627 مشاهدة
0
0
لا يجب على الإنسان أن يخجل مما هو مؤمن به والمحاولات الترقيعية، فالقانون يميز فعلا بين الابن والابنة وبين الزوج والزوجة ولكن ذلك فقط لأن نظام العصبة يميز أيضا بينهما
القليل من الجدل الضروري..لنفرض جدلا أن والدك -أمد الله في عمره-, توفاه الله بينما لا تزال أنت وإخوتك في عمر صغير.. ولا تزالون بحاجة نفقة تعليم ومسكن ومأكل ومشرب وخلافه.. السؤال.. من هو الشخص المكلف -اجتماعيا- بالإنفاق عليكم كأيتام؟ هل هي الأم؟ الجد للأب؟ الأعمام؟ العمات؟ الأخوال والخالات ربما؟
هنالك إجابات كثيرة.. وكلها هنالك ما يسندها من وقائع ومنطق.. لكن وعلى الرغم من أن الأم في حالات كثيرة جدا تقوم بإعالة أسرتها بعد وفاة الأب.. إلا أن ذلك – اجتماعيا- هو أمر غير ملزم لها.. فقد تكون عاجزة عن العمل.. أو لا تستطيع العمل وتربية الأطفال في نفس الوقت.. او حتى تقرر التخلي عن أطفالها والزواج ثانية فتقوم بإرسالهم إلى أهلهم..
هؤلاء الأهل.. الجد والأعمام.. أو ما يعرف باسم عصبة الأصلاب.. هم المسؤولون أولا وأخيرا عنكم.. وذلك فهم الأساس الذي يقوم عليه نظام المواريث في الشريعة الإسلامية.. بمعنى أن ما يبدو كاختلال في ميزان الميراث بين الابن والابنة.. وبين الزوجة وزوجها لا يخفي تمييزا ضد المرأة كما يراد له الآن أن يظهر بقدر ما يأتي لتغطية المسؤوليات المترتبة على العصبة..
مثال بسيط.. توفي والدك.. وأنتم ابن وابنة.. أنت ستأخذ ضعف ما ستأخذه أختك.. لكن بالمقابل.. أنت ستكون مسؤولا عن جدك وجدتك.. وعن عمّك المريض مثلا.. وذلك ببساطة لأنكما من نفس الصلب.. بينما أختك لن تكون مسؤولة عنهما.. قد تتطوع.. لكنها غير مسؤولة فعليا..
هذا المنطق هو ما يحكم شرع المواريث.. وليس المساواة التامة بين الرجل والمرأة.. لأن مفهوم العصبة أصلا لا يساوي بين الأصلاب والأرحام.. وبالتالي بما أن منطق العصبة يحمل الرجل أكثر من المرأة.. كان لازما على قانون المواريث أن يعطي الرجل أكثر من المرأة..
في هذه الأيام.. وفي ظل العائلات النووية.. وكون موضوع المساواة بين الرجل والمرأة على أشده.. يرى البعض في قانون المواريث ظلما وعدوانا على المرأة.. ولجأ البعض لتعديله كما في تونس.. بينما لو امتد بنا الزمان.. ووجد مفكرو العالم مثلا أن العائلة الممتدة تؤمن للجميع حياة أفضل من فكرة العائلة الصغيرة أو النووية.. وأن نظام العصبة وتحميل رجال العائلة مسؤولية الإنفاق على الجميع, يحمي الجميع ويوازنهم.. سيبدو قانون المواريث عصريا وثوريا.. وليس ظلما للمرأة وامتيازات للرجل بقدر ما هو معالجة لمسؤوليات الرجل الأكثر بطبيعة الحال..
الخلاصة.. لا يجب على الإنسان أن يخجل مما هو مؤمن به.. والمحاولات الترقيعية مثل (ثمانين حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل) لا تدل إلا على عدم اقتناع داخلي بالقانون ومحاولة تجميله.. القانون يميز فعلا بين الابن والابنة وبين الزوج والزوجة.. ولكن ذلك فقط لأن نظام العصبة يميز أيضا بينهما.. فناسب هذا ذاك.. وشكرا..
#ديك_الجن
نشر في 12 كانون الأول 2018