704 مشاهدة
0
1
علّمونا أن نصلي ونصوم ونلبس الحجاب ونقرا الكهف في كل جمعة.. هذه هي الأركان التي تعلمناها، وماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أننا نصلي ونصوم فعلا
أن تفعل أو أن لا تفعل.. هذا هو السؤالأنا شخص مغرم بتفكيك الأشياء إلى عناصرها البسيطة.. ومن يقرأني لا بد أنه رأى ذلك كثيرا فيما أكتب.. اليوم لدي أمر أرغب بتفكيكه منذ زمان طويل.. لكنني لن أفعل ذلك وحدي.. سترافقونني جميعا.. لذلك استعدوا واربطوا الأحزمة.. لأننا سنذهب في رحلة طيران قصيرة على جناح طائر.. ونراقب فيها المدينة من علو شاهق.. لنفهم كيف تعمل هذه الحياة.. وماذا يريد الناس؟
نحن الآن في الحي الشمالي للمدينة.. نقف على ظهر طائر يستقر على غصن شجرة في ساحة منزل الهدف الذي سنراقبه.. الساعة تقريبا هي السابعة صباحا.. يفتح باب البيت الذي نراقبه.. ويخرج الهدف.. رجل أربعيني لديه كرش صغير وبعض الشيب في لحيته.. ويتقافز بين يديه طفلان يرتديان ثياب المدرسة.. ولد في السابعة من العمر وفتاة في العاشرة.. وبينما تقف أمهما خلف الباب محاذرة أن تكشف جسمها للطريق.. يحذر الأب ابنه أحمد من الركض بسرعة على الدرج.. معطينا في الوقت ذاته اسما ندعوه به.. "أبو أحمد"..
تصل حافلة المدرسة الصفراء.. فيصعد أحمد وأخته إليها.. بينما يقف أبو أحمد يراقبهما بفرحة الأب.. وينظر بطرف عينه إلى جارتهم التي تنثر بعض الحبوب لدجاجاتها.. تتحرك حافلة المدرسة في طريقها.. ولا يزال أبو أحمد يراقب جارته وهي تنثر الحب لدجاجاتها اللواتي يتزاحمن حول الحب.. متأملا قوامها الرشيق وراسما بعض الخيالات في رأسه.. ينتبه أبو أحمد فجأة إلى أن الحافلة قد مضت ولم يعد هنالك مبرر لوقوفه.. فيصعد في سيارته.. ويشغلها ويمضي بينما نتبعه نحن على ظهر الطائر..
يتبع الطائر ونحن فوقه سيارة أبي أحمد.. وبينما يشق طريقه وسط صفوف السيارات.. يظهر أن سيارة زرقاء فيها بعض الشباب تحاول الدخول إلى مسربه.. يزيد أبو أحمد من سرعة سيارته.. ويغلق المسرب أمام السيارة الزرقاء.. يصل الجميع أخيرا إلى الإشارة الضوئية.. ونقف نحن مع الطائر على عامود الإشارة الضوئية لنرى أن الشباب الغاضبون قد ترجلوا من السيارة .. ويظهر أكثرهم غضبا وهو يقترب من باب سيارة أبي أحمد.. ويحاول فتحه للاعتداء على سلامة الرجل..
يبدو أننا سنشاهد شجارا صباحيا مبكرا.. لكن الموقف ينتهي بمجرد بعض الدفعات من ذلك الشاب باتجاه أبي أحمد ودفعات مضادة من أبي أحمد.. ويتدخل السائقون الآخرون لفض الاشتباك.. قبل أن يمضي أبو أحمد في طريقه وهو في غاية الغضب والتوتر.. ليصل أخيرا إلى محله الصغير الذي يبيع فيه القهوة والمكسرات..
لن يفيدنا الطائر الآن.. سنضطر للدخول إلى المحل على جناحي ذبابة.. تستقر على أعلى رف في المحل.. يدخل أبو أحمد ويبدو عليه الغضب الشديد.. وما هي إلا ثوان.. حتى يخترع سببا ليفرغ غضبه على موظفه الوحيد.. ذلك الشاب العشريني الضئيل الذي جاء مرحبا به.. الأرضية غير نظيفة أبدا.. يستمر أبو أحمد في الصراخ بينما يذهب الشاب المقهور للبحث عن أدوات التنظيف لينظف المحل مرة أخرى..
يجول أبو أحمد بين بضاعته.. وبينما يتفقد أحد أكياس الفستق الحلبي.. يلاحظ ان الفستق بداخله بدأ يتلف.. فينادي مساعده.. ويطلب منه أن يمزج كيس الفستق الحلبي التالف مع الفستق الحلبي المعروض ويضع عليها تخفيضا قليلا.. لا أحد سيعترض لو كان هنالك حبة فاسدة وسط كومة من الفستق الجيد.. لكن لن يشتري أحد فستقا فاسدا..
يستقر أبو أحمد في مقعده في نهاية الأمر.. ويبدأ الزبائن بالتدفق إلى المحل.. ويبتسم وهو يرى أحدهم يبتاع كمية من الفستق المخلوط.. يمسك هاتفه ويقلب فيه قليلا ثم يبدأ بالطباعة عليه وهو يبتسم.. نضطر للوقوف وراءه لنجد أنه يتحادث مع سيدة ما.. واحدة من زبائنه التي طاردها لفترة طويلة.. وبدأت أخيرا بالتجاوب مع رسائله.. يغلق هاتفه فرحا.. ثم يعود لممارسة عمله بوجه مبتسم.. لكن ذلك لا يدوم.. لأن شابا يعمل مندوبا لصاحب البناية يدخل عليه مناولا إياه ورقة تقول أنّ صاحب البناية سيرفع إيجار محله عشرة بالمائة ابتداء من بداية السنة الجديدة..
يتمالك أبو أحمد أعصابه أمام الشاب.. لكن ما أن يخرج الشاب حتى يبدأ أبو أحمد بسب ولعن جشع أصحاب العقارات الذين يريدون مص دماء الناس ومشاركتهم في أرزاقهم.. ينظر الشاب العشريني إلى معلّمه الغاضب.. مفضلا ألا ينبس ببنت شفة حتى تنتهي موجة الغضب هذه على خير ولا يناله منها شيء.. وتشاء الأقدار أن يصدر هاتف أبو أحمد صوتا يدل على وصول رسالة.. ما أن يفتحها حتى تنفرج أساريره.. الرسالة من البنك.. وتخبره بأن آخر قسط لمنزله قد تم دفعه.. والبيت الآن ملكه تماما.. وبدافع من الشعور بالذنب تجاه خيانته لزوجته ورغبته في أن يفرحها.. يبدأ بنقر رقم هاتفها لينقل لها الخبر السعيد.. لكننا يجب أن نخرج الآن من محله وبسرعة..
نطير على جناح الذبابة ثم على ظهر الطير.. الذي يحلق بسرعة فائقة ليضعنا على نافذة في بناية بعيدة كيلومترين فقط عن محل أبو أحمد.. غرفة تبدو أنها عيادة طبيب أسنان.. يفتح الطبيب الشاب باب غرفة العيادة فيظهر أربعة من المرضى المنتظرين.. تدخل منهم سيدة إلى غرفة العلاج.. فيستقبلها الطبيب بترحاب.. وما أن يغلق الباب وراءها حتى يحتضنها بين ذراعيه بشوق شديد.. ووسط عناقهما الحار يصدر هاتفها صوت رنة.. يحاول الطبيب أن يكمل عناقها لكنها تنتزع نفسها منه وترد على المكالمة الواردة.. ليأتي صوت أبي أحمد وهو يبشرها أن آخر قسط لمنزلهما قد تم دفعه بالفعل!
نبتعد الآن عن نافذة العيادة مكتفين بما رأيناه.. ولنجلس جميعا على العشب كحلقة.. محاولين أن نفكك ما رأيناه.. وفي حين قد يبدو للوهلة الأولى أن هذه قصة وعظية مكررة لفكرة الجزاء من نفس العمل إلا أن الموضوع أعمق قليلا من ذلك.. في الواقع فإن هذا المقطع البسيط لم يكن أبدا عن "أبو أحمد".. بل عنا نحن.. وعن كل شيء نفعله في يومنا.. لقد كنا ننظر إلى أنفسنا من خلال الرجل..
ما يدفعنا نحن كبشر إلى مغادرة بيوتنا صباحا هو مبدأ بسيط جدا جدا.. اسمه المزاحمة في الرزق.. وهو تماما ما فعلته الدجاجات في بداية المقطع عندما تزاحمت لتلتقط حبوب الذرة من يد تلك الجارة.. والرزق الذي نسعى إليه كبشر.. وسعى له أبو أحمد كممثل عنا يمكن تكثيفه في ثلاثة أمور أساسية.. سلامتنا الجسدية.. طعامنا الذي نأكله.. والعائلة التي تحيط بنا.. لا يوجد أحد على سطح هذه الأرض يبحث عن أكثر من ذلك.. وهذا هو دافع البشرية الأكبر للنهوض من السرير صباحا والبدء بالعمل.. مزاحمة الآخرين على الرزق.. أن ندفعهم ويدفعوننا.. ننافسهم وينافسوننا.. نريد الحصول على أفضل بيت.. في أفضل موقع.. نريد المنافسة على أكثر الوظائف دفعا للمال.. نريد كرجال أن نرتبط بأجمل فتاة ممكنة.. ننافس الآخرين على حبها.. ونريد كفتيات أن نحصل على أفضل رجل ممكن.. نختطفه من بين أيدي الأخريات ليصبح ملكنا.. لنا.. هذه هي فكرة البشرية الكبرى ودافعها الأسمى للحركة.. موارد قليلة.. متاحة.. لكن بحاجة لتدافع ومزاحمة.. لا شيء سهل.. لا بد أن تزاحم!! وبشكل يومي ودائم..
أبو أحمد لم يفعل شيئا أكثر من ذلك.. زاحم الشباب الغاضبين على ممر لسيارته.. ودفعهم ليؤمن سلامته الجسدية.. ثم ذهب إلى محله.. الذي يبيع فيه القهوة والمكسرات.. يزاحم به المحلات الأخرى.. في مسعى للحصول على طعام له ولعائلته.. وحاول إسعاد أطفاله بإعطائهم تعليما جيدا ليزاحموا هم أصلا.. وحاول إسعاد زوجته بإخبارها أنه امتلك أخيرا بيته الخاص.. وقام بأشياء أخرى سنتحدث عنها لاحقا..
طبعا فهمنا لمعنى الحياة بأنه مزاحمة في الرزق سيفتح عيوننا على أمور كثيرة جدا.. من أهمها موضوع الأدوات.. بمعنى أنه لكي تزاحم الناس في الرزق ينبغي أن يكون لك أدوات "مخالب".. تمكنك من انتزاع رزقك من بين ملايين الأيادي التي تنافسك.. وهذه الأدوات.. ليست مقصودة لذاتها.. بقدر ما هي مقصودة كونها أدوات.. فالصحة مثلا هي أداة.. مخلب.. فإن شئت أن أعمل فلا بد أن تكون صحتي جيدة.. وإن شئت أن أحمي نفسي من الأذى.. لا بد أن تكون صحتي جيدة.. وبنياني جيد.. والصحة الجيدة شيء ضروري لتقبل بي فتاة أحبها.. الجمال أداة.. لماذا تتزين الفتيات؟ أداة لتحصيل رزق الزوج والعائلة.. لماذا نتعلم؟ أداة.. لماذا نتعلم اللغات؟ أداة.. لماذا نقرأ؟ لنفهم ونقوي أداة الوعي لدينا.. لتحصيل الأرزاق بأنواعها.. وقد تختلف الأدوات من شخص لآخر.. لكن الأداة التي نملكها جميعا هي الحركة الدائبة.. السعي دائم وراء الرزق بأنواعه الثلاث.. وطبعا من البديهي القول أن فكرة المزاحمة هذه مرهقة للإنسان.. لذلك نحلم جميعا بتقاعد مريح.. والتقاعد هنا لا يعني إلا أن نستريح من عناء المزاحمة هذا..
نقطة أخرى تفهمها إذا ما أيقنت بحقيقة أن الحياة ما هي إلا مزاحمة في الرزق.. هي أنك ستفهم لماذا تخيب مساعي الناس ذوي القلوب الرقيقة في الحياة.. ولماذا ينتهي بهم المطاف عادة في خانة الخسارة.. لأن فكرة المزاحمة تتطلب منك نوعا من العنف التنافسي مع الناس.. والذي قد يعتبره هؤلاء نوع من التعدي ويفضلون الابتعاد عنه.. فينتهي بهم الأمر بعيدين عن مواطن الرزق.. لأن الحياة لا تقبل الضعف.. هذه مزاحمة.. الدجاجة الضعيفة أو الخجولة لن تحصل على الحب.. وستموت جوعا.. وسواء كانت مؤدبة أم غير مؤدبة.. فاضلة أم غير فاضلة.. لا بديل لديها عن أن تزاحم.. لذلك عندما نربي أطفالنا يجب أن نزرع فيهم هذه الحقيقة.. لن نربيهم على أنهم وحوش.. سنربيهم أن يكونوا فاضلين.. لكن يجب أن يفهموا هذا المبدأ.. نحن نعيش في غابتنا الإنسانية الخاصة.. حيث يجب علينا مزاحمة الآخرين..
الأمر الأهم حقيقة من موضوع الأدوات وموضوع عنف الزحام.. هو فكرة أنه إذا كانت هذه هي الحياة فعلا.. مزاحمة في الرزق.. فأين هو دور الله إذن؟ وكيف يمكن للإسلام ان يكون ضامنا لحياة جيدة للناس إذا كان كل ما يفعله الناس في حياتهم هو المزاحمة على الرزق.. ؟ أو هل فعلا نحن نحتاج الإسلام؟ شعوب أخرى تعيش حياتها بدونه.. وسعداء جدا.. هذا سؤال جوهري.. وبحاجة لإجابة.. لكن قبل الإجابة عليه بالإيجاب أو النفي.. سنحاول العودة قليلا في التاريخ..
القرآن الكريم بصفته النص التأسيسي في ديننا.. جاء على هيئة سور متفرفة.. البقرة وآل عمران ويوسف وغيرها.. سور.. كل منها تعالج عدة مواضيع وقصص.. جوهرية فعلا ومهمة.. لكن لنقل أنها لم تأت بصورة نقاط يمكن تعلمها واحدة تلو الأخرى.. لذلك حاول علماء الإسلام أن يستنبطوا من هذا النص العظيم قواعد معينة.. أن يقعّدوه.. فوقع اختيارهم على حديث.. بني الإسلام على خمس.. إلى آخر الحديث.. وبدأ تعليم الأطفال في المدارس.. أن أركان الإسلام هي الصلاة والصيام والحج وغيرها.. وهذا ما أعده أنا شخصيا.. إحدى أكبر أخطائنا كمسلمين.. طبعا لا أشكك في الحديث ولا يعنيني.. لكن توظيفه بهذه الطريقة.. كان برأيي خاطئا جدا..
لأننا لو نظرنا إلى ما يفعله أبو أحمد.. ونفعله نحن.. وحديث أركان الإسلام.. لوجدنا أن سير الحياة نفسها والتزاحم في الرزق في جهة.. وما نعتقد أنه الإسلام أو أركان الإسلام في جهة ثانية تماما.. الصلاة والصيام والحج والزكاة أمور طيبة ورائعة.. وتدين فردي وروحاني مهول.. لكن الله لم ينزل دينه كي نصلي في بيوتنا ونصوم.. أنزل دينه لتحسين حياة الناس.. فكيف نحل هذا التناقض؟ كيف تساعدني أعمال فردية مثل الصلاة والصيام والحج في مكة على أن أعيش حياة أفضل؟ لي ولمجتمعي؟
تناقض احتجت حقيقة أربعين عاما لأحله.. والحل هو أن الإسلام لا يقوم على ما تفعله.. بل على ما لا تفعله.. هذا هو السر العظيم.. أثناء تزاحمنا كبشر.. ولاختلاف أدواتنا.. والتفاوت في قدراتنا.. نلجأ بطبيعتنا البشرية لأن نتعدى على أرزاق الآخرين.. على سلامتهم الجسدية كما فعل الشباب في السيارة وفعل أبو أحمد مع الموظف.. على عائلاتهم وأعراضهم كما فعل أبو أحمد مع زبونته وفعل الطبيب مع مريضته.. وعلى أموالهم.. كما فعل أبو أحمد حين خلط الفستق وكما فعل صاحب العقار في زيادته غير المبررة..
فالإسلام إذن هو ألا تدفعك حقيقة المزاحمة في الرزق وامتلاك أدوات أكثر من الناس إلى أن تعتدي عليهم.. الإسلام فعل امتناع.. الإسلام هو أن لا تفعل.. أن لا تعتدي.. أن لا تظلم.. أن تقاوم غريزتك في أخذ ما هو ليس لك.. ولخصه لنا النبي العظيم صلاة ربي وسلامه عليه, عندما وقف أمام الحجيج في يوم عرفة وكثف الإسلام كله في جملة واحدة عندما قال..
"يا أيها الناس.. إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام.. كحرمة يومكم هذا.. في شهركم هذا في بلدكم هذا.. اللهم إني قد بلّغت .. اللهم فاشهد.. اللهم إني قد بلّغت اللهم فاشهد.. اللهم إني قد بلغت.. اللهم فاشهد!!!" تشهد على ماذا يا الله؟؟ على تبليغه للبّ رسالة الإسلام.. لأركان الإسلام الحقيقية.. أن لا تعتدي على دماء الناس ولا أموالهم ولا أعراضهم..
لكن لم يدرسنا أحد هذا الكلام في المدارس.. لم يقل لنا الشيخ أن هذه هي أركان الإسلام.. علّمونا أن نصلي ونصوم ونلبس الحجاب ونقرا الكهف في كل جمعة.. هذه هي الأركان التي تعلمناها.. وماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أننا نصلي ونصوم فعلا.. لكننا نعتدي على بعضنا البعض.. وبالمقابل يعتدى علينا بشكل يومي.. في أموالنا.. وسلامتنا وأجسادنا.. مزاحمة غير عادلة في الرزق.. غابة يأكل القوي فيها الضعيف.. ونعود في آخر نهارنا المسموم لنصلي فرضنا ونقرأ وردنا.. ونحن مهزومون ومقهورون وضائعون.. ندعو الله أن يغير حالنا الذي تسببنا نحن به!!
النتيجة لهذا الفهم المشوه والمحرف لرسالة الإسلام.. أن مدينة كالقاهرة مثلا.. فيها عشرين مليون إنسان.. يحلم كل واحد منهم بالذهاب إلى أوروبا أو أمريكا أو كندا وأن يستقر هناك؟.. لماذا؟ لماذا يتركون مدينة الألف مسجد ويذهبون إلى الغرب؟ ليصلوا ويصوموا هناك؟ لا طبعا.. لكن لأن هنالك قانون أغنى الأوروبيين عن الإسلام.. قانون يضمن لك ألا يعتدي أحد, لا على سلامتك الجسدية.. (ولا النفسية بالطبع).. ولا يعتدي على عائلتك.. ولا أموالك.. قانون جعل أموال الناس ودماءهم وأعراضهم حرام.. قانون خطبة حجة الوداع نفسه.. الذي طبقوه فأصبحت بلادهم الملحدة جنانا يتهافت عليها الناس.. وأهملناه فأصبحت بلادنا (أم المساجد) خرائب قهر وظلم واستعباد.. وصرنا نحن (خير أمة أخرجت للناس).. نرغب بالهروب من جلودنا والذهاب للعيش هناك..
مرة أخرى.. ولتفادي الجدل.. أرجو ألا يتم تحريف وجهة المقال.. أنا لا أقلل من قيمة العبادات.. لكنها فرع من أصل.. والأصل هو التقوى كفعل امتناع.. الأصل هو كبح جماح النفس.. والابتعاد عن ظلم الناس أثناء المزاحمة في الأرزاق.. وما الصلاة والصيام والحج إلا أدوات فردية لتحقيق التقوى التي هي الأساس.. أدوات للامتناع عن الفعل.. (لعلكم تتقون).. هي فقط أدوات لتذكيرك أن لهؤلاء الذين تظلمهم رب يعلم ماذا تصنع وسيعاقبك.. فاذكر الله في كل شيء تصنعه.. وهذا ليس كلامي بالمناسبة.. هذا كلام الله سبحانه في كتابه.. "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.. ولذكر الله أكبر.. والله يعلم ما تصنعون"
وعيدكم مبارك..
#ديك_الجن
نشر في 20 آب 2018