Facebook Pixel
839 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

لعبة تمكنت من أن تكون جسرا بين الشعب الصيني وبين القيم الأصلية لتراثه فغيرت مجرى حياته .. على عكس ما أثرت به في الغرب

في دراسة قام بها رايان هورنبك عن " هوس" لاعبي العاب الأونلاين عبر العالم بلعبة " world of warcraft" لاحظ أن الصينين يمنحون معطيات مختلفة جدا عن تلك التي يمنحها اللاعبون في الغرب عن اللعبة وماذا تعنيه بالنسبة لهم.
ولعبة " world of warcraft " واحدة من ألعاب الأونلاين الشهيرة التي يمكن للاعبين من مختلف أنحاء العالم المشاركة بها في نفس الوقت، وهي واحدة من أنجح هذه الألعاب تجاريا، ونالت نجاحا كبيرا في الصين خصوصا.
اللاعبون في الغرب كانوا يتحدثون عن المتعة والإثارة والرغبة في الانتصار على الأعداء - ذلك ما كانت تعنيه اللعبة لهم.
اللاعبون في الصين كانت أجوبتهم مختلفة جدا: كانوا يتحدثون عن شعورهم بفائدة الناس، شعورهم بتقييم أفضل لذواتهم من خلال التعاون مع الآخرين ومساعدتهم والبذل من أجل قيم الخير والحق والأخلاق.
مالذي يجري هنا؟
اللعبة تضم من خلال المنصات المطروحة خيارات تجعل اللاعبين يتعاونون مع بعضهم ويساعد بعضهم البعض في مواجهة مخاطر معينة أو أحيانا ضد فرق أخرى من لاعبين آخرين، وهذا يسمح لهؤلاء بمساحة من التعاون والإيثار ونكران الذات.
الغربيون لم يلتفتوا لهذا أصلا ( غالبا نحن معهم) اللعبة لعبة والمهم الفوز ونشوة الانتصار مع كمية كبيرة من الدويامين من مرحلة إلى أخرى.
هذه الفروق الكبيرة جعلت رايان هورنبك يدقق في الأمر ويتقصى أسبابه..
النتيجة التي وصل لها كانت مثيرة للاهتمام للغاية...
أغلب هؤلاء الذين يلعبون اللعبة في الصين هم من جيل عاش التحولات اللاقتصادية التي مرت بها الصين...حيث المنافسة الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة، وحيث الكل يريد ان يبرز ويثبت ذاته...أغلبهم كانوا نتاج سياسة الطفل الواحد التي بدأت منذ 1970 ولم تنته رسميا إلا قبل عامين فقط حيث كان يمنع على أي زوجين في الصين إنجاب أكثر من طفل واحد، أي أنهم كبروا في أسر دون أخوة يمكن مشاركتهم والتعلم على قيم المشاركة، كبر هؤلاء كأطفال وحيدين وكل منهم لديه أم وأب وأربع أجداد من الطرفين وهم يقولون لهذا الطفل أنه الأهم وأن عليه أن يثبت نجاحه وأن كل شيء متوقف على ما سيفعله ويجنيه..
أكثر من هذا: اليوم الدراسي في الصين طويل على نحو مجهد جدا، يوم طالب الابتدائية ينتهي في الخامسة مساء، و طالب المتوسطة في الساعة التاسعة مساء، وطالب الثانوية يغادر المدرسة في الحادية عشر مساء ( ما مجموعه 12 ساعة في اليوم لطالب الثانوية بعد حذف فترات الاستراحة بين الدروس!)..
في خضم كل هذا: ماذا يبقى للجانب الإنساني/ الشخصي/ الروحي من حياة الطالب، كيف يمكن له أن يتعاون أو يتعلم التعاون أو أن يشعر بروح الجماعة في هذا التنافس القاتل؟
لا يبقى أي شيء بالتأكيد...
لكن جاءت هذه اللعبة، وجاء الهوس بها ( لدرجة أن الحكومة الصينية تدخلت لتجعل هناك حدا أعلى لساعات لعب هذه اللعبة في اليوم)...جاءت اللعبة لأنها قدمت لهؤلاء عالما بديلا، عالما مختلفا عن جو التنافس المحموم / والبيروقراطية والقوانين الصارمة التي يعيشون فيها في العالم الواقعي..
في عالم هذه اللعبة، صار ممكنا لهم أن يشعروا أن ثمة عالم فيه قيم حق وخير ويساعد فيه الإنسان الإنسان دون مصلحة ..فقط من أجل إنسانيته..
باختصار : اللعبة تمكنت من أن تكون جسرا بين هؤلاء وبين القيم الأصلية للتراث الصيني أي القيم الكونفوشيوسية... بل وعكست جوعا عميقا عند هؤلاء إلى القيم الدينية في ابسط أشكالها..
د.أحمد خيري العمري
نشر في 01 تشرين الثاني 2017
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع