Facebook Pixel
266 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

في المرة القادمة عندما ترى فيها طفلاً لا تستصغره ولا تنظر له كنصف إنسان وتذكر أن أنبياء الله العظام كانوا كلهم أطفالا في لحظة ما، وكن على ثقة أن عين الله ترعاه فلا تؤذه ولا تكسر

أطفال لكن أنبياء..

جرت عادة الإنسان أنه لو قرأ شيئا ما عن شخص ما.. وكانت الكلمات هي مصدره الوحيد لمعرفة هذا الشخص، فإن عقله يحاول ملء هذا الفراغ المعرفي بخلق صورة بصرية تخيلية عن هذا الشخص.. مثال ذلك أننا لم نر أيا من أنبياء الله تعالى.. لكن من وحي ما قرأنا عنهم، فإن عقولنا قد شكلت صورا تقريبية لأشكالهم.. فترانا مثلا نتخيل نبي الله نوح شيخا طاعنا في السن، يمسك عصاه بيده ويجوب الأرض بحثا عن المؤمنين.. ونرى إبراهيم الخليل كهلا جليلا وقورا يمسك السكين محاولا ذبح ابنه الشاب إسماعيل.. ونرى سليمان ملكا يجلس على العرش وتحف به الطير والإنس والجان.. ويوسف شابا فائق الحسن تحاول زوجة العزيز إغواءه.. وهكذا..

الملاحظ هنا أن البعد الزمني الذي يخترعه عقلنا في هذه التصورات يطابق السياق الزمني الذي عاشته تلك الشخصيات لحظة رواية قصصهم لنا.. لكن هل هذه هي الصورة الكاملة؟ هل هذا هو كل شيء؟ هل كان أولئك الأنبياء رجالا طوال عمرهم؟ أم أنهم كانوا أطفالا صغارا كأطفالنا؟ هل تخيلت هؤلاء الأنبياء أطفالا؟ و يا ترى كيف بدأت علاقتهم مع الله ؟ .. هل بدأت بعد التبليغ أم أنها بدأت منذ طفولتهم... لنقرأ كتاب الله ونر..

إسماعيل عليه السلام.. أمه بلغت التسعين.. وأبوه جاوز المائة.. ويولد لهما هذا الطفل النبي بعد صبر طويل.. ويؤمر أباه أن يحمله وأمه ويتركهما في واد غير ذي زرع.. فيجوع الطفل ويبكي كما يبكي أطفالنا.. فهل غفلت عين الله عنه؟ هل تجاهلت آلامه؟ حاشاه.. بل يفجر الله نبع زمزم من تحت قدميه .. ويسوق الناس نحوه ونحو أمه.. وهذا يوسف الصديق.. يلقى وهو طفل لم يتجاوز العاشرة في بئر ماء.. ومع أن الله سبق علمه بنجاة يوسف من البئر.. إلا أنه يأبى حتى أن يخاف الطفل لساعات .. فيخبرنا في واحدة من أرق آيات القرآن أنه أرسل له جبريل داخل البئر ليطمئنه (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )..

مريم الصديقة.. رضيعة.. يتنازع الرجال لتربيتها.. فيهيأ الله لها أن تربى في بيت نبي.. (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون).. ثم طفلة لم تبلغ الحلم.. تعتزل طلبا للعبادة.. فيرسل الله إليها أطباقا من الفاكهة.. "فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب" .. وهذا موسى الكليم عليه السلام.. طفل رضيع يولد في أجواء عدائية جدا ضد أي طفل جديد.. فيوحي الله إلى أمه أن تلقيه في اليم.. ويحيط به الماء .. لكن رحمة الله أكبر فيلقيه اليم للشاطئ ويلتقطه فرعون.. وينجو الغلام بأعجوبة ويرده الله لأمه لترضعه بعد أن نجا من الموت.. وهذا مما قرأنا وعلمنا وأكثر منه ما لم نعلم..

لذلك في المرة القادمة التي ترى فيها طفلا.. لا تستصغره .. ولا تنظر له كنصف إنسان.. وتذكر أن أنبياء الله العظام كانوا كلهم أطفالا في لحظة ما.. في المرة القادمة التي ترى فيها طفلا, كن على ثقة أن عين الله ترعاه.. وأن من لا يشغله سمع عن سمع ولا بصر عن بصر.. يحيط هذا الطفل برعايته.. فلا تؤذه أو تكسره..

في المرة القادمة التي ترى فيها طفلا.. لاحظ الأمل في عينيه.. وتذكر الأطفال الأنبياء..

#ديك_الجن
كتابات ديك الجن
نشر في 21 كانون الأول 2016
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع