Facebook Pixel
الحقوق الإجتماعية بين الرجل والمرآة
1468 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

إن جملة العقائد والعبادات والأخلاق والأحكام التى شرعها الله للإنسان٬ يستوى فى التكليف بها والجزاء عليها الرجل والمرأة، في كتاب حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة

كتاب : حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 10 ] : الحقوق الاجتماعية بين الرجل والمرأة

ليس هنالك فارق بين الرجل والمرأة فى الحقوق والحريات التى شرحناها آنفا ٬ فكلا الجنسين صنو الآخر فى قصة الحياة الإنسانية من بدء الخليقة حتى المصير الأخير .

“وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى ٬ من نطفة إذا تمنى ٬ وأن عليه النشأة الأخرى”
“والليل إذا يغشى ٬ والنهار إذا تجلى ٬ وما خلق الذكر و الأنثى ٬ إن سعيكم لشتى”.

وجملة العقائد والعبادات والأخلاق والأحكام التى شرعها الله للإنسان ٬ يستوى فى التكليف بها والجزاء عليها الرجل والمرأة . وإذا كانت الحياة الإنسانية على ظهر الأرض اختيارا للإخلاص والوفاء ٬ واستقامة الفكر والسلوك ٬ فإن الإنسانية بنوعيها سواء فى هذا المضمار .

قد يسبق الرجل ٬ وقد تسبق المرأة ٬ ولا دخل لصفات الذكورة والأنوثة فى تقديم أو تأخير ٬ ولا فى مثوبة أو عقوبة .

فربما دخل الرجل النار ٬ ودخلت زوجته الجنة ٬ وربما حدث العكس .

“ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ٬ وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين”.

إن حواء خلقت من آدم كما نبأنا القرآن الكريم: “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها”.

والأولاد بعد ذلك ذكورا أو إناثا جاءوا ثمرة واحدة لتواصل الأبوين الأولين: “وبث منهما رجالا كثيرا ونساء”.

فمن الجنون تصور أحد الجنسين غريبا عن الآخر ٬ أو دونه مكانة “بعضكم من بعض “ .

وما شاع فى أذهان نفر من المتدينين أن النساء خلق أدنى من الرجال ٬ لا سند له من دين الله. بل إن إسقاط التكاليف الشرعية عن النساء ٬ كما يحدث فى بعض البلاد الإسلامية عصيان سافر دنه ٬ وخروج على تعاليم كتابه ٬ فإن النساء شقائق الرجال فى كل شىء.

“إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما”

وكل ما صنع الدين أنه وزع الاختصاصات العملية توزيعا يوافق طبائع الذكورة والأنوثة .
وبالتالى خفف عن النساء بعض الأعباء ٬ وألزمهن ببعض الوصايا :

(1) - فالصلاة والصيام مثلا واجبان على الرجال والنساء سواء بسواء إلا أن المرأة معفاة من الصلاة فى دورة العادة الشهرية التى تمر بها. وفى فترة الولادة وما يتصل بها ٬ وهى كذلك معفاة من الصيام ٬ ولكن تقضى ما فاتها منه فى أيام أخرى. ويجوز لها ٬ وهى ترضع أولادها ٬ أن تدع الصيام ٬ وتقضى أو تفدى.

(2) - ما كانت المرأة تتأثر نفسيا وعاطفيا بهذه الدورات البدنية التى تعتادها ٬ وكثيرا ما ينحرف مزاجها ٬ مما يجعلها مظنة خطأ فى تصوير ما تشاهد من أحوال الناس ٬ وأحداث الحياة ٬ فقد احتاط الدين فى القضاء بشهادتها منفردة ٬ وضم إليه ٬ للاستيثاق شهادة امرأة أخرى.

(3) - لما كان الرجل بعيدا عن مشاغل الحيض والنفاس والحمل والرضاع كان أجلد على ملاقاة الصعاب ٬ ومعاناة الحرف المختلفة ٬ وكان الضرب فى الأرض ابتغاء الرزق ألصق به هو ٬ ومن ثم فقد كلفه الإسلام بالإنفاق على زوجته ٬ وعلى قرابته الإناث الفقيرات .

(4) - تبع ذلك أن نصيب المرأة فى الميراث نصف نصيب الرجل غالبا ٬ لأنه المسئول عن النفقة كما قدمنا ٬ فهى إذا تزوجت أخذت منه المهر ٬ واستحقت عده النفقة ٬ ومن الظلم أن تسوى معه فى الميراث بعد تحميله هذه الواجبات .

(5) - الرجل رب الأسرة ٬ وهو في البيت رئيسه القوام عليه . قال تعالى : “الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم” .

(6) - الرجال هم المرشحون الأوائل لشغل المناصب الكبرى فى المجتمع والدولة والخدمة العسكرية . وسنتحدث عن حكمة ذلك بعد قليل لتعرف وجهة نظر الإسلام كاملة .

وهذه الفروق مع التطبيق العدل الدقيق لا تخدش المكانة الإنسانية للمرأة . بل إن الإسلام إذ يعترف بهذه الفروق يتمشى مع طبائع الأشياء ٬ ولا يستطيع تجاهل فطرة الله فيها .

لكن الذى يحدث للأسف أن بعض المترجلات من النساء يريد أن يشتط فى طلب ما ليس له ٬ وأن بعض القساة من الرجال يريد هضم المرأة والافتيات على مالها من حقوق.

والإسلام منهج آخر ٬ بين التفريط والإفراط .

والمعروف من تعاليمه أنه رفض رفضا باتا أسلوب الجاهلية فى معاملة المرأة واستنقذ كيانها المادى والمعنوى ٬ من غمط ظاهر ٬ بل من استهانة شنعاء .

والفروق التى أحصيناها هى استثناءات من قاعدة عامة ٬ استثناءات لها سرها وحكمتها ٬ غير أن مسلك بعض المجتمعات جعل الاستثناء هو القاعدة ٬ والقاعدة هى الاستئناء ٬ وذاك ما يستنكره الإسلام الذى شرع المساواة فى الحقوق والحريات الأساسية كلها ٬ ونص على التفاوت والتقييد ٬ لا ليهين المرأة ٬ بل ليقيم العدالة ٬ ويوجه كلا الجنسين إلى ما يحسنه. ويوائم خلقته وفطرته .

الحرية الدينية مكفولة للمرأة كفالة مطلقة ٬ مثلها فى ذلك مثل الرجل . وقد أباح الإسلام أن تبقى المرأة اليهودية أو النصرانية على دينها وهى زوجة المسلم وأم لأولاده :

“يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب ٬ اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان …” .

لكن الإسلام يرفض الزواج بالمرأة الملحدة التى لا تعترف بالألوهية أو المرأة التى تعبد الأصنام .

والسر فى ذلك أن أساس تكوين الأسرة وهو العشرة الزوجية التى يراعى فيها وجه الله ٬ ويترك فيها الحرام ٬ ويقتصر على الحلال .

والملحدات يستبحن ما يحلو لهن ٬ أما اللاتى لهن دين سماوى فإن ما وقر فى نفوسهن من تعاليم السماء يحجبهن عن الرذيلة.

واحتراما لعقيدة المرأة المسلمة رفض الإسلام أن تتزوج رجلا من أهل الكتاب لا يؤمن بدينها ٬ وقد يتناول نبيها بالتجريح والإساءة إذ هو كافر به وهذا المسلك لا ينتظر من مسلم يتزوج كتابية إذ هو يحترم كل نبى سبق ٬ ويؤمن به إيمانه بنبيه.

أما الحرية السياسية فقد أشرنا سابقا إلى أنها تعنى أمرين: رقابة الأمة على الحاكمين ٬ والتعقيب بالنقد على ما قد يخطئون فيه .

وحق ولاية الوظائف كلها لأى امرئ يستكمل شرائط ولايتها. والمرأة والرجل سواء فى الشطر الأول فكلاهما مسئول أمام الله عن قول الحق وإسداء النصح ٬ والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

“والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم” .

وقد أسهمت المرأة الإسلامية بنصيبها كاملا فى هذا الشأن فبايعت على نصرة الإسلام ٬ وبايعت على العمل بتعاليمه ٬ وهاجرت من أجله وقاتلت أحيانا فى سبيله.

والدارس لسيرة النبى ` صلى الله عليه وسلم ` يرى شواهد ذلك كله جلية.. فإن النساء المؤمنات هاجرن من مكة إلى الحبشة والى المدينة. ومن آمن منهن من الأنصار حضرن موسم الحج ٬ وبايعن الرسول صلى الله عليه وسلم بيعة `العقبة الكبرى`.

وفى المدينة ومكة بعد الفتح بايع النساء النبى ` صلى الله عليه وسلم ` على مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال وسائر شرائع الإسلام.

“يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم”.

وثبت أن عددا من النساء شاركن فى معارك الجهاد الدينى الذى فرض على الإسلام وهو يشق طريقه وسط عوائق الجاهلية الأولى وخصوماتها العنيفة ٬ وأدين بعض أعمال الإسعاف والخدمة النبيلة ..

بل أنه عندما ثارت الفتن بين المسلمين الأوائل شاركت المرأة برأيها فوقفت من تخطب فى صفين مؤيدة لعلى بن أبى طالب.

وخرجت عائشة أم المؤمنين تحرض على ` على ` وتخطئ صنيعه . . ومعروف أن عمر رجع عن رأى له أمام اعتراض امرأة ٬ فقد فكر فى تحديد المهور ٬ وخطب يمنع المغالاة فيها ٬ فقالت له المرأة :
الله يقول: “…وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا …” فالله يعطينا. وأنت تمنعنا ؟ فتراجع عمر وقال: ` امرأة أصابت ورجل أخطأ ` !!

لكن الإسلام لا يرى فى المرأة الكفاية لتولى رياسة الدولة وتوجيه دفة الحكم ٬ ويأبى على المسلمين اختيارها لهذا المنصب .

وصح أن الرسول ` صلى الله عليه وسلم ` لما بلغه أن الفرس ولوا بنت كسرى ملكة عليهم قال: “ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة “ .

وجمهور الفقهاء على أن الرجال أولى بالمناصب السياسية والإدارية من النساء. وعلى ذلك جرت سنة الخلافة الراشدة ٬ كما جرت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل ٬ فلم يسند منصب رياسى للمرأة .

إن القدرة الوظيفية لأعمال المرأة وأفكارها تحتاج إلى شرح علمى وثيق ٬ حتى لا نكلفها فوق طاقتها ٬ فنظلم الأعمال التى توكل إليها ٬ ونضيع الأعباء المنوطة بها .

والحق أن الإسلام لما قرر إعفاء المرأة فى أثناء الحيض والنفاس من الصلوات المكتوبة ٬ كان متمشيا مع منطق الطبيعة فى ضرورة الرفق بها .

ولما قرر الاستيثاق من شهادتها بضميمة أخرى إليها كان كذلك متمشيا مع ما أكده الطب من تغيرات عامة وهامة تصيبها باستمرار . وأن هذا التخفيف فى تكاليفها الشرعية والعقلية يجعلنا لا نسوى بينها وبين الرجل فى مشقات الحياة ومشاغلها.

ذكر الدكتور ` فان ديلفد ` فى كتابه “الزواج المثالى” الذى ترجمه ترجمة حرفية كاملة الدكتور محمد فتحى : " إن الأعراض البدنية الشائعة فى المرأة قبل الحيض وخلاله ما يأتى: الصداع غالبا فيمن اعتدن الصداع فى هذه الفترات ٬ ويزداد تدفق اللعاب ٬ ويتمدد الكبد ويتضخم ٬ ويحدث مغص فى الكيس الصفراوى ٬ ويضطرب الهضم ٬ وتضطرب شهية الأكل فإما أن تحس المرأة بجوع شديد أو تعاف الطعام .

وكثيرا ما يحدث الغثيان ٬ والميل إلى القئ ٬ ويسوء النفس ٬ ويزداد الريح فى الأمعاء ٬ ولكن كل دورة شهرية تنتهى عادة ٬ بالإمساك . وتظهر الاضطرابات فى الدورة الدموية ٬ فالنبض غالبا لا يكون منتظما متشابها وتضطرب ضربات القلب ٬ وتتورم الأوردة الدموية ٬ ويبرد القدمان ٬ ويتضخم الرسغان والركبتان وتحتقن الأغشية الأنفية كما تحدث آلام مفصلية.

وتتضخم الغدة الدرقية والحبال الصوتية بشكل ملحوظ ٬ ويفقد الجهاز الصوتى قدرته لما يصيب الجزء الخلفى من الحنجرة من تمدد وارتخاء فى الغدد والعروق الدموية ٬ ويتضح هذا فى السيدات اللاتى يستعملن صوتهن بكثرة كالمدرسات ٬ إذ يبدو التعب فى صوتهن بسرعة ٬ كما يصيبه التغير الملحوظ ٬ ويتجلى هذا فى الغناء فيبعد الصوت عن النغم الموسيقى ٬ ويفقد الجرس والتنغيم وتقل القدرة على تنويع الأنغام . ويظهر فى العين اضطراب فى أعمالها ووظائفها ٬ وتلتهب قليلا وتبدو ` نقط وبقع ` غريبة ٬ ويضيق مجال الرؤية ضيقا ملحوظا ٬ وتقل القدرة على تمييز الألوان.

وتصيب حاسة السمع أعراض متشابهة ٬ وأما أنسجة الجسم العامة فهى تنبسط وترتخى أو تتضخم وتحتقن ٬ ويكمل سوء الحال بشحوب الوجه شحوبا شديدا ٬ واحمراره بسرعة عند التأثر ٬ وظهور تجعدات أو دوائر زرقاء تحت العيون ".

قال الدكتور ` فان ديفلد `: " لقد ذكرت كل هذه الأعراض بالتفصيل لأظهر أن المرأة الحائض تكاد تكون مريضة... بل هى مريضة بعض المرض ..

ثم ذكر أن هذه الأعراض تتوزع فتظهر طائفة منها فى امرأة وطائفة فى أخرى أى أنها لا تتجمع كلها فى امرأة واحدة.

إن البحث فى الفروق المادية والمعنوية بين الرجال والنساء لا يزال موضع اهتمام العلماء فى بلاد كثيرة.

ومع استفحال الشيوعية والنظريات الإباحية يحاول كثير من الناس الزعم بأن هذه الفروق معدومة أو تافهة.

ونحن نؤكد قيام هذه الفروق ٬ ونرى أنها بالنسبة إلى الحقيقة الإنسانية بين الجنسين تافهة حقا ٬ ولكنها بالنسبة إلى توزيع الوظائف والأعباء عليهما جميعا لا يمكن تجاهلها أبدا ...

ومن المستحسن أن نتدبر ما نشرته جريدة ` الأهرام ` تحت العناوين الآتية وإن كان محاولة يائسة لإثبات المساواة المطلقة بين الجنسين!!! :

` الاختلافات العقلية بين الرجال والنساء وهل تؤثر على ريادة الفضاء؟
التقاليد ألزمت المرأة بمقاييس الأنوثة فحرمتها العقلية التحليلية والابتكارية.
البنات يجدن فنون الكلام والآداب ٬ والأولاد يظفرون بجوائز الجبر والحساب.
إلى أى مدى تختلف المرأة عن الرجل جسمانيا وعقليا ؟
وهل هذه الاختلافات طبيعية فرضها التكوين الجسمانى والتفاعلات الكيميائية فى جسميهما؟
أم هى نتيجة للقيود الاجتماعية المفروضة على المرأة ؟ `.

وكانت الإجابة على هذه الأسئلة موضوع حلقة بحث عقدت أخيرا فى المركز الطبى بجامعة ` كاليفورنيا ` وعرضت فيه نتائج دراسات امتدت نحو عشر سنين.

وجاء الرد على البعض الآخر فى التجربة الناجحة التى أجرتها رائدة الفضاء الروسية حين أقامت فى الفضاء نحو ثلاثة أيام .

• هرمونات الذكور والإناث :

الإنسان سواء أكان ذكرا أم أنثى مجموعة من التفاعلات الكيميائية ٬ كما قال العالم الفرنسى `لافوازييه ` فالهرمونات التى تسري فى جسده هى التى تقرر نصيبه من الرجولة والأنوثة.

وسواء أكنا رجالا أم إناثا ٬ ففى أجسام الجنسين كليهما غدد تفرز الهرمونات الذكرية والأنثوية.

وإذا ما زاد الإفراز زاد نصبينا من مظاهر الرجولة كالصوت الخشن ٬ ونمو شعر الصدر واللحية ٬ وإصابة الرأس بالصلع.

وإذا ما زاد الإفراز الثانى زاد نصيبنا من مظاهر الأنوثة كنمو الثدى ٬ وطول شعر الرأس وغيرهما ...!!

ووجه مؤتمر ` كاليفورنيا ` اهتمامه إلى دراسة الاختلافات العقلية بين النساء والرجال.

وكان أبرع ما نوقش فيه الدراسة التى قدمتها الباحثة النفسية الدكتورة `اليانور ماكوبى` والتى قالت فيها: إن الاختلافات بين الرجال والإناث أضعف مما تظن حتى فى الناحية العضوية!!

• الرجال أكثر ابتكارا :

وفى الجزء الأول من بحثها درست الإحصاءات وسجلت الاختلافات العقلية بين الجنسين خلال الأربعين سنة الأخيرة وهى الفترة التى فتحت فيها أبواب التعليم العالى والدراسات الجامعية للنساء .

ودلتها دراستها على أن الرجال أكثر إنتاجا وابتكارا من النساء حتى فى المجالات الأدبية.

وعندما انتقلت إلى ميدان الدراسات العلمية والبحوث ٬ زادت الفجوة بين الجنسين أى برز تخلف المرأة .

وقالت: ` إن عددا قليلا من النساء الجامعيات يندمجن فى المشكلات العلمية ويحاولن ابتكار نظريات جديدة وذلك بعد أن درست حالات أربعمائة من الجنسين ممن حصلوا على درجة الدكتوراه `.

وقالت: `إن نحو نصف النساء من هذه الفئة لم يسجلن بحوثا جديدة ٬ ولم تكن عقبتهن الزواج أو ولادة الأطفال ٬ لأن الإنتاج العلمى لمن تزوجن تساوى مع من بقين بغير زواج. `

وعقب هذه المرحلة من الدراسة انتقلت إلى مرحلة أخرى وهى إجراء التجارب على الجنسين لتتعرف علة هذا التخلف إن كانت أصيلة أو طارئة.

ومن هذه الاختيارات أثبتت أن البنات يتفوقن على الأولاد فى طلاقة اللسان ٬ والقدرة على التعبير ٬ ورواية القصص بعد إتمام خمس أو ست سنوات من المرحلة الابتدائية.

• الصفات التحليلية :

أما الأولاد فكانوا يتفوقون ويحصلون على الجوائز فى العلوم الرياضية وعمليات التحليل فى الجبر والهندسة وغيرها من العمليات التى تحتاج إلي تفكير منطقى كبير .

وظهر هذا الخلاف أيضا فى اختبارات الذكاء التى تؤهل للالتحاق بالجامعات . فإن نسبة الذكاء فى الصبيان كانت أعلى ولم يكن السبب فى تخلف النساء أنهن يكرهن العمل مهندسات أو باحثات فى العلوم الرياضية والطبيعية ٬ بل كان نقصا فى الصفات التحليلية للعقل ... !!!

ووصلت إلى هذه النتيجة بعد إجراء مجموعة من الاختبارات المختلفة التى تبين الملكات العقلية من حيث الاستقلال فى التفكير ٬ والاعتماد على الغير ٬ وتحليل المشكلات ٬ ودلاقة اللسان ٬ والتفكير فى العلم ٬ والقدرة على التركيز على الأشياء المطلوبة وإهمال غيرها.

وقالت: إن الفتيات يختلفن عن الأولاد فى طريقة صقل تفكيرهن ليصرن أكثر ميلا إلى النظرة العامة الشاملة والوقائية ٬ وأقل ميلا إلى الناحية التحليلية.

وقد يفيدهن هذا التفكير فى حياتهن ٬ ولكنه لا يؤدى إلى مستوى ذكاء مرتفع وابتكارى وهو الاتجاه الضرورى للعلوم وبحوثها ٬ ولهذا فإن قلة من النساء يحصلن على التفكير التحليلى.

ماذا يقول مدعو التسوية المطلقة بين الذكور والإناث فى كل شئ أمام هذه المقررات العلمية التى تعرضها امرأة باحثة ؟

إنهم يعترفون مكرهين بهذه الفروق المحسوسة. بيد أنهم يردون وجودها إلى التقاليد الاجتماعية التى تسود العالم. ولعمرى إن هذه التقاليد محيت بالحديد والنار فى روسيا وغيرها من الدول الحمراء.

ومع ذلك ٬ وبعد نصف قرن من التجربة الهائلة ٬ لا تزال المرأة فى وضعها الثانى ٬ والرجل فى المرتبة الأولى.

نعم هناك أفراد شواذ فى كلا الجنسين ٬ هناك نساء يفقن رجالا ورجال تحكمهم أحيانا نساء.
والشذوذ لا يخدش القاعدة ٬ بل يؤكدها.

ومن الخير بعد تنمية مواهب المرأة إلى أقصى حد توجيهها إلى ما تحسن من أعمال وجعلها فى المجتمع أساس الأسرة ٬ وسياجها المكين ٬ لا مدار الأهواء المتاحة والنزوات المباحة ...!!!

إن التقاليد قد تجور فيجب حينئذ إلزامها العدل ، لكن الظن بأن التقاليد هي التي خلقت خلقا الفروق المادية والأدبية بين الرجال والنساء بعيد عن الصواب .

والدكتورة الباحثة أخطأها التوفيق حين رأت تفوق الذكور على الإناث فى الجملة فأرجعت السبب إلى طبيعة التربية التى تكتنف حياة الفتاة.

إنها تزعم أن إشعار الأنثى بأنها أنثى ٬ وتهيئتها لتكون فى وصاية الآخرين ٬ وتوجيهها إلى استرضاء الجنس الآخر ٬ وكسب إعجابه ٬ وهو السبب فى أن النساء لا يتساوين مع الرجال كما وكيفا فى الريادات والقيادات العقلية والفنية الدقيقة.

وتمضى الدكتورة فى خطئها فتقول : إن النساء فى هذا التخلف يشبهن الأولاد المدللين ٬ أى أن الذكور الذين يتعرضون لذات الظروف التربوية التى تتعرض لها المرأة يشبون أدنى إلى النساء .

وتجئ باحثة أخرى ٬ لتحرض النساء على خلع طبائعهن ٬ فى التحبب إلى الرجال ٬ ومحاولة الاستقلال النفسى فى الحياة ٬ فإن ذلك المسلك يجعلهن جنسا مساويا للرجال أولا وآخرا.

وهذا الكلام ينطوى على أمانى جوفاء لا يساندها شئ من الحق .
ولنتدبر ما يقوله أصحاب هذه الدعوى لنرى أنه لا يخدم غرضهم .

• التقاليد هى السبب :

أما سبب هذا الاختلاف فى رجحان الرجل على المرأة فيرجع إلى التربية التى يظهر أثرها فى الجنسين.

فالأولاد المدللون الذين يحرص الآباء على حمايتهم ينشأون فى العادة كالبنات ٬ ويكونون بارعين فى الأعمال اللغوية والأدبية ٬ وضعافا فى الحساب.

أما الأطفال الذين منحهم آباؤهم حرية التصرف والاعتماد على النفس ٬ فقد امتازوا فى الغالب بعقليات تحليلية وابتكارية ٬ وشخصيات استقلالية .

وقالت الدكتورة ` ماكوبى ` : " إن مفتاح هذه الاتجاهات العقلية يظهر فى عمليات التربية الأولى ٬ كيف تسمح للطفل وتشجعه على الابتكار وتحمل المسئولية ٬ ولا نتيح له فرصة الاعتماد على سواه فيما يبذل من نشاط. ففى هذا النشاط الحر تتألف الشخصية الابتكارية المستقلة القليلة التأثر بما يدور حولها.

ويظهر هذا فى الفتيات ذوات التفكير التحليلى ٬ فهن قلما يكترثن لما حولهن ولكنا نعتبرهن تبعا لمقاييسنا الاجتماعية فقدن صفة الأنوثة.

وبحكم الأوضاع الاجتماعية فإن الفتيات أكثر تأثرا من الأولاد بما يقوله الآخرون عنهن من آراء. ومن مطالبات أكثر من الأولاد بالانضواء تحت لواء المطالب الاجتماعية واحترامها. ولعل هذا هو السبب فى تفوقهن فى فنون الفصاحة والكلام .

وبحكم التقاليد الاجتماعية أيضا يخف الضغط والتجريح للأولاد فينفتح أمامهم باب التحرر العقلى ٬ بل حتى عدم الاهتمام بالآخرين وهذا التحرر هو الطريق إلى العقلية العلمية الابتكارية ".

وهكذا تعتذر السيدة عن تخلف النساء !! .

• مقاييس الأنوثة :

وقالت الباحثة ` ماريا مان ` : " إن النساء مصابات باضطراب عقلى يجعل الأنوثة مثلا أعلى لديهن كضمان للسعادة. فهن يطالبن بأن يكن نحيلات القوام ٬ أنيقات ٬ مرحات ٬ عذبات الحديث ٬ وذوات جاذبية جنسية ٬ ويعرفن كيف يتفنن فى طهو الطعام ٬ وتربية الأولاد ٬ ومعاونة الزوج ٬ فإن خالفت إحداهن ذلك النهج خرجت على التقاليد"`.

وهذا سر تخلفها العلمى فى نظر هذه الباحثة..

وأيد الدكتور ` أدموند أوفر ستريت ` الأخصائى فى أمراض النساء جانبا من البحوث السابقة من الناحية الكيميائية ٬ بقوله : " إن جسم كل أنثى أو ذكر يحوى غددا تفرز هرمونات ` استروجين ` الأنثوية ٬ و` أندروجين ` الذكرية .

وقد يكون التفكير التحليلى من خواص الذكور بسبب زيادة هرمونهم ٬ ولكنه لا يعنى التفوق العقلى على الإناث ٬ بل يعنى أن لكل منهما اختصاصه ٬ وأن أحدهما يكمل الآخر.

وإذا ما زاد تحرر المرأة وتغيرت نظرة المجتمع إلى الأنوثة وصفاتها فمن الجائز أن تتساوى المرأة بالرجال فى الصفات العقلية وتكون قادرة مثله على الابتكار والاكتشاف ... "

ونقول نحن :

إن التربية قد تقوى نماء الشجرة ٬ وتهذب امتدادها طولا وعرضا ٬ وتظهر ثمارها كيفا وكما ولكنها لن تغير طبيعته أبدا .. وتربية الجنسين كليهما واجبة وتعليق أوسع الآمال على هذه التربية معقول.

لكن انتظار انقلاب إنسانى يجعل الرجل والمرأة سواء فى كل شىء خطل .

فستظل المرأة الحامل ٬ والمرضع ٬ وربة البيت ٬ وحاضنة الأولاد. وستظل كل شهر تتهيأ لإنشاء الأجيال الجديدة وتتعرض أجهزتها الجثمانية لعناء مستفادة الشدة فى الإعداد لهذا الخلق !!

ونحن نعرف أن بعض النساء تكثر فى كيانهن ` هرمونات الذكورة ٬ وربما تمردن على طبيعة الأنثى لهذا العرض الشاذ ٬ وأمكنهن مشاركة الرجال فى بعض التكاليف الشاقة `

نعم ٬ وفى بلادنا نساء يقدن المعارك أحيانا ٬ ويضربن بالسكين !! وقد نرى شبابا .. لعل هرمونات الأنوثة كثيرة فى جسمه فهو طرى مستضعف. بيد أن هذا أو ذاك ٬ لا يهدم الطبيعة العامة التى تفرض نفسها على الواقع مهما كابر المكابرون ...

ومن هنا قلنا بتوزيع الأعمال حسب طبائع الجنس . فمن وضع الأمور فى مواضعها أن تشغل المرأة الوظيفة العتيدة المهيأة لها وظيفة ربة البيت .. وأن يشغل الرجل الوظائف الحيوية فى كل ناحية من نواحى الحياة الشاقة .

ولا يجوز أن تشغل امرأة إحدى هذه الوظائف مع وجود شاب عاطل كفء لها. فإن ذلك حكم على الرجل بالقعود حيث يجب أن يعمل ويستطيع الأداء الكامل ٬ ثم هو فى الوقت نفسه حكم على المرأة بالعمل حيث لا تستطيع الإجادة ٬ وتعطيل لها عن الوظيفة التى تتقنها ٬ والتى لا يحسن الرجل شيئا منها ٬ وهى القيام على البيت والأولاد .

أريد أن أقول فى جلاء: إن استخراج المرأة من البيت ليس سدادا لثغرات فى ميدان الزراعة والصناعة والتجارة ودعك من ظروف الحرب وليس إنجازا للأوراق المهملة فى الدواوين ولا ترويجا للبضائع المكدسة فى الدكاكين.

إنه مجون من بعض الرجال الذين يريدون تيسير المتاع بالمرأة ٬ وابتذال محاسنها ٬ وجعلها تحت بصر الذئاب ٬ أو بين أيديهم كلما شاءوا .

وتوظيف المرأة فى الجهاز الإداري للدولة يتبع الصالح العام للأمة ٬ والإسلام يقبله فى نطاق محدد .

قال الأستاذ الشيخ/ محمد أبو زهرة : " أما تمكين المرأة من العمل فقد قررنا أن الشريعة لا تعارضه ٬ ولكن على أساس أن عمل المرأة فى الحياة هو أن تكون ربة الأسرة ٬ فهى التى تظلها بعطفها وحنانها ٬ ترأم أولادها وتغذيهم بأعلى الأحاسيس الاجتماعية وهى التى تربى فيهم روح الائتلاف مع المجتمع حتى يخرجوا إليه ٬ وهم يألفون ٬ ويؤلفون.

إن الغذاء الروحى الذى تقدمه الأم لأولادها يربى أجسامهم وينميهم ٬ فقد أثبتت التجارب العلمية التى أجريت لاختيار نمو الأطفال الذين ينشئون فى الملاجئ أو دور الحضانة ٬ والأطفال الذين يتربون بين آبائهم وأمهاتهم أنه بعد تجاوز السنة الأولى من أعمارهم يكون نمو الطفل بين أبويه أوضح وأكثر لأنه يحتاج بعد السنة الأولى إلى غذاء من العواطف كما يحتاج إلى غذاء من المادة.
بل ثبت أن غذاء العاطفة ينميه ولو لم تكن الرعاية الصحية كاملة من كل الوجوه.

أما النمو النفسى والعقلى والتهذيبى والسيطرة على الغرائز فإنه يكون كاملا فى الطفل بين أبويه ٬ بينما يكون دون ذلك بكثير فى الملجأ أو دار الحضانة.

ولا يمكن تنظيم الأسرة من غير ربة بيت راعية كالئة كما قال النبى صلى الله عليه وسلم :
`المرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ` . وذلك ليس هو النظام الشرعى الاجتماعى فقط ٬ بل هو النظام الطبيعى.

ولهذا قلنا: إن عمل المرأة لا يكون من الناحية الشرعية والاجتماعية أصليا بل يكون استثنائيا ٬ وأعلنا رأينا: هو أن المرأة تعمل فى أحوال أربع:

الأولى: أن تكون المرأة ذات نبوغ خاص يندر فى الرجال والنساء معا ٬ والمصلحة الاجتماعية توجب فى هذه الحالة أن تعمل ليعود ذلك النبوغ على المجتمع بنفع عام ٬ ولا تخمده بإخمالها. افتذهب قوة عاملة لك من القوى النادرة والمرأة فى هذا تترك جزءا من أمومتها فى سبيل المصلحة العامة.

والثانية: أن تتولى المرأة عملا هو أليق بالنساء ٬ كتربية الأطفال فى سنيهم الأولى وتعليمهم ٬ وذلك إلى سن التاسعة أو الحادية عشرة وهى السن التى قررتها الشريعة لحضانة الأطفال ٬ فيكون الطفل فى حضانة أمه داخل البيت ٬ وفى عطف المرأة ورعايتها بالمدرسة.

ومثل تعليم الأطفال تطبيب النساء ٬ ولقد قرر الفقهاء أن بعض هذه الأعمال فرض كفاية كالقابلات ٬ فان عملهن من فروض الكفاية. ولذلك قرر كمال الدين بن الهمام ٬ من فقهاء الحنفية ٬ أن الزوج ليس له منع امرأته من الخروج إذا كانت تحترف عملا هو من فروض الكفاية الخاصة بالمرأة ٬ ولكنه نصح هذه المحترفة بألا تخرج متبرجة غير كاملة فى تصرفاتها.

الحال الثالثة: أن تعين زوجها فى ذات عمله ٬ وهذا كثير فى الريف ٬ فالمرأة الريفية إذا كان زوجها عاملا زراعيا ٬ أو مالكا صغيرا ٬ أو مستأجرا لمساحة ضئيلة تعاونه امرأته فى عمله معاونة كاملة ٬ فهو يخرج من داره حاملا فأسه ٬ وهى معه حاملة وعاء البذر ٬ وحولهما أولادهما يتعلقون بثيابهما ويحملان بعضهم على أذرعهما ٬ ولو كان للمرأة صورة مثالية فى مجتمعنا لكانت صورة تلك المرأة الكادحة العاملة العاطفة لا هؤلاء النساء اللاتى يغشين الاندية والملاهى ودور الغناء .. و. ويلغطن فى مجالسهن بالحلال والحرام !!.

الحال الرابعة: أن تكون فى حاجة إلى العمل لقوتها وقوت عيالها إذا فقدت العائل هى وهم فكان لابد أن تعمل لهذه الضرورة أو تلك الحاجة الملحة.

ونقرر هنا أن المبادئ الإسلامية ما كانت لتجعل مثل هذه المرأة فى حاجة لأن تعمل ٬ لأن بيت المال كان يتولى الإنفاق عليها ٬ ويجرى لها رزقا منتظما من بيت مال الزكوات والضوائع إن كانت مسلمة ٬ أو بيت مال الخراج والجزية إن لم تكن مسلمة ٬ وذلك تطبيعاً لقول النبى صلى الله عليه وسلم : “ من ترك مالا فلورثته ٬ ومن ترك عيالا فإلى وعلى “ .

***

والمرأة والرجل فى حرية المدنية سواء . فشخصيتها المعنوية ثابتة ٬ وحقها فى التصرف ومباشرة جميع العقود مقرر فى الشريعة ٬ لها أن تبيع وتشترى ٬ وأن توكل عن نفسها ٬ وأن تكون وكيلة عن غيرها ٬ وليس هنالك ما يميز الرجل عنها فى هذا المجال ..

وفى عقد الزواج كلام يجب أن يذكر هنا ٬ ليعرف منه مدى حق المرأة ومدى الحرية الممنوحة لها. لا يجوز لأحد إكراه المرأة على الزواج بمن تكره.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ لا تنكح الأيم حتى تستأمر ٬ ولا البكر حتى تستأذن . قالوا : يا رسول الله ٬ كيف إذنها ؟ قال : أن تسكت “ .

وعن خنساء بنت خدام ٬ أن أباها زوجها – وهى ثيب دون تعرف رأيها ٬ فأتت رسول الله تشكوفرد نكاحها .

وعن ابن عباس: أن جارية بكرا أتت رسول الله ` صلى الله عليه وسلم ` ٬ فذكرت له أن أباها زوجها وهى كارهة ٬ فخيرها النبى “ صلى الله عليه وسلم ” ٬ أى رد الأمر إلى مشيئتها .

وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه: ` جاءت فتاة إلى رسول الله ` صلى الله عليه وسلم `: فقالت: ` إن أبى زوجنى من ابن أخيه ليرفع بى خسيسته !!. قال الراوى: فجعل الرسول أمرها إليها . قالت: قد أجزت ما صنع أبى ٬ ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شئ
وإذا كان رضا المرأة لابد منه فى عقد الزواج ٬ فمن الذى يباشر هذا العقد؟.

يقول بعض الفقهاء: من حقها أن تستقل بمباشرة هذا العقد ٬ فهو كأى عقد آخر يصح لها أن تباشره ٬ وان كان الأولى بها والأليق بحياة المرأة أن تكل ذلك إلى أبيها أو أحد أوليائها ... ...

على أن الإسلام أباح لولى المرأة أن يعترض على الزواج إذا أساءت البنت التصرف فيه ٬ بأن اختارت لنفسها شخصا ساقط المروءة مطعون الكفاية.

لأن هذا الزواج يسئ إلى مستقبلها وإلى كرامة أسرتها ٬ وقد تكون الدوافع إليه شهوة عابرة أو نزوة طائشة . أما إذا كان الزوج المختار لا مطعن فيه ٬ فليس لأحد حق الاعتراض عليه .

ويرى فقهاء آخرون ضمانا لاستقرار الأسرة أن يباشر العقد الولى نفسهبعد الاستيثاق من رضا الزوجة فذلك أحوط وأسلم. وفى كلتا الحالتين ٬ لا نجد انتقاصا من الحرية المدنية للمرأة. إذ الأمر يتعلق بالشكل لا بالموضوع فيستحيل إمضاء عقد دون رضاها.

والبيت هو المستقبل الطبيعى للمرأة ٬ والمجال المهيأ لها كى تنشئ الحياة وتعد الأجيال.
وعمل المرأة فيه بعيد المدى ٬ فإن أنوثتها هى وحدها التى تشيع فيه السكينة والرضا ٬ وهذا الجو الصافى هو الذى يستعمل فيه الطفل نماءه النفسى والبدنى .

وعلاقة الرجل بالمرأة ٬ والمرأة بالرجل أكبر من أن تخطها نصوص القانون وأحكام القضاء ٬ فإن الامتزاج المفروض بينهما يكاد يجعل منهما شخصا واحدا ٬ ووصف القرآن الكريم لهذه الصلة ناضح بهذا المعنى. “ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن “. “ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة “ .

ومع ذلك فإن هناك معالم بقيت واضحة تحرس هذه العواطف الكريمة من بوادر الأثرة والطغيان .

والحقوق والواجبات فى البيت متبادلة بين الزوجين فى كل شئ ، ولكن للبيت رئيسا يرجع إليه الإشراف الأخير ٬ فهو الذى أقام هذا البيت ٬ وهو المسئول الأول عن مطالبه ٬ والأولاد ينسبون إليه ويعرفون به.
وهو يكدح أغلب عمره كى يوفر لهذا البيت سعادته وطمأنينته ..

فكيف تناط بعنقه هذه التبعات كلها ثم يهدر حقه فى الولاية على بيته ؟.
إن هذه الرياسة أثر المسئولية التى لا تنفك عنه !.
والواقع أن العمل خارج البيت هو شريان البقاء للحياة داخل البيت .
والعمل خارج البيت معصوب برأس الرجل الذى زودته الأقدار بطاقة موصولة على الكدح والمعاناة .

أما الزوجة فماذا تصنع إذا عرتها آلام الحمل والوضع والرضاع ؟. إنها مقهورة – والحالة هذه – على البقاء فى حجرتها والتوارى عن أنظار الناس وضروب التعامل معهم ..

إن الخصائص النفسية والبدنية التى يمتاز بها جنس الرجال فى الحياة الخارجية هى التى أهلتهم لشتى القيادات فى جملة الميادين الإنسانية .
ومن ثم كان الرجل قواما على أسرته ٬ ولا مساغ لنزاع فى هذه الأهلية .

فهل القوامة المقررة للرجل تعنى إهدار الحرية المدنية للمرأة ٬ ومنعها من التصرف فى أملاكها . أو التدخل فى إدارتها ؟ لا.. إن شخصيتها مصونة ومشيئتها حرة ٬ ورياسة البيت شئ ٬ وهذا شئ آخر وبعض الناس توهم من قوله تعالى: “ الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم “.

إن المرأة دون الرجل ماديا وأدبيا ٬ وأن هذه المرتبة النازلة تجعل القوامة قوامة استعلاء وهيمنة . وهذا خطأ ٬ فقد شرحنا آنفا أن المرأة والرجل ينميهما أب واحد وإذا كان معدن الخليقة متحدا فلا مكان للوصف بالخساسة والنفاسة .

وبينا أن المرأة قد تكون أفضل من زوجها بالعلم والأدب والتقوى ومنزلتها بهذه المواهب أرفع عند الله والناس من منزلة زوجها .
فكيف مع هذا يتصور أن جنس الرجال أفضل من جنس النساء لا بشئ إلا بصفة الذكورة والأنوثة . إن هذا باطل . باطل .

----------( يُتبع )----------
#محمد_الغزالي #حقوق_الإنسان
كلمة حرة
نشر في 16 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع