Facebook Pixel
815 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

إن تشابك المجتمع في رأيه حول الاضطراب الجنسي أدخل المجتمع في دوامات لا أصول لها، حتى تقرر البحث أكثر فأكثر وتبدأ بالعلم لتكتشف ما هو معنى الاضطراب الجنسي

من فجع هذه بولدها؟

لنفترض أنك كأب (أو كأم).. حدث ذات يوم واكتشفت أن ابنك المراهق لديه ممارسات جنسية شاذة مع أحد أقرانه.. لا شك أن هذا الاكتشاف سيكون وقعه عليك أليم جدا.. لأن هوية الإنسان الجنسية تشكل شخصيته من الألف إلى الياء.. ولا يوجد أب مهما بلغ من التفهم يقبل أن تشوه فطرة ابنه أو ابنته..

في اللحظات الأولى.. وبداعي الغضب الشديد قد تلجأ لعقاب ابنك أو ابنتك عقابا شديدا.. قد يصل إلى الضرب المبرح والتوبيخ.. وستقوم بعدما تهدأ سورة غضبك.. بعزل الفتى عن أقرانه.. ومحاولة فهم هذه المصيبة التي حلت بك وبابنك.. للعثور على حلول.. أو يتزوج فيفتك مما هو فيه..

لو لجأت للقراءة عبر الانترنت.. ستعثر على مقالات كثيرة بألوان قوس قزح تصف هذا الشذوذ بأنه توجه جنسي طبيعي.. وليس خللا أو مشكلة يجب علاجها.. وستقول لك أيضا أنه وبحسب الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين فهو لا يعتبر حتى اضطرابا جنسيا.. وإنما تفضيل جنسي طبيعي وعادي.. كأن يحب أحدنا الدجاج ويفضل الآخر اللحم.. كما ستعثر على منظمات خاصة بالموضوع تطالب بحقوق الشواذ في كل حقل.. بدءا من حقل اللغة عبر تجريم كلمة "شواذ" التي تنفي الطبيعية عن تصرفاتهم.. واستبدالها بكلمة مثليين.. وليس انتهاء بحقهم في الظهور العلني والتعبير عن توجهاتهم المغايرة بشكل واضح وعلني ومؤسسي.. وهنا فأنت كأب أو كأم.. ستصاب بحيرة شديدة.. ليس فقط لأن اعتبار الشذوذ الجنسي مجرد خيار شخصي يخالف معتقداتك وثقافتك.. ولكن لأنه يخالف فطرتك قبل أي شيء آخر..

وإذا ما قررت البحث من جهة أخرى.. لترى رأي الشريعة الإسلامية في الموضوع.. وجلست بعد صلاة المغرب مع شيخ المسجد الذي تثق به ليفتيك حول الأمر.. فسيقول لك بكل بساطة أن هذا الأمر من الفواحش الكبرى.. وهو عمل قوم لوط الذين خسف الله بهم الأرض.. ورأي الشرع فيه على ثلاث أوجه.. الأول أن يحرق هذا الشاذ بالنار كما ورد في الأثر.. والثاني أن يرجم بالحجارة كما يرجم الزاني.. وبينما ترتعد فرائصك من الأمر.. يقول لك الشيخ لكنه يميل إلى الرأي الثالث.. وقبل أن تتشكل ابتسامة النجاة على شفتيك.. سيقول لك أن الوجه الثالث الذي يراه صوابا أن يلقى من شاهق.. أي يرمى من بناية عالية ليموت.. في محاكاة غريبة لعقاب الله لقوم لوط عليه السلام..

وهنا ستسودّ الدنيا تماما في عينيك.. فمن جهة يرى العلم بأن هذا تصرف طبيعي يجب عليك كأب القبول به.. ويقول لك الدين أنها جريمة تحاسب عليها بالقتل الشنيع.. لكن القضية أن هذا ابنك.. وفي حين أنك تدرك من داخلك أن هذا ليس بالأمر الطبيعي فعلا.. لكنك أيضا تحس أن عقابه لا يمكن أن يكون القتل.. لأن الصبي بكل بساطة قد يرتدع عن ذلك..

وهنا تقرر البحث أكثر فأكثر.. وتبدأ بالعلم.. لتكتشف أن الشذوذ الجنسي ما هو إلا فعلا اضطراب جنسي له أسبابه ومسبباته وظروفه.. ويمكن الشفاء منه.. وليس أمرا طبيعيا أبدا.. ولا خيارا شخصيا.. وأن إزالته من الدليل التشخيصي للأمراض النفسية لم يحدث إلا في وقت لاحق وبضغط كبير من جماعات الشواذ والأهم بضغط خفي من شركات التأمين الصحي التي لا تود تصنيفه كمرض كي لا تتحمل نفقات علاجه.. وأن كل ما يدور حول طبيعيته ما هو إلا هراء.. لأن إحصاءات أخرى تتحدث عن كم هائل من كره الذات والميول الانتحارية التي ترافق الشواذ دون غيرهم..

وإذا ما فتحت كتاب الله لتقرأ آيات تشكر فيها الله على ما هداك.. ستقرأ في سورة النساء آيتين تتحدثا بكلمات واضحة جدا عن هذا الأمر.. ونصهم كالآتي.. وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16) ..

وستدهش أن الآيات واضحة جدا.. وتتحدث بصيغة المثنى عن الذكر والجمع عن الأنثى.. وما يقوله الله فيهم مشابه تماما لما فعلته أنت.. أذى خفيف وعزل حتى تتم التوبة والإصلاح.. وإذا ما عدت لشيخ المسجد مستفسرا ومستنكرا عن رأيه الأول بالقتل.. سيقول لك أن هذه الآيات نسخت بآيات سورة النور عن الزنا.. وإذا ما قلت له أن آيات سورة النور تتحدث عن الزنا أصلا.. وليس عن الشذوذ سيتهمك بالجهل.. وإذا ما قلت له أن آيات سورة النور لا تتحدث عن الرجم والتحريق بل الجلد.. فسيقول لك أن آيات سورة النور نسخت هي أيضا!!! وإذا ما اعترضت على هذا النسخ المتكرر لآيات الله بدون أي دليل فسيطلب منك أن تترك الدين لأهله وأن تسمع وتطيع وأنت ساكت..

وستخرج من عند الشيخ بقناعات جديدة.. بأن هذا الشذوذ مرض فعلا وليس خيارا طبيعيا كما يقول الآخرون.. مرض يمكن علاجه دون تحقير المصابين به.. وأنك بدأت بالفعل في ذلك ويتوجب عليك استكمال هذا العلاج.. وأنه ليس جريمة تستحق القتل كما يقول الشيخ.. بل ذنب يمكن التوبة منه ويعالج كما عالجته أنت..

لكن للأسف.. فإن قناعاتك هذه ستضيع.. وسيكون صوتها خافتا.. لأن منظمات الشواذ صوتها عال جدا.. وتصر بشكل عنيف على أن الشذوذ ليس مرضا يمكن علاجه.. لأن لا أحد يود الاعتراف بمرضه.. ومن جهة أخرى.. فإن رأي الشيخ بحتمية قتل الشواذ هو الذي سيسود.. لأن المنطق التطهيري الذي ينظر إلى المذنبين كأعشاب ضارة يجب اقتلاعها لخلق مجتمع طاهر تخيلي لا يزال يحكم الفقه الإسلامي.. وتغييب آيات الله البينات لصالح روايات ضعيفة لا يزال كبيرا..

أنت سترتاح وستمضي في طريقك لمعالجة ابنك.. لكن في بقعة صغيرة في العراق المنكوب.. سيكون هنالك مراهق لم يكمل ربما عامه الخامس عشر.. ولا يزال حائرا في هويته الجنسية.. وبدلا من توجيهه وعلاجه.. ستأتي شلة من الوحوش لقتله (لأنه بزعمهم وبتأثير من هذا الفقه القاتل) يستحق القتل على شذوذه الجنسي.. وسيقفون كحفنة من الذئاب يشاهدونه يلفظ أنفاسه الأخيرة وسط سخريتهم المرة منه.. وتوسله لكي يرى أمه..

المحزن والمبكي فعلا أن هذه الأفعال تنسب لنبي الرحمة.. هذا النبي الذي وقف قبل ألف وخمسمائة عام.. طالبا من أصحابه أن يعيدوا فرخين إلى أمهما التي جاءت ترفرف عند النبي.. وتشكو إليه ما فعل أصحابه بفرخيها.. فقال حديثه المشهور.. "من فجع هذه بولدها؟ ردوا عليها ولدها"

من فجع أم حمودي المطيري بولدها؟ ومن فجع هذه الأمة في دينها؟ أسئلة برهن الإجابة..

#ديك_الجن
كتابات ديك الجن
نشر في 11 تشرين الأول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع