أن أتذرع بسوء استخدامه إلى النيل منه، إن جحود النعمة رذيلة منكورة ، أما النعمة نفسها فشيء جميل..

في بعض الجراحات الدقيقة التي أجريت لي حمدت الله على تقدم الطب، وفي بعض الرحلات البعيدة حمدت الله على تقدم الطيران، بل فيما أتناول من طعام، وأرتدي من كِسوة ، أقدر اليسر الذي كفلته المدنية لهذا الجسد، فلا أحطاب توقد للطهو، ولا مشقات توجد في الحياكة. كأن كل شيء مسوق لخدمتنا..

لكن بعض المفارقات تزعجني. أين يذهب الوقت الذي وفرته لي الآلات المسخرة ؟ إن ري الأرض بالطمبور قد يستغرق يوماً كاملاً ، ولكنه بالمضخة الصناعية يأخذ ساعة من نهار، ترى ماذا يصنع الفلاح عندنا ببقية يومه ؟ هل كسب كثيراً عندما يقضيه في الثرثرة واللغو. ؟.

إن انقلابا حصل فى قريتنا بعد استخدام الآلات ؛ كان الفلاح يصلي الفجر ثم يغدو إلى الحقل يقضي فيه سحابة نهاره ، ثم يعود مع الغروب ليتناول عشاءه ، فإذا صلى العشاء لم يمكث غير قليل حتى يأوي إلى فراشه ، فإذا هو عند السحر يقظان يستغفر ربه ويتهيأ لليوم الجديد .

أما الآن فهو يسهر مع التلفاز أو يتابع برامج الإذاعة ، وينام عند منتصف الليل ويصحو غالباً عند مطلع الشمس ثم يذهب إلى عمله غير متعجل ، وتسعفه آلات شتى على إنجاز ما يبغي.

من الخطأ أن ألوم التقدم الصناعي لأن بعض الناس أساء استغلاله. إن المشرفين على مسيرة المجتمع، وبناء الأخلاق، وضبط العادات والعبادات كان يجب أن يواجهوا هذه التغيرات بما يصون الأفراد والجماعات.

ومن ثم فأنا أحتفي بالجوانب المادية من الحضارة الحديثة، ولا أشارك المتشائمين منها ولا الضائقين بها، لقد قلت، وما زلت أكرر القول : إن الإنسان ملك في هذا العالم، كرمه الله أكثر مما كرم غيره، وسخر له الأرض والسماء وما بينهما، وكل ما طلبه منه بإزاء هذا الخير الدافق أن يعرف ربه فلا ينكره، وأن يشكره فلا يكفره.. أذلك صعب ؟! .

قال لي صديق : دعني من تفاؤلك الساذج وتصوراتك الخيالية عن هذه الحضارة. أتدري ما قدمه هذا الارتقاء المادي للناس ؟ لقد انشعب العقل البشري شعبتين، إحداهما تشتغل بالكون وأسراره ولا تكترث بربه. والأخرى تشتغل بالإنسان وقواه ولا تهتم بخالقه.

ومن حصيلة الجهد العقلي هنا وهنا استبحرت ميادين المعرفة بالكون والإنسان، ومن حصيلة الجهل بالله هنا وهنا وجه البشر ثمرات العلم والتطبيق والاستكشاف والاختراع إلى تدليل الجانب الحيواني فيهم، وإتراف معايشهم على سطح الأرض وحسب.

تقول : إن الإنسان ملك مكرم ؛ إن الجنس الأبيض الذي يقود هذه الحضارة حقر الإنسانية كلها يوم قطعها عن بارئها، وشغل نفسه بعبادة نفسه، وإشباع غروره، وتحقير غيره.. ألم تقرأ الإحصاءات عن موجة الجرائم التي ما تزال صاعدة، توشك أن تتحول إلى طوفان مغرق ؟ إن جرائم الاغتصاب والسطو والضياع والدنس الشاذ تزيد ولا تتراجع.

فإذا تركت الحياة الفردية إلى المجتمع الدولي فماذا ترى؟ الشعوب المستضعفة لا ترى بصيص أمل ! وطالب الغلب لا يبالي فى سبيله أن يهلك الحرث والنسل ، القنبلتان اللتان دمرتا هيروشيما وناجازاكي، وأبادتا مئات الألوف من البشر. أمسى منهما ألوف مهيأة للانطلاق فى مخازن الدمار الشامل.

أتظن مهابة الله ومخافة الآخرة هما اللتان تمنعان استخدامهما ؟ إن خوف القصاص العاجل هو الذي يقيم توازن الرعب النووي!.

قاطعت صديقي غير غاضب ، وقلت له : ما أخالفك فيما تصف ؛ من شاء الثناء على الحضارة الحديثة وجد بواعث المديح. ومن شاء هجاءها وجد بواعث الملام ، وأوثر أن أكون منصفاً في ذكر مالها وما عليها..

لقد قرأت ما كتبه الدكتور يحيى الرخاوي عن حضارة الغرب ، وعن المتدينين الذين يحلمون بوراثتها بعد زوالها ، أو بعد انتحارها ، وضحكت طويلاً من عباراته اللاذعة وهو يحصي محاولاتهم الطفولية لاحتواء هذه الحضارة.

ومع أني لم أوافق الأستاذ الرخاوي في ثقته المطلقة بهذه الحضارة ومستقبلها المديد إلا أني احترمت صدقه القاسي وهو يلمز الورثة المترقبين ويجتاح تكاسلهم وتناقضهم..

لقد اتصل بنا الأوروبيون من بضعة قرون، وجاسوا خلال ديارنا يعربدون كيف شاءوا ، كانوا للأسف يمتدون في الفراغ الذي نشأ لا لأننا تخلينا عن قيادة العلم ، بل لأننا عجزنا عن قيادة أنفسنا. كانت الأمة الإسلامية تهوى من أعلى السلم وكان يسمع لتدحرجها على درجه دوي رهيب.

وفي الوهدة التي انتهينا إليها كنا نعاني من محن ثقافية وسياسية لا حصر لها.. كنا ـ مدنياً وعسكرياً ـ جديرين بالهزيمة ؛ بأن نقاد ولا نقود ، بأن نمشي خلف الآخرين لا أن نتصدر القافلة العالمية كما كان آباؤنا الكبار..

ذلك أن العقل الإسلامي الذي كان يألف الحرية ويأنف من التبعية ، والذي كان يحسن البحث والموازنة والاستنباط والرؤية عن بعد. هذا العقل انطفأ وهجه، وذهبت حدته، وكاد لا يرى.

من أيام كنت أسمع في إحدى الإذاعات كلاماً فقهياً في ثبوت النسب ؛ قال المتحدث : إذا طلقت المرأة فإن الولد الذي تضعه خلال أربع سنين يلحق الزوج المطلق (!) فراجعت متخصصاً فى الموضوع فقال لي : هذا هو المذهب. قلت له : علمياً استحالة بقاء الحمل أكثر من عشرة شهور فكيف يبقى حملها من زوجها الأول هذه السنوات الأربع ؟ قال: هذا هو المذهب. قلت: الذي أعرفه أنه لا إسناد لهذا الكلام من كتاب أو سنة أو قياس أو أدلة أخرى. وإذا كان الفقهاء اعتمدوا هذا الحكم من أقاويل شائعة على الأفواه، فما يجوز أن يبقى بعد ثبوت خطئه ! قال : هم يؤثرون تقليد شيوخهم عما تراه أنت أو غيرك.

وعدت إلى نفسي أندب العقل الإسلامي الأول الذي يستمع القول فيتبع أحسنه، والذي يتوعد بالنكال الجامدين على مواريث الخطأ لأنه وعى قوله تعالى : (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ، قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ، فانتقمنا منهم ... ) .

أجل ، فالعقل الإنساني عندما يصل إلى هذا الدرك يفقد احترامه ، ويعز عليه تقرير حقيقة ، أو ضمان مصلحة ، أو إقامة عدل .

ونترك المجال الثقافي إلى المجال السياسي الذي كانت أمتنا تتحرك داخله من بضعة قرون ؛ كانت السياسة الداخلية للأمة الإسلامية شديدة الاضطراب ، بل لم يعرف لها محور شرعي تدور عليه .

لقد تعود المسلمون أن يباغتوا بأسماء وصفات حاكميهم، وأن يستقبلوهم استقبال الأقدار النازلة إن خيراً فخير وإن شراً فشر : والناس يجيئهم الغيث فيفرحون به ويحمدون الله عليه ، ويصيبهم الجفاف فيعبسون ويحزنون ، ولا شيء لديهم إلا أن يقولوا: " إنا لله وإنا إليه راجعون "..

الجماهير لا شأن لها إن هبت الريح رخاء أو هبت عقيماً، وفي ذلك يقول الشيخ محمد عبده واصفاً حال مصر قبل مجيء جمال الدين الأفغاني : إن أهالي مصر قبل سنة 1293 هـ كانوا يرون شئونهم العامة والخاصة ملكاً لحاكمهم الأعلى يتصرف فيها حسب إرادته ويعتقدون أن سعادتهم وشقاوتهم موكولتان إلى أمانته وعدله أو خيانته وظلمه، وليس لأحد رأي يحق له أن يبديه فى إدارة البلاد أو اقتراح يتقدم به لصلاح الأمة، الناس منصرفون فيما تكلفهم به الحكومة أو تضربه عليهم.

نقول : وعندما تقدم أحمد عرابي إلى الخديوي توفيق يطلب منه قدراً من الكرامة والحرية لشعب بائس، كانت إجابة الخديوي له ما أنتم إلا عبيد إحساناتنا.

وتدخل السفير الإنكليزي في الحوار المؤسف ناصحاً أحمد عرابي أن يكون مؤدباً مع سيده.

ذلك هو موقف الحضارة الحديثة في إرساء العلاقات بين الجماهير والرؤساء، أو ذلك هو مسلك الحضارة الإنسانية النبيلة في معاملة العرب خاصة والمسلمين عامة..

إنها حضارة ذكية بلا ريب، جميلة بلا ريب، لكن مذاقها مر، وكيدها سيء ، كأنها المرأة اللعوب " مي " التي وصفها الشاعر بقوله :

على وجه مي مسحة من ملاحة .. وتحت الثياب الخزي ، لو كان بادياً
ألم تر أن الماء يكدر طعمه .. وإن كان لون الماء أبيض صافياً

وكلمة الخديوي توفيق للقائد المصري عرابي هي ترديد لكلمة فرعون قديماً عندما صاح بقومه : " ما علمت لكم من إله غيري " أو " أنا ربكم الأعلى ". وإلى هنا والصورة لا تعدو إبراز طاغية أمهله القدر أولاً ثم أهلكه أخيراً..

غير أننا من وجهة النظر الإسلامية نتناول الموضوع من ناحية أخرى ، ناحية لها أبعادها الرهيبة. فإن بعض " المتدينين " يعد عرابي خارجاً على السلطة ناقضاً للبيعة الشرعية (!) ويعد الخديوي أهل الولاء والطاعة.

هذا الصنف من المتدينين يحارب " المثل العليا " في الحضارة الحديثة بتبني الأسلوب الخديوي وإضفاء الطابع الإسلامي عليه ، وهولا يدري شيئاً عن حقوق الشعوب أو حقوق الإنسان ، وعن أسس الشورى والبيعة والمساءلة التي عرفت منذ عهد الخلافة الراشدة .

من المضحك أن يتقدم هذا النفر من الناس بحضارة بديلة في ميدان العلاقات الإنسانية كما أنه من المضحك أن يتقدم المقلدون العميان بحضارة بديلة في ساحات الإبداع والكشف.

ومأساة الإسلام تكمن في أن ناساً يتقدمون بتقاليد الشعوب على أنها تعاليم الوحي ، بل إنهم يتقدمون بالأخطاء التاريخية على أنها توجيهات سماوية.

وستبقى الحضارة الحديثة حاكمة ما بقي هؤلاء يدعون ويكابرون ، ولن تصح مسيرة العالم إلاّ بعودة الإسلام ذاته على أيدي أولي الألباب ، ومن لهم قلوب..

أظنني بعدما حاسبت نفسي بصرامة ، ونقدت الجبهة التي أنتمي إليها ـ أو أحسب عليها ـ غير ملوم إذا نقدت الحضارة الحديثة ، ونبهت إلى بعض مآسيها أو معاصيها.

فليست هذه الحضارة على مستوى الاحترام الذي تطلبه لنفسها أو يطلبه لها عشاقها. أبادت في صمت، ولا تزال تبيد أجناساً بشرية ضعيفة..

وسكان أستراليا القدماء يختفون الآن قبيلة بعد قبيلة أو فرداً بعد فرد أمام تفوق الرجل الأبيض الذي يشيع بينهم أردأ أنواع الخمور لتأتي عليهم . وما حدث لسكان أمريكا الأصليين يحدث الآن لهؤلاء السكان ، الرجل الأبيض يحسن أن يقول : أنا وحدي ، ومن لم يخدمني فالويل له !

وأعتقد أن حرب الأفيون في الصين أوائل القرن الماضي كانت بداية خطة لمثل هذا الإفناء، لولا أن الصينيين استيقظوا قبل أن يُقضي عليهم.

هل لي أن ألفت النظر إلى أن الفاتحين العرب ذابوا في السكان الأصليين بعد أن قدموا الإسلام لهم ؟ وصلوا وراءهم مأمومين فى المساجد وجلسوا بين أيديهم متعلمين فى المدارس ؟ إن الإسلام ارتباط عالمي بالله وليس تفوق جنس يريد لذاته الاستعلاء.. وذلك فرق كبير بين حضارتين..

الجنس الأبيض الآن أحسن زراعة الأرض ، ولكنه يفضل حرق المحاصيل عن بيعها رخيص ، أو إهدائها للجياع.. وهو يكرع أنهاراً من الخمر، ويدع الشعوب المتخلفة تشرب الماء ممزوجاً بالطين ، ولتذهب إلى الجحيم !!.

لا بأس أن تمرح تحت أقدامه شعوب من الخدم ، أما أن ترنو إلى أبعد من ذلك فلا يجوز.. ومن سنن الله أن يدع هذه الحضارات تحصد ما تزرع ، وتلقى ما قدمت ( ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ).

إننا ما ننكر التفوق الغربي في النواحي السياسية والاجتماعية ، لكن فضائل الديمقراطية محظور تصديرها للخارج ، وإنني أغبط أسرة الدول الأوربية الغربية على اختفاء المستبد من ربوعها ، وعلى استقرار المجالس التشريعية، وتنفس كل إنسان في جو من الحريات الموطدة وتنافس الملكات الذكية في الخدمات العامة..

إن المظالم ـ فردية كانت أو اجتماعية ـ مرفوضة رفضاً قاطعاً. والرقابة على المال العام صارمة ، وإحساس كل امرئ بامتداده ليس أمامه عائق.

الشيء المستغرب أن حملة هذه الحضارة يحتكرون الصنف لأنفسهم. وتنقلب موازينهم عندما يعاملون غيرهم ، ولذلك كان الاستعمار العالمي ولا يزال سبة في وجه هذه الحضارة.

وسر هذا الارتكاس فراغ القلوب من الإيمان ، والتفرغ لانتهاء اليوم الحاضر ، فلا أمل فيما بعده ، وشرق أوربا وغربها سواء في هذا السعار المادي الغالب. الفارق بين الجانب الشيوعي والجانب الصليبي. أن الماركسيين صرحاء في كفرهم بالله واليوم الآخر، أما الجانب الآخر فالتدين شكل لا موضوع له ، والناس يمشون وراء أهوائهم وحدها ، سوادهم الأعظم يعرف الأرض وينكر السماء ، ويريد جنة هنا ولا تعنيه جنة في عالم الغيب.

إن أوربا للأسف تعرف الدين عملياً عندما يقع النزاع بين العرب واليهود ! أو عندما تريد توسعة أملاكها وراء البحار، وتشد عربات كثيرة في قاطرتها المنطلقة... إنها عندئذ تجتر ذكرياتها التاريخية ضد الإسلام ، وتنسى الصدق والعدل في كل قضية للعرب والمسلمين ، ولا تبالي بمستقبل الفلسطيني التائه ، أو الأفغاني المحروب ، أو أمثالهما من الجماهير التي وقعت في براثن الاستعمار ، وكانت تعتنق الإسلام..

وقد نبه المستشار الدكتور فتحي لاشين إلى الضغن المكنون في أفئدة المستعمرين ضد الاستعمار وأمته قائلاً :"أكتفي بمثالين ينضحان بهذا الغل ويكشفان عن آثاره.

الأول لمسئول في وزارة الخارجية الفرنسية سنة 1952 قال : العالم الإسلامي عملاق مفيد ، لم يكتشف نفسه حتى الآن اكتشافاً تاماً ، وهو حائر قلق ، ضائق بتخلفه وانحطاطه ، وإن كان يعاني من الكسل والفوضى.

غير أنه راغب في مستقبل أحسن وحرية أوفر ! وعلينا أن نبذل كل جهودنا حتى لا ينهض ويحقق أمانيه ! ذلك أن فشلنا في تعويق نهضته يعرضنا لأخطار جسيمة ، ويجعل مستقبلنا في مهب الريح.. إن صحوة العالم العربي ، وما يتبعه من قوى إسلامية كبيرة نذير بكارثة للغرب ونهاية لوظيفته الحقيقية في قيادة العالم.

والمثال الثاني ننقله عن " يوجين روستو" رئيس قسم التخطيط بوزارة الخارجية الأمريكية ، ومستشار الرئيس جونسون في الستينات يقول : " لا تستطيع أمريكا إلا أن تقف في الصف المعادي للإسلام ، أي إلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية. لأنها إن فعلت غير ذلك تنكرت للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها.

" إن هدف العالم الغربي في الشرق الأوسط ـ هكذا يقول مستشار الرئيس الأسبق ـ هو تدمير الحضارة الإسلامية ، وإن قيام إسرائيل جزء من هذا المخطط ، وليس إلا استمراراً للحرب الصليبية ".

والغريب أننا نسمع في هذه الأيام وعوداً كثيرة لمرشحي الرياسة في الولايات المتحدة ، تمني اليهود بمزيد من المكاسب والغنائم ، على حساب العرب بداهة. فأين مواثيق حقوق الإنسان؟ وأين الضمانات التي يمثلها قيام هيئة الأمم المتحدة للمحافظة على جميع الشعوب ؟!. ذلك كله ما لم يكن العرب أو المسلمون طرفاً في صراع ما..

أما إذا كان الحيف واقعاً على شعب مسلم أو شعب عربي فقد أمسى للقضية وجه آخر. هنا تتحول الحرية إلى عبودية ، والمدنية إلى همجية ، والويل للمغلوب..!

فهل يلام المنكوب إذا تربص الدوائر بالمعتدين ؟ وهل يهزأ به إذا ساء بالحضارة ظنه ؟ إن عدداً من عقلاء الغربيين أخذ يرسل إشارات الخطر لقومه وينبههم إلى سوء المصير..

ومن الغباء أن نطوي حضارة ما لنأتي بشرّ منها، فعلام الهدم والبناء ؟ ولست أتخيل أحداً يبغي استبدال الدواب بالطائرات. الخلاف حول الأنظمة الخلقية والاجتماعية وما يساندها من عقائد ، والشعور السائد فى الحضارة الحديثة تسيء أكثر مما تحسن ، وتظلم أكثر مما تعدل ، ويعني ذلك الشك فى أهليتها للبقاء..

فهل يقدم الإسلاميون تصوراً أفضل من الناحية النظرية للبديل المطلوب ؟

لا أجيب بالنفي ولا بالإثبات، وإنما أقول : إن التبديل سوف يقع حتما عندما يوجد الأقدر على القيادة والأولى بالصدارة والأنفع للناس.. وكيف يوجد ؟

ذاك ما نحاول الإجابة عليه إن شاء الله.

----------( يُتَّبَع )----------
#محمد_الغزالى
#الغزو_الثقافي_يمتد_في_فراغنا
كلمة حرة
نشر في 12 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع