1799 مشاهدة
0
0
عند صدق الإيمان وتمام الإسلام يجىء الإحسان نتيجة لازمة لهما، موضحاً إياها الكاتب محمد الغزالي في كتاب الجانب العاطفي من الإسلام
كتاب : الجانب العاطفي من الإسلام - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [ 11 ] ما هو الإحسان ؟ ( 1 من 3) : الإحسان فريضة
عند صدق الإيمان وتمام الإسلام يجىء الإحسان نتيجة لازمة لهما قال تبارك وتعالى: (إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا)
لقد علمت أن الإيمان حسن معرفة لله وثقة نامية فيه، وأن الإسلام استجابة مطلقة لتعاليمه، وتحر دقيق لرضاه، فإذا تجمعت هذه العناصر، وجرت فيها مشاعر اليقين، وأينعت فيها صوالح الأعمال، فإن المرء يكون لا محالة محسنا..
والحديث الذى بين أيدينا عرف الإحسان...
أن تعبد الله كأنك تراه.
فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
ورؤية وجه الله فى العمل هى الباعث على إجادته والحادى على إتقانه، وهى ليست تخيلا لقوة موهومة، بل هى شعور بالوجود القائم، وإدراك لحقه.
فإذا لم يبلغ المرء هذه المرتبة من الحس فلن ينزل عن المرتبة الأخرى، وهى الشعور بإشراف الله ورقابته عليه وعلى كل شىء حوله.
ونريد أن نقف عند هذه الكلمة " أن تعبد الله... ".
إن العبادة تشمل نوعين من الأعمال: الأول: الفروض العينية التى لا يخلو منها مكلف. وهى فروض تنتظم الناس فردا فردا، ويعتبر كل أحد مسئولا برأسه عن أدائها.
الآخر: الفروض التى يسأل المجتمع بجملته عنها، ويكلف بتوفيرها فى نطاقه العام، ويعد أفراده قاطبة مقصرين ملومين إذا خلا المجتمع منها، وهذا ما يسمى فى اصطلاح الفقهاء بالفروض الكفائية.
والفروض العينية تتصل بالخصائص المادية والأدبية التى يتساوى البشر فى أصلها فما من إنسان على ظهر الأرض يمكن أن تسقط عنه الصلاة أو يمكن أن يباح له الزنى.
إن هذه الفروض تستهدف تزكية كل نفس، فما تصلح أى نفس إلا بها ومن هنا كان وجوبها عينيا.
أما الفروض الكفائية فهى تتصل ابتداء بالملكات والمواهب التى يتفاوت الأفراد فيها، وتختلف ميولهم إليها اختلافا بينا، ومع ذلك فإن المجتمع يقوم على أداء كل فرد لما يحسن منها...
لو أن الناس كلهم فلاحون فمن يتاجر؟ ولو كانوا جميعا صناعا فمن يزرع؟ إن إيجاب عمل بعينه على فرد بعينه شىء متعذر، وإنما تفرق الأعمال عليهم وفق رغباتهم ويرشحهم استعدادهم له.
وهذا التوزيع يقوم المجتمع به تلقائيا، لضمان مصالحه كلها، فإذا وقع خلل فى ذلك كان مسئولا عن تلافيه.
وربما سأل سائل : وما علاقة هذه الأعمال العادية بالدين؟
والجواب أنها من صميم العبادات، وأنها حفا فروض كفايات، وأن الهندسة، والطب والفلاحة، والصناعة، ومختلف الحرف وأسباب العمران من أركان الإسلام، وأنها تدخل دخولا محتوما فى دائرة الإحسان التى تناولها الحديث الشريف بهذه العبارة الموجزة: " أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".
وذلك لأن الإنسان ـ وهو محور النشاط الدينى وموضع التكاليف السماوية ـ لا تستقر له حياة، ولا يستقيم له وجود إلا إذا كفلت له معايشه وتعاونت ظروف البيئة على ضمانها.
أى أنه يوجد ويستقر أولا ثم تلاحقه الواجبات بعد ذلك. وهذا الوجود منوط بالكدح سحابة النهار والاستعداد له ـ بالراحة ـ أثناء الليل قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا)
وقال تعالى: (وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا).
إن تعاقب الليل والنهار مجال النشاط العمرانى الذى تقوم به الحياة الدنيا، وهو كذلك مجال النشاط الدينى الذي يعرف به الله، وتكفل به الحياة الأخرى قال تعالى: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا).
فلابد للإنسان من أن يعمل عملا ما، عملا ترشحه له ملكاته وخصائصه ويلزمه المجتمع الذى يعيش فيه بأن يقوم به.
وفى شبكة الأعمال المنثورة على هذا وذاك، يسرى تيار الحياة العامة قويا، ويتوزع على الأفراد ما يصون معاشهم، ولن يستطيع أحدهم صلاة وصياما إلا إذا تحقق هذا المعاش الحتم، ففروض العين لا توجد إلا بعد أن تتحقق فروض الكفاية!!
وربما استطاعت أمة من الأمم أن تحيا على نحو بدائى ييسر الكفاف لبنيها ويجعل ما يقيم أودهم شيئا ضئيلا لا يتطلب إلا أدنى الجهد، وبذلك يكون كفاحهم العمرانى ضيق الدائرة، ينصرفون بعده إلى الفروض العينية من صلاة وصيام.
وإذا كان ذلك عسير التصور فى حياة الجماعات فهو سهل التصوير فى حياة الأفراد.
• الإحسان فريضة مكتوبة على كل شىء:
وهذا كلام يحتاج إلى فضل بيان، نعم، يقدر أحد الناس على تناول أقراص من الخبز، وارتداء ألبسة من الخيش، والانزواء بعد ذلك فى مكان خرب أو عامر يعبد الله كما يرى.
والبيئة التى يوجد فيها هذا الصنف من الناس ربما لا تتطلب أكثر من رحى للطحن، ومغزل للنسيج، وعدد من الأشغال التافهة هى التى تمثل " فروض الكفاية " فى مجتمع ساذج.
لكن الإسلام لا يصلح فى هذه البيئة، ولا تعاونه أدواتها على السير، ولا على مجرد البقاء.
لو كان الإسلام رهبانية صوامع ربما أنزوى فى جانب منها واكتفى بأى لون من العيش، ولكنه دين يبغى الاستيلاء على الحياة، وإقامة عوجها ومحاربة طواغيها.
وعدة هذا الجهاد تتطلب أمدادا موصولة من النشاط والخبرة والتضلع فى علوم الحياة والتمكن من أشتات الحرف.
أى أن المجتمع الإسلامى لابد أن تزدهر فيه جميع الفنون والصناعات التى تشيع بين أجيال البشر فى أرجاء الأرض كافة.
وينبغى أن تبلغ براعة المسلمين فى هذه الميادين حد التفوق. فإذا قورن بهم غيرهم فى النواحى المدنية والعسكرية كانوا أرجح كفة وأهدى سبيلا..
وإتقان هذه الأمور فى طليعة درجة الإحسان التى شرحها الحديث... تصور مثلا أن المسلمين متخلفون فى صناعة الدواء، وأنهم فى هذا عالة على غيرهم من الأمم الشيوعية والصليبية!
أتظنهم بهذا التخلف يسدون إلى دينهم أو إلى أنفسهم جميلا؟ أم أنهم بهذا التخلف يهزمون مبادئهم ومثلهم العليا فى أول معركة مع عدوهم؟ تصور أنهم متخلفون فى فن الطباعة، أتراهم يستطيعون السيطرة على وسائل النشر وإبراز الحقائق وإغراء ألوف القراء بمطالعتها والإقبال عليها؟
إن مهنة صيدلى، أو مهنة طباع، فرائض على المجمتع الإسلامى كالصلاة والصيام سواء بسواء، غاية ما هناك من فرق أن الصلاة والصيام لا يتخلف عن أدائها أحد، أما فروض الكفاية فيختار لها من يصلح لها. ومن لم يصلح لحرفة معينة صلح لغيرها، وكلف بالقيام بها.
وعندما يقع الاختيار على واحد بعينه للقيام بفريضة اجتماعية أصبح مسئولا عنها لفوره مسئوليته عن الركوع والسجود، وأصبح إحسانه لمهنته ـ أى مهنة ـ كإحسانه للصلاة.
إن عبادة الله فى الحقل كعبادته فى المحراب، وعبادته فى المصنع كعبادته بالسعى والطواف.
وتشبع المرء من الطعام ليقوى على الجهاد، كتقلله من الطعام فى عبادة الصيام، وصور الطاعات شتى، ومكان الإحسان فيها لا يتناهى.
إن إجادة الأعمال كلها غاية من وجود الإنسان على ظهر هذه الأرض! (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير* الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور).
ولما كان الإنسان خليفة لله فى أرضه، وكان تصرفه فى عناصرها أثرا من نفخة الروح الأعلى فيه، وكانت مرتبة الإحسان المنشودة له بعض ما يربطه بنسبه السماوى العريق، نسبة لله (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى).
ومن هنا استحب الله له أن يتقن كل ما يصدر عنه، وألا يخرجه من بين يديه معيبا أو شائنا. فلو ذبح حيوانا ليأكله فليكن ذلك بأدب ولطف.
رأى عمر بن الخطاب رجلا يقود شاة من رجلها ليذبحها فقال له: ويحك، قدها إلى الموت قودا جميلا .
وعن المسيب بن دار قال: رأيت عمر بن الخطاب ضرب جمالا وقال: لم تحمل على بعيرك ما لا يطيق؟ رواه ابن سعد فى الطبقات.
وعن عاصم بن عبيد القه بن عاصم بن عمر بن الخطاب أن رجلا حد شفرة وأخذ شاة ليذبحها فضربه عمر بالدرة وقال: أتعذب الروح؟ ألا فعلت هذا قبل أن تأخذها ؟ وعن وهب بن كيسان أن ابن عمر رأى راعى غنم فى مكان قبيح، وقد رأى ابن عمر مكانا أمثل منه، فقال ابن عمر، ويحك يا راعى حولها فإنى سمعت رسول الله يقول: " كل راع مسئول عن رعيته ".
ولو أنفذ القصاص فى قاتل فليس القصد إزهاق روحه بأى وسيلة ـ وإن كان مجرما ـ بل يجب إقامة أمر الله بنزاهة وترفع.
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن الله كتب الإحسان على كل شىء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " .
وقال: " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " .
والإتقان لا يتأتى بالادعاء والجهالة، فإن لكل عمل أرضى أو سماوى قواعد يصح بها، وتدرك بالتعلم والمران.
• قوانين الإحسان وأخطاره:
ولن يبلغ المرء درجة الإحسان حتى يستوعب هذه القواعد فقها وأداء وحتى يرقى من طور السلامة إلى طور الإجادة والتبريز للكلام قواعد نحوية وصرفية لا يقبل إلا مع توفرها فيه.
والكلام يكون صحيحا عندما يتفق مع هذه القواعد، ولكن لا يوصف بأنه بيان حسن إلا إذا كان عليه من رواء البلاغة طابع جميل.
للصلاة سنن وأركان ينبغى أن يستجمعها المصلى، فإذا تمت كانت صلاته صحيحة، ولكنها لا تبلغ درجة الإحسان إلا إذا تألق فى حركاتها وسكناتها روح الخشوع، واطمئنان البصيرة إلى الله، وخلوص القلب فى حضرته.
قيادة السيارات لها تعاليم وشروط، والقدرة على القيادة تشيع بين خلق كثير، ولكن البراعة التى تدفع صاحبها إلى الأمام فى ميادين السباق لا تتاح إلا لنفر قليل.
إن الإحسان ليس علما عاديا ولا عملا عاديا، إنما هو الشأو البعيد، الذى تبلغ الأشياء فيه تمامها، وتزهى فيه بجودتها ونقاؤها. والمسلم مخاطب بنشدان هذه المنزلة فى كل ما يمس من عمل.
العادات، والعبادات فى ذوقه وفقهه سواء، إذ العادات بمجرد اقترانها بنية الخير تتحول إلى عبادات. ولا يفرق بين الأمرين إلا أن لهذه صورا انفرد الشارع برسمها، أما تلك فهى متروكة لعلم الناس وتجربتهم على مر العصور.
حدد الشارع أعداد الصلوات وهيئاتها، ولم يحدد طرق الزراعة وأنواع المزروعات، وجعل هذه فرض عين وتلك فرض كفاية. ولكن هذا الاختلاف فى الوصف والتحديد لا أثر له فى درجة الإحسان المفروضة على كل شىء.
وغاية ما يستفاد منه أن الشارع فتح باب الابتداع والانطلاق فى شئون الدنيا وأتاح للبشر أن يتصرفوا فيه كيف شاءوا.
أما شئون العبادات فهى مجمدة على صورها المأثورة لا مجال فيها لتحوير أو تطوير.. وذاك خير.
ومجموعة الأعمال التى يتحرك بها جهاز الأمة فى كل مجال، تختار لها المواهب الصالحة ويعد لها الأكفاء من كل بيئة، وذلك لضمان الإحسان المكتوب على كل شىء.
ويرى الإمام الشاطبى أن ذلك يتطلب مرحلتين: التعليم العام، ثم الإعداد الخاص.
قال : ".. وذلك أن الله عز وجل خلق الخلق غير عالمين بوجوه مصالحهم، لا فى الدنيا ولا فى الآخرة! ألا ترى إلى قوله تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا).
ثم وضع فيهم العلم بذلك على التدريج والتربية، تارة بالإلهام كما يلهم الطفل التقام الثدى ومصه، وتارة بالعلم، فطلب من الناس أن يتعلموا جميع ما تستجلب به المصالح، وكافة ما تدرأ به المفاسد، إنهاضا لما جبل فيهم من غرائز فطرية ومطالب إلهامية.
لأن ذلك كالأصل للقيام بتفاصيل المصالح ـ الكافلة لحياتهم ـ سواء كانت من قبيل الأفعال، أو الأقوال، أو العلوم، أو الاعتقادات، أو الآداب الشرعية والعادية.
وفى أثناء العناية بالأجيال الناشئة، وتنمية مواهبها الفطرية يقوى فى كل واحد من الخلق ما امتاز به، ويبرز فيه على أقرانه الذين لم تهيئهم الأقدار على غراره، فلا يأتى زمان التعقل حتى ينضج فيه ما اختص به من ملكات، فهذا يطلب العلوم، وهذا يعشق الآداب، وهذا يتجه لبعض المهن، وهذا يهوى الرياضة والفروسية، وهذا يحب الكفاح والجلاد، وهذا ينشد التقدم والرياسة... الخ.
وإذا كان كل واحد قد غرزت فيه القدرة على التصرف العام، والفهم لقدر مشترك من شتى المعارف إلا أن العادة جرت بغلبة بعض الميول الأدبية والمادية عليه، فتكون التربية الصحيحة تتبع هذه الميول بالإنماء والرعاية، ثم توزيع الأعمال على المكلفين بما يوائم طبائعهم، وعندئذ ينهض كل مكلف بأداء ما هو راغب فيه محسن له ".
وبعد أن شرح الشاطبى النظام الدراسى الذى يقترحه للطلاب وفق خصائصهم النفسية قال: " وهكذا يكون الترتيب مع من ظهرت عليه صفات الإقدام والشجاعة وتدبير الأمور فإنه يمال بهذا الصنف إلى ما يرغب، ويعلم آدابه المشتركة، ثم يختار له الأولى فالأولى من صنائع التدبير كالعرافة أو النقابة أو الجندية أو الهداية أو الإمامة أو غير ذلك مما يليق به، وما ظفرت له فيه نجابة ونهضة.
وبذلك يتربى لكل عمل ـ هو فرض كفاية ـ قوم يؤدونه.
وطريق المعرفة الطويل يبدأ بمرحلة مشتركة ـ حيث يقف السائر، ويعجز عن المسير ـ فقد وقف عند مرتبة من الثقافة تحتاج إليها الأمة فى الجملة، وإن كانت به قوة، ومضى فى السير حتى وصل إلى أقصى الغايات فإنه سيحرز من الكفاية ما يرشحه لأداء فروض كفائية أخرى رفيعة القدر فى شئون الدين والدنيا.
قال الشاطبى ـ ونلتزم هنا النص الحرفى ـ: فأنت ترى أن الترقى فى طلب الكفاية ليس على ترتيب واحد، ولا هو على الكافة بإطلاق، أو على البعض بإطلاق، ولا هو مطلوب من حيث المقاصد دون الوسائل أو العكس، بل لا يصح أن ينظر فيه بنظر واحد...
حتى يفصل بنحو من التفصيل، ويوزع فى أهل الإسلام فى مثل هذا التوزيع، وإلا لم ينضبط القول فيه بوجه من الوجوه، والله أعلم وأحكم.
وقريب من كلام الشاطبى فى توزيع الأعمال على من يحسنونها وفق استعداداهم النفسى والعقلى ما قاله "ابن القيم" فى تغاير التكاليف والواجبات بالنسبة إلى ميول الأشخاص ومواهبهم.
قال : " فالغنى الذى بلغ له مال كثير ونفسه لا تسمح ببذل شىء منه، فصدقته وإيثاره أفضل له من قيام الليل وصيام النهار نافلة.
والشجاع الشديد الذى يهاب العدو سطوته: وقوفه فى الصف ساعة، وجهاده أعداء الله أفضل من الحج والصوم والصدقة والتطوع.
والعالم الذى قد عرف السنة، والحلال والحرام، وطرق الخير والشر: مخالطته للناس وتعليمهم ونصحهم فى دينهم أفضل من اعتزاله وتفريغ وقته للصلاة وقراءة القرآن والتسبيح.
وولى الأمر الذى قد نصبه الله للحكم بين عباده، جلوسه ساعة للنظر فى المظالم، وإنصاف المظلوم من الظالم، وإقامة الحدود، ونصر المحق، وقمع المبطل أفضل من عبادة سنين من غيره.
ومن غلبت عليه شهوة النساء، فصومه له أنفع وأفضل من ذكر غيره وصدقته.
وتأمل تولية النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ "لعمرو بن العاص ، وخالد بن الوليد، وغيرهما من أمرائه وعماله، وترك تولية أبى ذر، بل قال له: إنى أراك ضعيفا، وإنى أحب لك ما أحب لنفسى، لا تؤمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم.
وأمره وغيره بالصيام، وقال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له. وأمر آخر بأن لا يغضب. وأمر ثالثا بأن لا يزال لسانه رطبا من ذكر الله.
ومتى أراد الله بالعبد كمالا وفقه لاستفراغ وسعه فيما هو مستعد له قابل له قد هىء له، فإذا استفرغ وسعه بز على غيره وفاق الناس فيه كما قيل: مازال يسبق حتى قال حاسده هذا طريق إلى العلياء مختصر وهذا كالمريض الذى يشكو وجع البطن مثلا إذا استعمل دواء ذلك الداء انتفع به، وإذا استعمل دواء وجع الرأس لم يصادف داءه.
فالشح المطاع مثلا من المهلكات ولا يزيله صيام مائة عام ولا قيام ليلها.
وكذلك داء اتباع الهوى والإعجاب بالنفس لا يلائمه كثرة قراءة القرآن واستفراغ الوسع فى العلم والذكر والزهد.
وإنما يزيله إخراجه من القلب بضده.
ولو قيل: أيهما أفضل، الخبز أو الماء؟ لكان الجواب: أن هذا فى موضعه أفضل، وهذا فى موضعه أفضل.
كذلك فنون العبادات...
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالى
#الجانب_العاطفي_من_الإسلام
نشر في 17 تموز 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع