2344 مشاهدة
0
2
بعد أن كان دعاء سعيد بن جبير على الحجاج قبل مقتله اللهم لا تسلطه على قتل أحد من بعدي، حتى أصبح الحجاج يراه في منامه كلما هم إلى النوم
كان دعاء سعيد بن جبير على الحجاج قبل مقتله "اللهم لا تسلطه على قتل أحد من بعدي". وقد مات الحجاج دون أن يقتل أحد من بعد سعيد بن جبير. وبعد مقتل سعيد بن جبير اغتم الحجاج غما كبيرا وكان يقول: ما لي ولسعيد بن جبير كلما أردت النوم أخذ برجلي ...وُلِدَ سعيد بن جبير في زمن خلافة الإمام على بن أبي طالب - - بالكوفة، وقد نشأ سعيد محبًّا للعلم، مقبلاً عليه، ينهل من معينه، فقرأ القرآن على ابن عباس، وأخذ عنه الفقه والتفسير والحديث، كما روى الحديث عن أكثر من عشرة من الصحابة، وقد بلغ رتبة في العلم لم يبلغها أحد من أقرانه، قال خصيف بن عبد الرحمن عن أصحاب ابن عباس: كان أعلمهم بالقرآن مجاهد وأعلمهم بالحج عطاء، وأعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب، وأجمعهم لهذه العلوم سعيد بن جبير....
كان الحجاج قد جعله على نفقات الجند حين بعثه مع ابن الأشعث إلى قتال رتبيل ملك الترك، فلما خلعه ابن الأشعث خلعه معه سعيد بن جبير، فلما ظفر الحجاج بابن الأشعث وأصحابه هرب سعيد بن جبير إلى أصبهان، فكتب الحجاج إلى نائبها أن يبعثه إليه، فلما سمع بذلك سعيد هرب منها، ثم كان يعتمر في كل سنة ويحج، ثم إنه لجأ إلى مكة فأقام بها إلى أن وليها خالد بن عبد الله القسري، فأشار من أشار على سعيد بالهرب منها، فقال سعيد: والله لقد استحييت من الله مما أفر ولا مفر من قدره؟ وتولى على المدينة عثمان بن حيان بدل عمر بن عبد العزيز، فجعل يبعث من بالمدينة من أصحاب ابن الأشعث من العراق إلى الحجاج في القيود، فتعلم منه خالد بن الوليد القسري، فعين من عنده من مكة سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبر وعمرو بن دينار وطلق ابن حبيب، ويقال إن الحجاج أرسل إلى الوليد يخبره أن بمكة أقواما من أهل الشقاق، فبعث خالد بهؤلاء إليه ثم عفا عن عطاء وعمرو بن دينار لأنهما من أهل مكة وبعث بأولئك الثلاثة، فأما طلق فمات في الطريق قبل أن يصل، وأما مجاهد فحبس فما زال في السجن حتى مات الحجاج، وأما سعيد ابن جبير فلما أوقف بين يدي الحجاج قال له: يا سعيد ألم أشركك في أمانتي؟ ألم أستعملك؟ ألم أفعل؟ ألم أفعل؟ كل ذلك يقول: نعم حتى ظن من عنده أنه سيخلي سبيله حتى قال له: فما حملك على الخروج علي وخلعت بيعة أمير المؤمنين، فقال سعيد: إن ابن الأشعث أخذ مني البيعة على ذلك وعزم علي، فغضب عند ذلك الحجاج غضبا شديدا، وانتفخ حتى سقط طرف ردائه عن منكبه، وقال له ويحك ألم أقدم مكة فقتلت ابن الزبير وأخذت بيعة أهلها وأخذت بيعتك لأمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: بلى، قال: ثم قدمت الكوفة واليا على العراق فجددت لأمير المؤمنين البيعة فأخذت بيعتك له ثانية، قال: بلى ! قال فتنكث بيعتين لأمير المؤمنين وتفي بواحدة للحائك ابن الحائك؟ يا حرسي اضرب عنقه. قال: فضربت عنقه فبدر رأسه عليه لا طئة صغيرة بيضاء، وقد ذكر الواقدي نحو هذا، وقال له: أما أعطيتك مائة ألف؟ أما فعلت أما فعلت....
و دار بينهما هذا الحوار:
الحجاج: ما اسمك؟ سعيد: سعيد بن جبير.
الحجاج: بل أنت شقي بن كسير.
سعيد: بل أمي كانت أعلم باسمي منك.
الحجاج: شقيتَ أنت، وشقيتْ أمك.
سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
الحجاج: لأبدلنَّك بالدنيا نارًا تلظى.
سعيد: لو علمتُ أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا.
الحجاج: فما قولك في محمد.
سعيد: نبي الرحمة، وإمام الهدى.
الحجاج: فما قولك في على بن أبي طالب، أهو في الجنة أم في النار؟
سعيد: لو دخلتها؛ فرأيت أهلها لعرفت.
الحجاج: فما قولك في الخلفاء؟
سعيد: لست عليهم بوكيل.
الحجاج: فأيهم أعجب إليك؟
سعيد: أرضاهم لخالقي.
الحجاج: فأيهم أرضى للخالق؟
سعيد: علم ذلك عنده.
الحجاج: أبيتَ أن تَصْدُقَنِي.
سعيد: إني لم أحب أن أكذبك.
الحجاج: فما بالك لم تضحك؟
سعيد: لم تستوِ القلوب وكيف يضحك مخلوق خلق من طين والطين تأكله النار.
الحجاج: ويلك يا سعيد! سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار. الحجاج: أي قتلة تريد أن أقتلك؟ سعيد: اختر لنفسك يا حجاج، فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلتك قتلة في الآخرة. الحجاج: أتريد أن أعفو عنك؟ سعيد: إن كان العفو فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عُذر. الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه. فلما خرجوا ليقتلوه، بكي ابنه لما رآه في هذا الموقف، فنظر إليه سعيد وقال له: ما يبكيك؟ ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة؟ وبكي أيضًا صديق له، فقال له سعيد: ما يبكيك؟ الرجل: لما أصابك. سعيد: فلا تبك، كان في علم الله أن يكون هذا، ثم تلا: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} [الحديد:22] ثم ضحك سعيد، فتعجب الناس وأخبروا الحجاج، فأمر بردِّه، فسأله الحجاج: ما أضحكك؟ سعيد: عجبت من جرأتك على الله وحلمه عنك. الحجاج: اقتلوه. سعيد: {وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين} [الأنعام: 79]. الحجاج: وجهوه لغير القبلة. سعيد: {فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة:115]. الحجاج: كبوه على وجهه ، سعيد : ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ) الحجاج: اذبحوه. سعيد: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، خذها مني يا حجاج حتى تلقاني بها يوم القيامة، ثم دعا سعيد ربه فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي ،و مات سعيد شهيدًا في 11 رمضان 95 هـ الموافق 714م، وله من العمر تسع وخمسون سنة، مات ولسانه رطب بذكر الله .
https://m.facebook.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-933240990057363/
نشر في 24 نيسان 2016