1463 مشاهدة
0
0
المنشور ليس بهدف جلد الذات ولا الحسرة المنتشرة خلف تقدم الهند العلمي وسط تراجع دول جوارها من المسلمين
أقمار الهند الصناعية!المنشور ليس بهدف جلد الذات ولا الحسرة المنتشرة خلف تقدم الهند العلمي وسط تراجع دول جوارها من المسلمين من أندونيسيا وماليزيا وحتى باكستان التي تشاطرها العرق والأرض والمناخ!
لماذا وصلت الهند إلى الفضاء بينما الدول المذكورة تخلفت عنها بكثير!
يشير البعض إلى أحد الفروق الجوهرية بين تلك الدول والهند، الإسلام! ويستغلون تلك النقطة لتوجيه أصابع الاتهام للدين الذي يبقي هذه الشعوب غارقة بالوهم والخرافات على حد زعمهم!
أسئلة كهذه، التفكر فيها واجب، بل مسؤولية، ولطالما كان التفكر عبادة، ونكتفي عادةً برفض الطرح دون أن نمتلك شجاعةً للتفكر والبحث بالسبب والحجة التي يمكننا الرد بها على أي شخص حيادي يسأل بحثاً عن الإجابة!
إبان الاستعمار البريطاني للهند، رضخت شبه القارة بالكامل للمستعمر الجديد، وتوقف العمل المسلح ضدهم في معظم الأرجاء ماعدا مناطق المسلمين بشكل خاص!
(لا أتنكر لغاندي ولكن تركيزنا على هذه الجزئئة)
وذكر أحمد ديدات رحمه الله قصة مع ملاحظة هامة
المسلم يدافع عن أرضه بضراوة، فلديه مفهوم الشهادة وعظيم مكانها وأجرها والدفاع عن الأرض والعرض مقدس! كما أن التسليم لمستعمر خارجي غير مسلم مرفوض قطعياً لدى المسلمين
حارب البريطانيون أهالي تلك المناطق ونكلوا بهم، ولكن المقاومة بقيت مستمرة، إلى أن تفطنوا إلى تلك النقطة، فدعوا أحد أكبر شيوخ المسلمين لمناظرة! وعلموا أن كسره سيكسر الأهالي كافةً، رفض الشيخ المناظرة مراراً ومن ثم قبل بها! وحاججهم ولم يستطيعوا النيل منه، واحتفل به الأهالي واستمرت مقاومتهم
هذه المنظومة الجهادية التي تقدّس الأرض وتقدّس الدفاع عن العرض، وترفض وصاية غير المسلم كتبت للمسلمين النجاة بأحلك الظروف، وعظيم أجر الصبر كتب لهم الصمود ضد أصعب التحديات، ولذلك فشل رهان الإسرائيليين على سقوط حق الفلسطينيين بأرضهم مع الزمن! ولن يسقط هذا الحق ولو بعد ألف عام ولن ينساه الناس!
تلك العقلية التي كتبت للمسلمين النجاة، هي تصلح للنجاة، ولكنها تحتاج لهامش من المرونة بعد النجاة
يسوّق البعض إلى أن الغرب يحارب الدول المسلمة في شرق آسيا ككل وممنوع عليها التطور والتقدم ويجب عليها أن تبقى متخلفة وهذا هو السبب الحقيقي لتراجع تلك الدول مقارنة بكوريا والهند
هذه الفرضية شائكة، تحتمل الصحة في جوانب وتحتمل الخطأ في أخرى، فباكستان ليدها سلاح نووي! وماليزيا بدأت بتصنيع السيارات وتصديرها ورفضت قرض البنك الدولي إثر الأزمة الاقتصادية الخانقة
فما الجواب إذاً؟ وما سبب تراجع تلك الدول مقارنةً بدول الجوار؟
من الواضح أننا في زمان تحتاج فيه الدول الصغرى والمتوسطة إلى عرّاب من الدول الكبرى يكفلها ويساندها بناءً على تبادل مصالح مادي بحت، ولا يخفى على أحد التبعية الهندية لبريطانيا حتى بعد جلائهم عن البلاد
وكذلك فعلت جنوب إفريقيا، كما توجهت كوريا الجنوبية وتايلاند للوصاية الأمريكية
الشعوب المسلمة ترفض وبشكل قاطع أي شكل من أشكال الانفتاح والتعامل مع دول سبق وأوغلت بدماء المسلمين فما بالك بدول لاتزال موغلة بتلك الدماء كالولايات المتحدة مثلاً
بينما تجاوز اليابانيون حدثاً كقنبلة نووية ألقاها الأمريكان، ونسوا الحادثة تحت شعار "الانشغال بإنقاذ من بقى خير من الانشغال بالانتقام لمن قضى"
وهذا أمر شبه مستحيل قبوله! ولكن دولاً أخرى فعلت شيئاً مشابهاً ولو بدرجة أقل بكثير للصعود، على الأقل قدموا ضمانات لمصالح إحدى الدول الكبرى بمقابل هامش من التحرك والحرية
باكستان فعلت شيئاً مشابهاً بتقديم العون الكامل لأمريكا بمحاربتها لما تسميه الإرهاب بالمقابل حصلت على فرصة تطوير السلاح النووي لإيقاف التهديد الهندي على حدودها، ومن ثم أقامت باكستان برلماناً حقيقياً يملك الحل والربط بكثير من الأمور عكس برلماناتنا العربية
وبينما ينظر الهنود لحكومتهم بعين التقدير لمجهوداتها، ينظر المسلمون بعين الخيانة للحكومة الباكستانية لتواطئها مع الأمريكان!
رغم أن الدول الإسلامية مفرّقة وممزقة، إلا أن مفهوم الأمة موجود في العقول، ويتم شحن القضايا عبر الهوية الإسلامية، فلا يقبل الشعب الماليزي مثلاً علاقة تجارية مع إسرائيل رغم بعد المسافة وعدم وجود أي مشكلة إسرائيلية ماليزية، ولكن الهوية الإسلامية أقوى من الهوية القومية في بلادنا كافةً
فماذا إذاً؟ وإلى ماذا يدعو المنشور هنا؟
لايدعو إلى شيئ مطلقاً ولا يدعو إلى تطبيع ولا إلى تبعية أمريكية أو فرنسية أو بريطانية! وإنما يحاول تقديم تفسير متزن لسبب تقدم الهند علمياً على باكستان!
الهند ورائها بريطانيا كحليف قوي.... ولا تملك تلك الدول حليفاً، لأسباب عدة منها ما تم ذكره هنا
وهذا التفسير يحتمل الخطأ والصواب!
----------
على الهامش
يقف اليوم على حدود بلد عربي مسلم مئات الجرحى طلباً للدخول للعلاج، نسأل الله أن يتولاهم
نشر في 16 شباط 2017