1645 مشاهدة
0
0
اتخاذ الوسطاء، مما يقع فيه العوام الاتجاه إلى قبور بعض الصالحين يطلبون من أصحابها ما لا يطلب إلا من الله عز وجل
الوسطـــاءمما يقع فيه العوام الاتجاه إلى قبور بعض الصالحين يطلبون من أصحابها ما لا يطلب إلا من الله عز وجل
لعل سر هذا الشرود ، أن الناس يرون في أنفسهم ضِعة ، تقصر بهم عن مناجاة الله مباشرة.
فهم يذهبون بحاجاتهم إلى قوم أزكى حالاً ليرفعوا عنهم ما لا يمكنهم رفعه بأفئدتهم وألسنتهم.
وهذه العلة هي سر الانصراف عن الله الحق إلى عبيده الذين يسمعون ، والذين لا يسمعون ، بل الذين يعقلون والذين لا يعقلون.
وكم من علة ظاهرها زيادة توقير الله بانتهاك حرمات الله.
ألا ترى المشركين كانوا يطوفون بالكعبة عرايا ، نساءً ورجالاً محتجين بأنه لا ينبغي أن يطوفوا في ثياب عصوا الله فيها..؟
فالتحرج من الاتصال بالله دون وساطة كان جريمة الوثنية القديمة التي صور القرآن الكريم اعتذارها عن شركها بقوله تعالى (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
وهذا الاعتذار نفسه هو ما يردده سدنة الجاهلية الحديثة في دفاعهم عن قُصّاد القبور طلبا للشفاء والفلاح والتماسا للنجدة والعون …
وبديهي أن لا مكان في الإسلام لوسطاء بين الله وخلقه فإن كل مسلم مكلف أن يقف بين يدي الله مهما كانت حالته وهو موقن بأن دعاءه ينتهي إلى سمع الرحمن من غير تدخل بشر آخر أياً كان شأنه.
والعبادة الأولى في الإسلام - وهي الصلاة المقسمة على أجزاء الليل والنهار - قوامها هذه الحقيقة المؤكدة التي لا ريب فيها.
فكيف يوجب الله على عباده أن يترددوا على ساحته ويسألوه - حتماً - الهداية والصراط المستقيم ، ويسجدوا بين يديه ضارعين طالبين وكيف يعتبر التخلف عن هذه الصلوات كفراً به أو إهداراً لحقه ثم يسوغ لأحد من الناس بعد أن يقول: أنا محتاج لوسيط يحمل عني إلى الله ما أريد؟
إن هذا لا تفسير له إلا الرغبة في الشرك الخفي أو الجلي..
وتسأل طالب الوساطة: من تختار ليكلم لك الله؟
فلو أنه اختار من الأحياء رجلاً يتوسم فيه الصلاح ليدعو الله له لهان الخطب.
بيد أن العجيب قصده إلى الأموات الذين انقطعت بالدنيا صِلاتهم وأفضوا ما قدموا من عمل!
ولا شعور لهم بهذا القاصد الجهول الذي جاء ، لم؟ ، ليطلب منهم أو يستشفع بهم..؟
إن التفكير الإسلامي سقط في هذه الوهدة الشائنة من أمد بعيد ، فدارت حول الولاية والأولياء خرافات شتى.
وجاءت على الناس أيام ظنوا فيها أن مقاليد الكون أصبحت بأيدي نفر من هؤلاء الهلكى يصّرفونها - بدلالهم على الله - كيف يشاءون!
وزاد الطين بلة أن أولئك الأولياء المقصودين تجاوزت قدرهم قوانين الأسباب والمسببات المعروفة..
فاضطربت - تبعاً لذلك - نظرة المسلمين إلى سنن الله الكونية ، وحسبوها تلين لكل من واظب على شيء من العبادة!!
وانتهى أمر هذه الأمة المنكودة إلى أن فقدت مكانتها العالمية في دنيا تعتمد على المعرفة الحقة بأسرار الطبيعة وقوانين الحياة.
بعد أن فقدت - أيضاً منزلتها - عند الله مُذ أشركت معه من لا يملك لنفسه أو لغيره ضراً ولا نفعا.
(أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ، إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) الكهف 102
لماذا يكون من الدين الاعتراف بحق أناس ما في التوسط بين الله وخلقه؟
لماذا يكون من الدين الاعتراف بقدرة هؤلاء على اختراق نواميس الطبيعة وصنع الخوارق الباهرة؟
ولماذا يُعدُ من شعب الإيمان بالله وبرسوله واليوم الآخر أن نقر بحقوق هذه الولايات وطاقاتها الواسعة في تصريف الشئون وبعث الشجون؟
الحق أن هذا كله تخبط سمج ، وأن اللجاجة فيه نزعة جاهلية.
ولن تعدم دعيـّاً في الإسلام يخاصم عن هذه الأوهام ويحاول تعكير صفو التوحيد الخالص - وهو روح الإسلام ومادته - بلغط ، لا عقل فيه ولا إخلاص ، زاعماً أن اتخاذ الوسطاء لا ينافي تعاليم الدين!
ولا غرابة ، فإن النصارى يرون التثليث توحيداً !!
(وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا)
كتاب: ليس من الإسلام
نشر في 12 شباط 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع