من هو فاتح صقلية؟

القاضي و الفاتح الكبير لصقلية الذي ولد في حران في بلاد الشام ناشر المذهب المالكي في شمال إفريقيا و الأندلس، من هو؟

أسـد بن الفـرات .. 759 - 828 ... القاضي و الفاتح الكبير لصقلية .. ولد في حران في بلاد الشام و أصله من نيسابور .. انتقل منذ صغره إلى القيروان لينشأ فيها و يكتسب العلم ... ثم ارتحل إلى المشرق ليكتسب العلم من أصوله على يد كبار الأئمة أمثال مالك بن أنس و الشيباني و أبي يوسف .. و هو الذي نشر المذهب المالكي في شمال إفريقيا و الأندلس .. حيث توافد إليه المسلمون بعد عودته من كل أقطارهم لنهل العلم ... و في سنة 819 تولى القضاء في القيروان في حكم دولة بني الأغلب .. و في سنـة 827 عينه الأميـر الأغلبي زيادة الله قائداً على الأسطول الذي تم تجهيزه لمشروع فتح صقلية القريبة من تونس بعد استصراخ القائد البيزنطي فيمي بالأغالبة لمساعدته بإعادته للحكم في صقلية ...
و انطلق الإسطول من مدينة سوسة التونسية ليرسو أسطول المسلمين بقيادة أسد بن القرات يوم 17 حزيران سنة 827 على البر الصقلي و تبتدأ رحلة مشابهة لرحلة الأندلس مع المسلمين ...
التحم المسلمون بقيادة ابن الفرات مع جيش بلاطة البيزنطي و هزموه في مقدمة دخولهم الجزيرة ... ثم ابتدأ التوسع نحو المدن الصقلّية .. فحاصر المسلمون سرقوسة و قصريانة و هزموا حاميـة باليرمو ...
استطال حصار سرقوسة على المسلمين و انتشر المرض بينهم ... و توفي أسد بن الفرات نتيجة مرض أصابه و هو في خيمة القتال ... يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء :
(( قال رجل فلقد رأيت أسداً و بيده اللواء يقرأ سورة يس ثم حمل بالجيش فهزم العدو و رأيت الدم وقد سال على قناة اللواء و على ذراعه ... و مرض و هو محاصر سرقوسية )) ...
أكمل المسلمون حملاتهم المنظمة من بعده و تواصلت أساطيل المجاهدين من الأندلس و إفريقيا في صراع مرير مع الإمبراطورية البيزنطية .. و توسع المسلمون في الجزيرة ذات المدن المحصنة شيئا فشيئاً .. إلى أن كانت سنة 902 للميلاد ... و المسلمون قد أنهوا بشكل كامل وجود البيزنطيين في الجزيرة .. و استحالت صقليـة إمارة إسلاميـة زاهـرة عاصمتها باليرمـو .. أو بَلـرَم كما يسميها المسلمون ...
أصبحت صقلية الجسر الحضاري الثاني بعد الأندلس ..و ساهمت صقلية بشكل كبير على مدى قرنين في النهضة الأوربية التي انطلقت بذورها من إيطاليا ... فلا عجب أن نجد روجر الثاني ملك النورمان بعد اجتياحهم للجزيرة و اخراج المسلمين منها ... يبني القصور و الكنائس بطراز مشتق من العمارة الإسلامية ... و يستضيف الشريف الإدريسي في بلاطه لينشر العلم و يرسم أول خريطة شبه صحيحة للعالم القديم ..