988 مشاهدة
0
0
إن مصارعهم أدمت قلوب المؤمنين فى كل عصر ومصر، ولعلنا نتعلم من تاريخهم ألا نأمن لأعداء الله، وأن نجعل دولة الحق وراء سياج من الحذر واليقظة، من كتاب الحق المر
كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [621] : مقتل الخلفاء
فى كوم الأسئلة التى وجدتها أمامى بعد انتهاء محاضرتى، سؤال استوقف انتباهى لأ نه يحمل تشكيكا واتهاما للعصر الإسلامى الأول، أعنى دولة الخلافة الراشدة، يقول: أين الرضا واستقرار الحكم وتأييد الجماهير إذا كان ثلاثة من الخلفاء قد ماتوا قتلى؟
أدركت أن السائل تأثر بالحملات التى يشنها الغزو الثقافى على الإسلام وتاريخه كله!
قلت: إن دولة الخلافة قامت بعد زوال المستعمرات المسلحة التى أقامها اليهود فى جزيرة العرب، وبعد زوال الجبروت الفارسى ومصرع آخر الأكاسرة، وبعد فرار الرومان من أرضين ظلوا بها أكثر من ستة قرون، وتركهم للشام وما وراءه، ومصر وما وراءها فى أعقاب هزائم رهيبة..
والغريب أن الفرس والروم واليهود كانوا يحيون داخل جزيرة العرب حياة عادية، ومن اليسير تحت رداء الإسلام أن يخفوا عداوتهم للدين الذى قضى عليهم، وللدولة التى قامت باسمه !!
هل كان هؤلاء الموتورون يحيون بصدور سليمة؟ ويعيشون رعايا طيبين؟ ولا أدرى لماذا أحسنا الظن بهم؟ ولم نحسن الحيطة منهم؟ وكيف يستريح الخليفة إلى الذهاب إلى المسجد من قبل صلاة الفجر إلى ما بعد العشاء، لا حارس له فى طرقات المدينة أو داخل المسجد، والأعداء الأخفياء كثيرون؟
إنها طيبة مثالية خطيرة، كانت لها نتائجها الوخيمة! ثم لماذا لم يكن للدولة جهاز مخابرات ذكى ينظر بدهاء إلى حاضر الأمة ومستقبلها، ويرصد أعداء الأمس حتى إذا بيت أحدهم شرا أطفأ النار قبل اندلاعها..
أليس من المضحك المبكى أن يقول "كعب الأحبار" لعمر إننى أجد مقتلك فى التوراة!
إن هذه الفلتة على لسان "كعب " فضحت التأمر على الخليفة الثانى الذى تم بين رجال من الفرس واليهود والدهماء كما ذكر التاريخ بعد فوات الأوان، ومما يستحق التأمل أن "كعبا" إلى يومنا هذا يعد من المحدثين!!
ومن العجائب أن يذهب "سعد بن عبادة" ضحية مؤامرة لإثارة الشقاق بين الأنصار والمهاجرين، ثم يقال: إن الجن هى التى قتلته!!
وترقب مجىء الوفود إلى المدينة لقتل عثمان، فتسأل: من حرسهم؟ ومن رسم الخطة لهم؟ ومن صحبهم فى فوضاهم حتى مقتل الخليفة الثالث؟ أكان للدولة جهاز مخابرات يدرى ما هنالك؟
إن أعداء الظلام حبكوا الفتن لضرب الإسلام فى صميمه، ورجال الدولة الإسلامية يعيشون فى عالم المثل مشغولين بالعبادة، والجهاد فى وضح النهار وتحت أشعة الشمس.
إن التاريخ البشرى لم يعرف حاكما أعدل من عمر، ولا أنبل من عثمان، ولا أطهر من على وجماهير المسلمين تعرف هؤلاء الرجال على أنهم أئمة هداة، وأعلام فى طريق الحق، وما ينحرف عنهم إلا شقى!
إن مصارعهم أدمت قلوب المؤمنين فى كل عصر ومصر، ولعلنا نتعلم من تاريخهم ألا نأمن لأعداء الله، وأن نجعل دولة الحق وراء سياج من الحذر واليقظة.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج5
نشر في 08 تشرين الأول 2018